آراء

جريمة إفشاء الأسرار

هي من الجرائم العمدية البسيطة، ويتمثل العلم فيها بأن يقوم الجاني بإفشاء السر وهو عالم أنه وصل إليه عن طريق مهنته أو حرفته أو وضعه، وأن صاحبه لا يرضى بإفشائه، ويجب أن تتجه إرادته بإعلام الغير به، لذلك ينتفي القصد الجنائي إذا حدث إفشاء عن إهمال أو عدم احتياط، كأن ينسى الأمين على السر الورقة التي تحوي السر في مكان ما، فيطلع عليها من تصادف وجوده في هذا المكان، وكذلك إذا كان الجاني يجهل أن ما يذيعه سراً.

«لا يجوز للمحامي أن يفشى سراً اؤتمن عليه، أو عرفه عن طريق مهنته، ما لم يكن الإفشاء من شأنه منع ارتكاب جريمة».

ونصت المادة 379 من قانون العقوبات الاتحادي على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين من كان بحكم مهنته أو حرفته أو وضعه أو فنه مستودع سر فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو استعمله لمنفعته الخاصة أو لمنفعة شخص آخر، وذلك ما لم يأذن صاحب الشأن في السر بإفشائه أو استعماله.

وبذلك تكون هذه الجريمة جنحة في فقرتها الأولى، ونظراً إلى أن القانون يحدد الجنح التي يعاقب على الشروع فيها، إلا أنه لم يرد بالقانون نص يعاقب على الشروع في هذه الجريمة، فهي إما أن تقع تامة أو لا تقع، وفي حالة وقوعها يستحق الجاني العقوبة المنصوص عليها في نص المادة المذكورة آنفاً.

وفي الظروف المشددة لهذه الجريمة نص المشرع الإماراتي في الفقرة الثانية من المادة 379/2 «تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة واستودع السر أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته أو خدمته».

وفي هذه الفقرة تكون الجريمة بصورتها المشددة جناية، ومن ثم يتصور فيها الشروع ويستحق الجاني نصف الحد الأقصى المقرر للجريمة، أو الحبس، وذلك تطبيقاً للمادة 35 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة.

وإذا كانت القاعدة العامة العقاب في إفشاء الأسرار في أحوال قليلة ورد بعضها في القانون وجوباً أو جوازاً، وبعضها الآخر مرجعه إلى رضا المجني عليه، وقد أكد ذلك نص المادة 379 بقولها: «فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً»، وذلك ما لم يأذن صاحب الشأن في السر بإفشائه أو استعماله.

أما الإفشاء الجوازي الذي أجاز المشرع فيه إفشاء السر والذي نصت عليه المادتان 41 و42 من القانون الاتحادي في شأن تنظيم مهنة المحاماة وقضت في المادة الثانية «لا يجوز للمحامي أن يفشى سرا اؤتمن عليه أو عرفه عن طريق مهنته، ما لم يكن الإفشاء من شأنه منع ارتكاب جريمة»

و أخيراً هو رضا صاحب السر بإفشائه، وهنا أيضاً تنتفي المسؤولية الجنائية إلا إذا كان صاحب السر مكرهاً أو غير مميز أو مصاباً بعاهة في العقل فلا عبرة برضائه.

تويتر