يجلبونهن بتأشيرات سياحية ويعرضونهن بأسعار تنافسية

«حلاقون» يروجون لـ «خادمــات بـلا ضمانة»على مواقع «التواصل»

جلب خادمات بالالتفاف على الطرق الرسمية يضيّع حق الكفلاء. تصوير: أحمد عرديتي

حسابات على مواقع التواصل، تعلن عن توفير عمالة منزلية من الفلبين وإندونيسيا، بكلفة أقل 40% من مكاتب استقدام الفئات المساعدة.

«الإمارات اليوم» تواصلت مع عدد من أصحاب هذه الإعلانات على مواقع التواصل، خصوصاً «إنستغرام»، وتبين أن معظمهم حلاقون، وأنهم يجلبون الخادمات إلى الدولة بتأشيرات سياحية، ويقدمونهن إلى كفلاء مقابل مبلغ مالي محدد، دون أي تعهدات تضمن بقاء الخادمة لدى الكفيل بعد استخراجه تأشيرة عمل لها.

9000

درهم كلفة استقدام الخادمة عبر إعلانات مواقع «التواصل».

المواطنة «أم علي» (من إمارة الشارقة»، واحدة من الذين تواصلوا مع أحد أصحاب هذه الإعلانات، وجلب لها خادمة.

وعن قصتها، قالت: «كنت أتصفح (إنستغرام)، وظهر حساب شخصي تعلن صاحبته عن توفير خادمات من الجنسية الفلبينية، بكلفة أقل من مكاتب استقدام الخدم، ما شجعني على الاتصال بها عن طريق (واتس آب)، على رقم الهاتف الذي نشرته في الإعلان، وتبين أنها تعمل في صالون نسائي، واكتشفت أن كلفة الحصول على خادمة تبلغ 9000 درهم، وهي منخفضة جداً مقارنة بالمكاتب ذات الاختصاص، الأمر الذي جعلني أطلب منها جلب خادمتين، مقابل دفع 18 ألف درهم، في حين لو حصلت عليهما من أي من المكاتب سأدفع ما لا يقل عن 32 ألف درهم، إضافة إلى رسوم الإقامة».

ووفق «أم علي» لم تستغرق عملية جلب الخادمتين سوى أيام قليلة، نظراً لوجودهما داخل الدولة بتأشيرة سياحة، فأنجزت سريعاً إجراءات الإقامة، وباشرت تعليمهما الأعمال المنزلية»، مضيفة «بعد مرور أربعة أشهر هربت الخادمتان، وحين تواصلت مع صاحبة الإعلان أخبرتني بأنه لا يوجد ما يلزمها بتحمل مسؤولية هروبهما».

المواطن بدر الكعبي، قال إنه أيضاً جلب خادمة، من الجنسية الفلبينية، بالطريقة ذاتها، ودفع مقابل ذلك 8000 درهم، إضافة إلى 1430 درهماً، منها 550 درهماً رسوم تعديل وضع التأشيرة من سياحية إلى عمل، و680 درهماً رسوماً لإصدار تأشيرة داخل الدولة، و200 درهم رسوم تأشيرة فئات مساعدة.

ورأى أن ما يدفع المتعاملين إلى الإقبال على الأشخاص المعلنين عبر «التواصل الاجتماعي» هو كلفة الاستقدام في المكاتب المختصة، التي أصبحت كبيرة، وتتعدى 16 ألف درهم للخادمة الواحدة.

مدير مكتب «ميار الخليج لاستقدام الأيدي العاملة» بأبوظبي، قيصر مشرف الفاعوري، أوضح أن لجوء الأشخاص إلى أصحاب مثل هذه الإعلانات لجلب الخادمات من الجنسيتين الفلبينية والإندونيسية، ظهر مع أزمة رفض سفارتي هاتين الدولتين إرسال عمالتهما إلى الدولة، اعتراضاً على نظام العقد الموحد الذي أقرته وزارة الداخلية، وهؤلاء المعلنون غير مرخصين للقيام بهذا النشاط، ومعظمهم يعملون في مهنة الحلاقة، ويعتبرون ذلك مصدر دخل إضافياً لهم.

وتمكن المعلنون، حسب الفاعوري، من توفير عدد من الخادمات من الفلبين وإندونيسيا عن طريق وسطاء في البلدين، يتقاضون نحو 2000 دولار، مقابل تخليص معاملات إرسال الخادمة إلى الدولة بتأشيرة سياحية، وبعد وصولها يتوجه الكفيل إلى الجهات المعنية، لتعديل وضعها من سائحة إلى عاملة وفق إجراءات محددة، وهو بذلك أضاع حقوقه التي يوفرها له مكتب توريد العمالة المساعدة.

