آراء

مائدة التسامح

جلست يوماً أتابع إعداد مائدة الطعام، وتزيينها بأطباق تحوي ما لذّ وطاب من نكهات متنوعة، وطعوم مختلفة، إذ تجد على مائدة الأسرة الإماراتية طبق البرياني الهندي يتكئ على حافة المعكرونة والبيتزا الإيطاليتين، ويأتي مكان المنسف الأردني قريباً من المحاشي التركية، ولا بأس من بعض مناقيش بلاد الشام تستريح إلى جانب طبق الكشري المصري وقليل من التاكو المكسيكي، هذا إضافة إلى طعامنا المحلي من البلاليط والمجبوس والثريد، هذه هي أمثلة للذكر لا للحصر. ما أجملها من مائدة احتوت طعاماً من كل قارات العالم، وكأن لسان حال المائدة يقول مرحباً بكم في مائدة التسامح في بلد التسامح، دولة الإمارات العربية المتحدة.

التسامح يعني التخلي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين لأي سبب قد حدث في الماضي.

إنك لو قُدّر لك ودعيت أو حضرت مائدة في غير دولة الإمارات فلن تجد هذا التنوع الثقافي بين مختلف بقاع العالم، الذي يشعرك وكأنك في رواق ثقافي رائع، فالموائد بالنسبة للدول الأخرى تكون في معظمها مأكولات من أصناف متنوعة من الدولة ذاتها.

إن هذه الظاهرة ترجمة حقيقية لتقبلنا واحترامنا لثقافة الآخرين، وترجمة صادقة للتسامح الذي تكنه الدولة للجميع، فدولتنا عالم صغير يختزل العالم الكبير، ويضم معظم جنسيات العالم، الذين ينتمون إلى أعراق وأديان ومذاهب دينية متنوعة. والخطوة التي قامت بها الدولة من خلال جعلها للتسامح وزارة في تشكيلها الوزاري الثاني عشر، الذي صدر في فبراير 2016، ما هو إلا تعبير صادق عن أنها تفتح أحضانها للجميع، إنها دولة تسع الجميع وتتسع لهم.

إن التسامح يعني التخلي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين، لأي سبب قد حدث في الماضي، وهو رغبة قوية في أن نفتح أعيننا لرؤية مزايا الناس، بدلاً من أن نحكم عليهم ونحاكمهم أو ندين أحداً منهم، فمن عاشر الناس بالمسامحة زاد استمتاعه بحياته بينهم. ويعد التسامح مطلوباً أكثر في مجتمعاتٍ تتميز باختلاط أجناسها وجنسياتها وتعدد أديانها، فالمختلف عني ليس بالضرورة غريباً أو غبياً، أو مدعاة للسخرية والكراهية منذ اللحظة الأولى، فخُلُقُ الاحترام مطلوب في كل الديانات السماوية، كما أن العنصري الذي اختار العزلة والابتعاد ضيّع على نفسه فرصة التعرف إلى مزاياهم الجميلة، والتي قد تغير الكثير في حياته، وتترك أثرها الإيجابي على الفرد نفسياً وصحياً، متزنة ومتصالحة مع ذاتها ومع الآخرين، لا تعرف الحقد أو الغضب أو العنف، ما يعود على المجتمع بالخير من خلال تماسكه وتجنيبه كل أشكال الصراعات والاضطرابات التي قد تفتك بأفراده.

الخاتمة: نحن لا نلعب لعبة الكراسي الموسيقية، يبقى فيها فائز واحد، ولكننا في دولة تقول للجميع بلسان شعبها المتسامح: مرحباً بكم في دولة الإمارات العربية.

تويتر