أصدقاء «يسهّلون» الموت

يؤلمنا سماع أن شاباً توفي جراء تعاطيه مواد مخدرة أخذها من صديقه، ويؤلمنا أن نسمع أن فتاة عربية «تسهّل» التعاطي لأصدقائها، ونود أن نقول لكل من يتعاطى، ويدخل هذا العالم المظلم، إن الجنان التي تبحثون عنها ما هي إلا «جنان من الموت» في عالم أسود.

كُتب كثيراً عن مخاطر المخدرات والعقوبات الصارمة على المتعاطين من جهة، وعلى المتاجرين من جهة أخرى، التي تصل إلى الإعدام، لكن هناك حلقة في هذه الجنة السوداء المظلمة، تتعلق بما يعرف قانوناً بـ«تسهيل» التعاطي.

ما يدفعني إلى الحديث عن مفهوم «التسهيل» قانوناً، أنه لفت نظري أن محكمة الجنايات في دبي نظرت قضيتين فيهما تهم تتعلق بـ«تسهيل» التعاطي بين أصدقاء يافعين، وكانت القضية الأولى قد انتهت بمأساة إنسانية عندما توفي شاب أثناء تعاطيه برفقة صديقة في سيارة.

وذكرت النيابة عن القضية أن أحد أصدقاء المتوفى هو من سهل له تعاطي جرعة من مخدر الهيروين، حيث أدت الجرعة، وكانت زائدة، إلى إنهاء حياته وشبابه مباشرة.

لا أحد يستطيع الوقوف أمام الموت عندما يحين وقته، لكن هناك أناساً يدفعون بأنفسهم تجاه الموت عند تعاطي المخدرات، بحثاً عن جنة أو كيف مزعوم، ونحن لا نريد لأبنائنا أن يقعوا ضحية إعطاء أصدقائهم لهم مواد مخدرة أو ما يعرف قانونا بـ«تسهيل» تعاطي.

أما القضية الثانية، التي لفتت نظري، فكانت لها علاقة بطالبة عربية، متهمة أمام المحكمة بتسهيل تعاطي مؤثر عقلي لمادة الكلونازيبام إلى أصدقائها، وقد تبين أن الطالبة أيضاً تتعاطى المخدرات.

المفجع في القضية أن «طالبة وفتاة عربية» دخلت هذا العالم، ولم نكن نسمع يوماً مثل هذه الأخبار عن فتيات يقمن بمثل هذا الفعل القبيح ضمن عاداتنا العربية والإسلامية، فالفتاة تبقى في عالمنا العربي لها مكانتها الخاصة، لكن أن تسهل التعاطي للأصدقاء فتلك إشارة مؤسفة وخطرة.

القانون سيطبق على الطالبة، كما سيطبق على صديقي المتوفى، فهو فوق الجميع دائماً، ونحن ندق ناقوس الخطر للعائلات بضرورة الالتفات إلى أبنائها وبناتها والحذر من رفقاء السوء. ولا يمكننا أن نلقي بالمسؤولية على كاهل الأسرة، وحتى المجتمع، بل نحذر الأبناء والبنات من قبول مواد مخدرة أو مشتبه فيها من الأصدقاء أو أشخاص آخرين، فمن يريد الخير لكم لا يجركم إلى المهالك. ولمن «يسهلون» التعاطي لأصدقائهم نقول إن عصا القانون في الانتظار دائماً وهي رادعة، فقد شدد القانون العقوبة على جريمة تسهيل التعاطي.