‏‏‏«التعليم العالي» تؤكد أن السبب نقص الكوادر البشرية والإمكانات التقنية

ندرة برامج الدكتوراه في جـامعات الدولة تعيق التنمية‏

أكاديميون يطالبون بتوفير برامج الدكتوراه في مختلف التخصصات. تصوير: إريك أرازاس

‏أكد أكاديميون وأعضاء في المجلس الوطني الاتحادي أن ندرة برامج الدكتوراه في جامعات الدولة تعيق تحقيق التنمية، مطالبين بتوفير جميع برامج الدكتوراه في مختلف جامعات الدولة، لما لها من أهمية قصوى في تحقيق طموحات الطلاب وتطوير مهاراتهم وتنمية روح الإبداع والابتكار لديهم، بما يمكنهم من مواصلة دراستهم العليا، إضافة إلى مزاولة أعمالهم ورعاية أسرهم من دون الحاجة إلى السفر والاغتراب، وهو ما يترتب عليه إنفاق مبالغ طائلة.

ولفتوا إلى أن «الدولة في حاجة إلى كوادر مواطنة مؤهلة تعليميًا لأعلى درجة في التخصصات كافة لمواصلة مسيرة النمو»، متسائلين عن الأسباب التي تعوق وجود كل التخصصات والبرامج لإتاحة الفرصة أمام طلاب الماجستير والدكتوراه لدراسة تخصصاتهم داخل جامعات الدولة.

من جهته، قال مدير هيئة الاعتماد الأكاديمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور محمد بدر الدين أبوالعلا، إن مراحل الدراسات العليا تحتاج إلى استعدادات وإمكانات خاصة، سواء بشرية من أعضاء هيئة تدريس ذوي نشاط بحثي متميز، أو تقنية من تجهيزات بحثية وخصوصًا في برامج العلوم التطبيقية مثل العلوم الهندسية والطبية.

وتفصيلاً، أكد عضو المجلس الوطني الاتحادي، راشد محمد خلفان الشريقي، أنه لا يرى عائقاً في إدخال برامج الدكتوراه إلى جامعات الدولة وفي مختلف التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، لافتًا إلى أن «الجامعات لا ينقصها شيء، إنما تحتاج إلى قرار للبدء بإدراج برامج الدكتوراه داخلها».

وطالب الشريقي بضرورة توافر برامج الدكتوراه في مختلف التخصصات داخل الدولة، ما يساعد الطلبة والطالبات ويشجعهم على الاستمرار في التعليم وتنمية مهاراتهم وقدراتهم ويحقق طموحاتهم، كما يوفر عليهم مشقة السفر والبعد عن الأهل والعمل، إذ إنه في هذه الحال يستطيع الطلاب الجمع بين العمل والدراسة داخل الدولة، إضافة إلى رعاية أسرهم، لافتاً إلى أن «هذا ينعكس إيجابياً على تنمية روح الإبداع والابتكار لدى الطلاب ويرفع من أدائهم الوظيفي، ما يعود بالنفع على المجتمع بأكمله».

واستغرب عضو المجلس الوطني الاتحادي خليفة بن هويدن الكتبي، من عدم وجود فرص متوافرة لتدريس برامج الدكتوراه داخل جامعات الدولة خصوصاً أنها تمتلك جامعات تعد الأكفأ على مستوى منطقة الخليج، لافتا إلى أنه لو توافرت برامج دكتوراه في تخصصات عدة فإنها ستشهد إقبالاً وطلباً كبيرين من قبل الطلاب عليها خصوصاً تخصصات إدارة الأعمال والقانون والمحاسبة والهندسة والطب وغيرها من التخصصات المرغوبة من قبل الطلاب والمطلوبة في سوق العمل، مطالبا بإدخال برامج دكتوراه في هذه التخصصات تلبية لرغبات الطلاب من أجل تحقيق طموحاتهم ورفع مشقة السفر وفرقة الأهل عنهم.

