آراء

الحقوق المشتركة بين الزوجين (2-2)

من موجبات الوفاء بعقد النكاح بين الزوجين حرمة المصاهرة، فيحرم على الزوج التزوج بأصول زوجته وفروعها، كما يحرم عليها التزوج بأصوله وفروعه، والمحرمات من النساء بسبب المصاهرة أربع، الأولى: بنت الزوجة، وهي المسماة «الربيبة»، وهي التي تربت في حجر زوج أمها، وأيضاً بنات أولادهن، وإن نزلن، والثانية: أم الزوج، وأم ابنها أو أم الزوجة وجدتها من قبل أبيها أو أمها، وإن علون نسباً ورضاعة، سواء دخل العاقد بالزوجة أو لم يدخل، متى كان العقد صحيحاً عند الجمهور، والثالثة: زوجة الابن وابن الابن وإن نزل، سواء كان الابن صلباً أو من الرضاع، والرابعة: زوجة الأب والجد، وإن علا من نسب أو رضاع، لقوله تعالى: «ولا تنحكوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً». سورة النساء، الآية (22).

رابعاً: ثبوت التوارث بين الزوجين، فإن مات أحدهما أو ماتا أثناء قيام الزوجية أو خلال العدة من طلاق رجعي، فإن التوارث يثبت بينهما، وكذلك الحال بالنسبة للطلاق البائن، إذا أوقعه الزوج في مرض الموت ثم مات، فإن الزوجة ترثه، مادامت في العدة، عند الحنفية والمالكية والحنابلة.

وفي قانون الأحوال الشخصية الاتحادي أن الزوجة ترث زوجها إذا طلقها بائناً في مرض الموت، مادامت في العدة، وهذا ما أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة (141) «إذا توفي الزوج والمرأة في عدة الطلاق البائن أو الفسخ، فإنها تكملها، ولا تلتزم بعدة الوفاة إلا إذا كان الطلاق في مرض الموت، فتعتد بأبعد الأجلين»، «أما إذا وقع الطلاق البائن بسبب من الزوج خلال مرض موته فإن الطلاق في هذه الحالة يسمى طلاق الفار، أي فيه شبهة أنه أوقع البينونة فراراً من إرثها، فيرد عليه قصده، وترث منه، وتعتد في هذه الحالة بأبعد الأجلين»، ومعروف أن الزوج يرث نصف ما تترك الزوجة، إن لم يكن لها ولد منه، ويرث الربع إن كان لها ولد منه، وأن الزوجة ترث ربع ما ترك زوجها إن لم يترك منها ولد، وترث الثمن مما ترك إن كان له ولد منها.

خامساً: ثبوت النسب، فهو من الغايات السامية التي يصبو إليها الزواج، فالأولاد هم ثمرة الحياة الزوجية، فأوجبت الشريعة نسب كل فرد لأبيه، حتى لا تختلط الأنساب ويضيع الأولاد، فيتربون في ظل محبة وحنان وكفالة الأبوين، لقوله سبحانه وتعالى: «وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف». سورة البقرة، الآية (233)، وقد أمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، الآباء بأن ينسبوا أولادهم إليهم، ونهاهم عن إنكار أبوتهم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأشهاد».

فهذه الحقوق الزوجية، التي أضاعها كثير من الأزواج في هذا الزمان، إلا من رحم ربي، ولهذا كثرت المشكلات الزوجية، وكثر الطلاق، ألا فليتق الله تعالى كلُّ زوج في زوجته، وكل زوجة في زوجها.

ونسأل الله تعالى أن يملأ بيوت المسلمين حبًّا ومودة ورحمة وسعادة، وأن يوفق كل زوجين مسلمين لما يحبه ويرضاه، وأن يُسعدهما في الدنيا والآخرة، وأن يهب لهما ذُرية طيبة؛ إن ربي قريب مجيب سميع الدعاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تويتر