آراء

قانون «العودة للمجتمع»

يقول الله تعالى في محكم كتابه، في سورة يوسف «وما أبرّئ نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم»، ويوُصف الإنسان بأنه خطّاء، ولكن مع ذلك يبقى باب المغفرة مفتوحاً أمام التائبين.

عندما يرتكب الشخص جريمة أو يتعدى على حقوق الآخرين أو على المجتمع، يكون القانون والعدالة له بالمرصاد، وينال العقوبة التي خصصت للجرم مهما كان حجمها، فهو إنسان غير سوي في نظر القانون والمجتمع.

الإنسان غير السوي لا يستحق أن يكون مطلق الحرية بين أفراد المجتمع، كونه يشكل خطراً على غيره، وحتى على نفسه، ولكن كيف يصبح الإنسان سويّاً، ويعود للمجتمع حال تاب عن أفعاله، وعن ما بدر منه من سوء.

«التوبة» لا نعني بها هنا الجانب الديني، فتلك من شأن خالق الكون، وإنما نتحدث هنا عن التوبة في الجانب الدنيوي والحياة الاجتماعية وتبعاتها القانونية، فهناك الكثير من الأشخاص دخلوا السجن، وبعد خروجهم وجدوا أنفسهم منبوذين، ويقال عنهم «أصحاب سوابق».

هنا وقف المُشرع الإماراتي عند هذه القضية، ورغم أن القانون قضى على مرتكب الجريمة بالسجن أو الحبس، إلا أنه جعل له متنفساً يعود به إلى الحياة، هذا المتنفس يمكن أن نسميه بحق قانون «العودة للمجتمع»، وهو القانون الاتحادي رقم 36 لسنة 1992 في شأن رد الاعتبار.

كثيرون يجهلون وجوده، وبعد خروجهم من السجن يصعب عليهم العودة إلى المجتمع، فيختاروا مرة أخرى طريق الضلال، وتكون العواقب وخيمة، ولكن قانون رد الاعتبار يعيد لهم الحياة بشروط تضمن حقيقة صلاحهم.

هذا القانون أعطى المحكومين فسحة الأمل، ففي مادته الأولى ينص صراحة على أنه منه «يرد الاعتبار لكل محكوم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة وفقاً لأحكام القانون».

فسحة الأمل لا تُعطى لأي مدان في جريمة إلا بشروط، منها أن يكون الحكم بعقوبة جناية مضت خمس سنوات على تنفيذها أو العفو عنها، إلا إذا كان الحكم قد اعتبر المحكوم عليه عائداً أو كانت العقوبة قد سقطت بمضي المدة، فتكون المدة خمس سنوات.

كما يشترط القانون أن تكون العقوبة في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ونفذت تنفيذاً كاملاً أو صدر عنها عفو أو سقطت بمضي المدة، وأن تكون قد مضت من تاريخ انتهاء التنفيذ أو صدر العفو مدة سنتين إذا كانت عقوبة جناية، أو سنة واحدة إذا كانت العقوبة جنحة.

ويترتب على رد الاعتبار محو الحكم القاضي بالإدانة، وزوال ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية.

تويتر