وزارة التربية أكّدت اتخاذ إجراءات لعلاج المشكلة

«الأسرة والمعلّم وقوانين المدرســة» محفّزات للسلوك العدواني بين الطـــلبة

كشفت دراسة تربوية حديثة أن أساليب بعض المعلمين، وبعض القوانين المدرسية، وطرق تعامل الإدارة المدرسية مع الطلاب، تمثل عوامل محفزة على السّلوك العدواني داخل البناء المدرسي.

واعتبرت الدراسة أن هذه العوامل تتضامن مع عوامل أخرى موجودة خارج جدران المدرسة، مثل التفكك الأسري، لدفع الطالب إلى التعبير غير الإيجابي عمّا يحتقن داخله من مشاعر الغضب.

ومن جانبها، قالت وزارة التربية إنها اتخذت إجراءات عدة، من شأنها معالجة المشكلة، والقضاء عليها، منها تنفيذ برنامج تدريبي للاختصاصيين النفسيين على مدار ثلاث سنوات، حول المظاهر السلوكية السلبية في المجتمع المدرسيّ، وطرق التعامل معها، إضافة إلى إتاحة خدمات إرشادية وتوعوية للطلاب والآباء، مؤكدة ضرورة وجود اختصاصي نفسي في كل مدرسة.

وتفصيلاً، ميزت الدراسة التي أجراها فريق من الأساتذة في جامعة الإمارات، بين العنف في المدارس والسلوك المهيئ له، شارحة أن «العنف بين الطلاب لم يصل بعد إلى حدّ الظاهرة، وفقاً للمعايير العلمية، فأحداثه غير متكررة، وليست ممتدة على فترة زمنية طويلة، إلا أن السّلوك العدوانيّ المهيئ له منتشر بكثرة».

وتابعت أن «التفكك الأسري وأساليب معاملة الوالدين الخاطئة، سواء كانت قسوة او تدليلاً زائداً، أحد أهم العوامل المحفزة على العنف بين الطلاب» مؤكدة ضرورة نشر ثقافة مضادة للعنف على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع.

وبينت نتائج الدراسة أن «أكثر أنواع العنف انتشاراً بين الطلبة في المدارس، هو العنف اللفظي، تليه العدائية، ثم الغضب، والشجار، وإلقاء النفايات في المدرسة، بينما تقلّ مظاهر العنف الجنسيّ.

كما أن الوسائل المستخدمة في العنف بين الطلاب الذكور تتمثل في الأيدي والأرجل والأدوات المدرسية، ثم الأدوات الجارحة والسلاح الأبيض والاستيلاء على أشياء الآخرين، والأدوات الصاعقة، وإثارة الشغب في المدرسة.

أما لدى الطالبات، فتتمثل مظاهر العنف في المشاجرات والاستفزاز، وتحطيم محتويات الصفّ وتخريب الحمّامات واحتقار بعضهن بعضاً، والسّخرية، وتمزيق الممتلكات الخاصة، وتخريب الوسائل التعليمية.

وأشارت الدراسة إلى وجود ارتباط بين العنف والمشكلات المتعلقة بالتحصيل الدراسي والمشكلات النفسية والاجتماعية، وكذلك بين العنف والعمر، خصوصاً في ما يتعلق بالعنف الجنسيّ والعنف الموجّه نحو الذات.

وحول أهم العوامل المحفزة على السّلوك العدواني بين الطلاب، بينت الدراسة أنها تتمثل في التفكك الأسري، وتفرقة الوالدين في المعاملة بين الأبناء، إضافة إلى الرسوب وانخفاض التحصيل الدراسي، وسلوكيات بعض المعلمين، والقوانين المدرسية، وأساليب تعامل الإدارة المدرسية مع الطلاب، وكراهية بعض المواد الدراسية، وعجز المدارس عن القيام بالدور التربوي الإرشادي للطلبة. وتبعاً للدراسة، تأتي أساليب الاستفزاز التي يتعرض لها الطالب، مثل تعرضه للسبّ والشتم له ولوالديه، ضمن العوامل المحفزة على العنف في المدارس، إضافة إلى شعور بعض الطلاب بحالات من القلق والتوتر ومشاعر الذنب وانخفاض تقدير الذات، والشعور بالعداء نحو الآخرين، وعدم التعاطف معهم، وتعرض هذه الفئة إلى تكرار تعرضهم لحالات ونوبات من الغضب، فضلاً عن تأثير الأصدقاء في اتخاذ القرارات المؤدية إلى استمرار سلوك العنف، وتورّط عدد منهم في مشكلات قانونية سابقة.

