متهمة بالتسبب في شلل رضيعة أثناء الولادة

«الاتحادية العليا» تنقض حكماً يدين طبيبة بخطأ طبي

«الاتحادية العليا» أيدت طعن الطبيبة في حكم «الاستئناف». تصوير: إريك أرازاس

نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى بإدانة طبيبة نساء وتغريمها 1000 درهم، بتهمة التسبب في شلل رضيعة أثناء عملية الولادة، مؤكدة في حيثيات الحكم أن الحكم لم يبين ماهية الإهمال المنسوب إلى الطبيبة.

وقالت الطبيبة إن «الأم هي المسؤولة عما آلت إليه حالة طفلتها، نتيجة عدم الاستجابة لتعليماتها بتنويمها داخل المستشفى، وأخفت عنها حالتها الصحية من كونها أماً لثلاثة أطفال، وتعرضت لصعوبة في الولادتين السابقتين، والأخيرة منهما تعرضت مولودتها للضرر الآني نفسه، وأنها مريضة بداء السكري الذي يستدعي توليدها ولادة قيصرية وليست طبيعية، والذي وقع التدليل عليه بإقرارها أثناء التحقيقات».

وأحالت النيابة العامة الطبيبة التي تعمل في أحد مستشفيات الدولة إلى المحاكمة، موجهة إليها أنها تسببت بخطئها في تعرض مولودة لعاهة مستديمة، قدرت نسبة العجز لديها بـ60% من القدرات الوظيفية الأصلية للطرف العلوي الأيسر، وطلبت معاقبتها.

وقضت المحكمة الابتدائية حضورياً بتغريم الطبيبة مبلغ 2000 درهم، ولم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطبيبة، واستأنفت الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بتعديل العقوبة إلى غرامة 1000 درهم، ولم ترض الطبيبة بهذا القضاء، فطعنت عليه بالنقض، مبينة أن تقرير اللجنة الطبية جاء مناقضاً، وانتهى إلى وجود إهمال من طرف الطبيبة دون تقصي الأحداث والتحقق منها وتمحيصها، ووقائع العملية، ورفض الشاكية تنويمها في المستشفى قبل العملية، وتحديدها نسبة العجز الجزائي الدائم اللاحق بالمولودة دون الكشف عنها، كما أنها لم تقدم رأيها بوجود خطأ طبي من عدمه، وسببه، والأضرار المترتبة عنه، والعلاقة السببية بينهما، إن وجد خطأ بالفعل، وقدمت الطبيبة اعتراضاتها على تقرير اللجنة، ودفعت ببطلان تشكيل اللجنة.

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن الطبيبة، موضحة في الحيثيات أنه «يشترط في أسباب الحكم أن تكون مستمدة من أوراق الدعوى، ومستخلصة منها استخلاصاً سائغاً، ومن شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، بحيث يبين منها أن المحكمة قد محصت الدفوع الجوهرية للخصوم والأدلة التي قدموها إليها فحصاً كافياً، وخلصت إلى نتيجة بأسباب متماسكة التدليل غير نَاقِصةٍ أو مبهمة».

وأشارت إلى أن «تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية الصادر عن ثمانية أطباء، لم يقطع بوجه ينتفي معه الشك عن الخطأ الطبي، ولم يفصح عن الإجراءات اللازمة المتبعة أثناء الولادة لتفادي حدوث ضعف الساعد الأيسر أو التقليل من حدوثه، وإنما أحال إلى الطبيبة المولدة لتعرض عليهم ما هو التدخل الطبي اللازم والإجراءات المتعارف عليها للتقليل من المضاعفات المصاحبة لاحتجاز الكتف أثناء الولادة، وهو ما لا يتلاءم وتحقيق المسألة الفنية البحثية التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لتقدير الخطأ المستوجب المسؤولية، لما هو مقرر من أن مسؤولية الطبيب لابد فيها من بيان ماهية الإهمال وخطأه وتقصيره وعدم تحرزه في أدائه».

وكان حكم الاستئناف عول على تقرير اللجنة، على الرغم من نواقصه، ولم يفطن لدلالة أوجه الدفاع التي أثيرت أمامه، والتي تصب كلها في عدم توضيح الخطأ الموجب للمسؤولية وخطأ الأم المشتكية بإقرارها في التحقيقات ومدى تأثيره على تكييف الواقعة، ولم يرد عليها، على الرغم من ما قد يكون لها من تأثير يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وعطلت المحكمة سلطتها في تقدير الدليل المطروح أمامها، وعن ممارسة حقها في تمحيص واقعة الدعوى وأدلتها لإظهار وجه الحقيقة فيها، إذ كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيق أوجه الدفاع بلوغاً لغاية الأمر فيه، ولما لم تفعل يكون حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وهو ما يوجب نقضه.

تويتر