ومن سلبيات التعامل مع هؤلاء الأشخاص ــ والكلام مازال على لسان الفاعوري ــ هو ضياع حق الكفيل في حال هروب الخادمة، كونه حصل عليها من أشخاص لا يمنحون أي ضمانات، مثل فترة الضمان التي تمنحها المكاتب للكفيل، أما من ناحية المكاتب فإن هذا الأمر انعكس سلباً عليهم، إذ قلت أرباحهم السابقة بنسبة 50%، موضحاً أن هذه المكاتب كانت تصدر ما لا يقل عن 70 تأشيرة عمل يومياً، لكن حالياً مع وجود هؤلاء الأشخاص قلّ هذا العدد، وأصبح لا يتجاوز 30 تأشيرة.

فيما قد يجد أحد الأشخاص الذين يجلبون الخادمات بتأشيرات سياحية، أن مدة التأشيرة توشك على الانتهاء دون أن يعثر على كفيل، وفي هذه الحالة يلجأ إلى مكاتب استقدام العمالة.

وهذا ما أكده مدير مكتب «البيان لتوريد الأيدي العاملة» بدبي، ياسر محمد نشاط، الذي أوضح أن «هؤلاء الأشخاص يعرضون على المكاتب توريد خادمات من الفلبين مقابل مبلغ مالي، لكن طلبهم يقابل بالرفض، رغم أن وجود الخادمات قانوني في الدولة، إلا أن العمالة التي يجلبونها لا ضمان عليها»، مضيفاً «تكبدنا نحن أصحاب مكاتب توريد العمالة المساعدة خسائر فادحة، وصلت نسبتها إلى 70%، نتيجة الأسعار التنافسية التي تقدم للعملاء من قبل هؤلاء الأشخاص، الذين يتخذون من وسائل التواصل الاجتماعي ساحة لتسويق نشاطهم غير النظامي، وفي نهاية المطاف يضطرون إلى تغيير أرقام هواتفهم، تجنباً للإزعاج من قبل الكفلاء، الذين يطالبون بحقوق غير موثقة رسمياً لدى هذه الفئة، ولا يوجد ما يدينهم في حال تقديم الكفلاء شكاوى لدى الجهات المعنية».

أما صاحب مكتب «راية للسياحة في دبي»، محمد جمعة، فقال «توقفنا أخيراً عن عمل تأشيرات زيارة لعدد من الجنسيات، منها الفلبينية والإندونيسية، نظراً لقيام بعض الأشخاص بجلب عمالة منزلية من هاتين الدولتين إلى الدولة بتأشيرات سياحية، ومن ثم يحولونها إلى تأشيرات عمل، وهذا الطريقة دفعت الجهات المعنية إلى فرض غرامة مالية على المكاتب السياحية التي أصدرت هذه التأشيرات»، موضحاً أن «بعض الأشخاص من الجنسية الآسيوية، ممن يمارسون هذا النشاط غير المرخص، الذي يتمثل في قيامهم بجلب زائرات فلبينيات أو إندونيسيات إلى الدولة على تأشيرات سياحية، وبعد إصدار تأشيرة بمهنة خادمة، يخرجن إلى إحدى الدول المجاورة، ثم يعدن، ليتسنى إصدار تأشيرات عمل دائمة، وعلى الرغم من أن جميع هذه الإجراءات قانونية، لكن النشاط الذي يقوم به هؤلاء الأشخاص غير قانوني، ويهدف إلى الربح المادي، إذ يتخذون من حسابات (التواصل الاجتماعي) وتطبيق الـ(واتس آب) منصات لنشر إعلاناتهم، التي لا تحتوي على اسم شركة أو رابط إلكتروني رسمي لأي جهة مرخصة، أما وسيلة التواصل فتكون عن طريق رقم هاتف متحرك، يتم تغييره بعد فترة محدودة، لإخلاء طرفهم من المسؤولية».

وتواصلت «الإمارات اليوم»، عبر تطبيق «واتس آب»، مع عدد من أصحاب مثل هذه الإعلانات، منهم شخص يُدعى (طوني)، الذي أكد أنه يعمل في محل حلاقة، ويسعى لتوفير دخل إضافي له، إذ يوفر خادمات من الفلبين دون ضمان، وأن كلفة الخادمة تبلغ 9000 درهم، وعلى العميل التوجه إلى الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، لتعديل وضعها وفق الإجراءات، موضحاً

أن مكاتب السياحة هي التي تسهّل مهمتهم في جلب عمالة مساعدة من الفلبين إلى الدولة، عبر وسطاء في الفلبين، يتولون إنهاء تسهيلات إرسال هذه العمالة.

 Salkitbi@emaratalyoum.com

 

تويتر