وخلصت الدراسة إلى توصيات عدة لعلاج تلك المشكلة، تتمثل في توعية الطلبة في المدارس بمضار العنف وعواقبه، ونشر ثقافة مضادة له على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع، وتصميم برامج توعوية طويلة المدى، تتسم بالحداثة والتجديد، وتفعيل دور الإرشاد الأسري للحدّ من المشكلات الأسرية التي تساعد على تأجيج السلوك العدوانيّ لدى الأبناء.

وطالبت الدراسة برفع مستوى الوعي لدى الآباء بأهمية التعامل السّوي مع الأبناء وطرائق التربية الصحيحة، وتطوير مهارات الاختصاصيين الاجتماعيين في المدارس حول كيفية التعامل مع السلوك العنيف، إضافة إلى أهمية وجود اختصاصي نفسي في كل مدرسة، حتى لا تتشتت جهوده بين مجموعة من المدارس.

وشددت على ضرورة أن تكون الخدمات النفسية والإرشادية جزءاً من العملية التعليمية، وتوفير الكوادر البشرية اللازمة لذلك، وتوفير قواعد ثابتة في التعامل مع سلوك الطلبة، من خلال مرجعيات مقننة ومحددة وقوانين ولوائح، إضافة إلى الاهتمام بجوانب النشاط المدرسيّ، خصوصاً لطلاب المرحلة الثانوية، لاستغلال طاقاتهم، وألا يقتصر دور المعلم على النواحي التعليمية فقط، بل يتعداه إلى الاهتمام بالمشكلات المدرسية والمساهمة في حلّها.

وأكدت الدراسة ضرورة تطوير الخدمات المدرسية، وأداء إداراتها بما يتواكب مع احتياجات الطلبة وميولهم واستعداداتهم، والاهتمام بتطوير البيئة المادية للمدرسة من مبانٍ وخدمات وقاعات أنشطة، وضرورة إيجاد علاقة تشاركية فاعلة مع الأسرة.

وأشارت إلى ضرورة مساهمة وسائل الإعلام في توعية الأسر والجمهور بأهمية مشكلة العنف والسلوك العدواني، وقيام وزارة التربية ومجلس أبوظبي للتعليم بالمراجعة الدورية لطرق اختيار المعلمين وتأهيلهم تربوياً للقيام بأدوارهم التربوية، وليس الاقتصار على الدور التعليمي فقط، وضرورة تواصل إدارات الوزارة مع الميدان التربوي بمختلف الوسائل، لتقديم الدعم الفني في مواجهة مثل تلك السلوكيات السلبية، وإجراء دراسات وأبحاث حول مشكلة العنف في المدارس.

وبناء على توصيات الدراسة، اتخذت وزارة التربية والتعليم من خلال إدارة الإرشاد الطلابي إجراءات عدة وتدابير متماشية مع ما أوردته الدراسة، إذ تبنت مبادرتين لدراسة نسبة المترددين الفاعلين على المدارس، ونسبة مجالس الآباء المتفاعلة، وسبقهما مشروع لتوثيق العلاقة بين البيت والمدرسة ومؤسسات المجتمع.

كما أصدرت الوزارة لائحة الانضباط السلوكيّ للطلبة في المجتمع المدرسيّ، وإعداد دليل المدرسة في إجراءات التعامل مع مواقف ومشكلات الطلبة، ودليل الطالب السلوكيّ لمختلف المراحل التعليمية، الذي صدر أخيراً.

وعملت على تأهيل الاختصاصيين الاجتماعيين، من خلال تنفيذ برنامج تدريبي لهم على مدار ثلاث سنوات، حول المظاهر السلوكية السلبية في المجتمع المدرسيّ، وطرق التعامل معها، إضافة إلى عدد من الخدمات الإرشادية والتوعوية للطلاب والآباء.

واقترحت إدارة الإرشاد الطلابي في وزارة التربية والتعليم ضرورة تزويد المدارس بالأعداد اللازمة من الاختصاصيين الاجتماعيين، وضرورة وجود اختصاصي نفسي في كل مدرسة، وتوجيه المناطق التعليمية بضرورة إعداد قواعد بيانات بحالات السلوك العدواني والعنف من خلال مدارسها وإعداد بحوث ودراسات لمعرفة الأسباب وطرق الوقاية.

تويتر