وأكد عضو المجلس الوطني الاتحادي، أحمد محمد الخاطري، أن ضعف الإنفاق على البحث العلمي في العالم العربي وقلة موازنات البحث العلمي هما اللذان يؤديان إلى ندرة تخصصات الدكتوراه في الجامعات المختلفة، لافتاً إلى أن «الدولة في حاجة إلى مزيد من الإنفاق على البحث العلمي وإلى إدارات جيدة تشرف على تطوير البحث العلمي بكفاءة»، مؤكداً أهمية التحرك لوضع خطط لتطوير التعليم العالي بما فيه من جامعات حكومية وخاصة ووضعه في مساره السليم، متسائلاً عن أسباب دراسة بعض الطلاب الدراسات العليا في جامعات خارج الدولة في تخصصات موجودة بالفعل داخل الجامعات المحلية؟

ومن جهته، قال مدير جامعة الحصن في أبوظبي الدكتور عبدالرحيم صابوني، إن الفرص المتاحة لخريجي الجامعات في الإمارات للحصول على درجات عليا في الدولة محدودة، وعدد الملتحقين بهذه البرامج قليل، لافتاً إلى أن هذا شيء مفهوم إذا وضعنا في الاعتبار حداثة تكوين نظام التعليم العالي كله.

وأفاد مدير جامعة أبوظبي الدكتور نبيل إبراهيم، بأن «ندرة برامج وتخصصات الدكتوراه في جامعات الدولة يرجع إلى قصور من الجامعات نفسها، إذ إن توافر برامج الماجستير والدكتوراه فيها شيء أساسي لمستقبل الدولة والمنطقة، لافتا إلى أن العالم كله يتجه الآن نحو اقتصاد المعرفة».

وأضاف أن هناك 900 طالب دراسات عليا في الجامعة، بحيث يتم تخريج اكثر من 300 طالب سنويا في تخصصات لها عائد مالي كبير في مجال العمل، موضحا أن «جامعة أبوظبي تهتم حاليا بالدراسات العليا وتعتبر من أكثر جامعات الدولة التي تخرج طلاب حاصلين على درجة الماجستير، كما أنها من أولى الجامعات التي تطرح برامج الدكتوراه مع جامعة الإمارات، مؤكدا أن تكاليف الدراسة في الجامعة تعد من اقل التكاليف بين جامعات الدولة، وأنها تطرح برامج دراسات عليا مشتركة مع جامعات خارجية بحيث تضمن ارتفاع المستوى وجودة التعليم في هذه البرامج».

وأوضح إبراهيم أن عدد الطلاب المواطنين الدارسين في الجامعة يبلغ 2000 طالب يشكلون نصف طلاب الجامعة في مرحلة البكالوريوس، مضيفاً أن هناك 900 طالب يدرسون الدراسات العليا بينهم 550 طالباً مواطناً، بنسبة 70٪ من الطلاب، لافتا إلى أن «برامج الدكتوراه ضرورة ملحة، وأن ما يمنع وجود هذه البرامج في جامعات الدولة هو قلة عدد الطلاب الذين يقبلون على دراسة الدكتوراه في التخصصات المختلفة، لافتا إلى أنه لا توجد مشكلة في توافر أساتذة برامج الدكتوراه». وقال إبراهيم إن بعض طلاب الماجستير يفضلون الدراسة في الخارج، إما بسبب تكاليف الدراسة أو ارتفاع مستوى التعليم في الجامعات الأجنبية، لافتا إلى أن مستوى التعليم داخل الدولة ممتاز أيضاً، ولكن ندرة التخصصات هي المشكلة التي تقف عائقا أمام تحقيق طموحات الطلاب في الالتحاق بما يرغبون من تخصصات.

من جانبه، أوضح مدير هيئة الاعتماد الأكاديمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور محمد بدر الدين أبوالعلا، أنه غالباً ما تطرح الجامعات برامج الدراسات العليا بعد أن تصل إلى مرحلة من النضج في عملها وعلى سبيل المثال، فإن جامعة الإمارات وهي الأقدم والأكبر في الدولة بدأت في طرح برامج الدكتوراه هذا العام الجامعي بعد مرور ما يزيد على 28 عاما على إنشائها.

وأشار إلى أنه من المتوقع أن تكون هناك مراكز بحثية داخل مؤسسات التعليم العالي تركز على بعض المجالات أو التخصصات وهي سمة التعليم العالي عموماً، فليس من الضروري أن تكون كل جامعة بمثابة جامعة شاملة فيها كل التخصصات، لافتا إلى أن الوزارة وضعت ضوابط ومعايير لجودة البرامج الأكاديمية على مستوى الدراسات العليا وهو أمر حيوي لضمان جودة محتوى ومخرجات هذه البرامج.‏

تويتر