ضحاياهم أكدوا أنهم يدّعون عدم توافر المقابل في اللحظات الأخيرة

محتالون يستهدفون مركبات فارهة معروضة إلكترونياً لشرائها بشيكات غير سليمة

المحتالون يستدرجون الضحية إلى مركز التسجيل ومنحه شيكاً غير سليم يرفضه البنك. أرشيفية

تكررت جرائم احتيال على أصحاب سيارات عرضوها للبيع في مواقع تبادل تجاري إلكترونية، من قبل أشخاص يرتكبون هذه الممارسات بطريقة منظمة، وسجلت مراكز الشرطة بلاغات جديدة أخيراً في هذا الإطار، فيما قال مصدر امني إن المحتالين يستهدفون مركبات فارهة، ويغرون الضحايا بمقابل جيد للسيارة، يكون عالياً وأكبر من توقعاتهم.

«القانون لا يحمي المغفلين»

أكد المستشار القانوني، عماد الدين سعيد عثمان، أن الجرائم الإلكترونية تشكل هاجساً قانونياً على مستوى العالم، وبادرت دول، وفي مقدمتها الإمارات، إلى سن تشريعات وقوانين، للتصدي لمثل هذه الجرائم. ونبه إلى مبدأ قانوني مهم، وهو أن «القانون لا يحمي المغفلين»، إذ يقع بعض الضحايا لعمليات نصب واحتيال إلكتروني محكمة من قبل عصابات الفضاء الإلكتروني، باستخدام أساليب الإغراء المادي، بصورة تصعّب على الضحية أن يقيم الحجة أو الدعوى على الجاني، وفي هذا الإطار يجب على الأفراد أخذ الحيطة والحذر أثناء تعاملاتهم مع الإعلانات الإلكتروني. وتابع أن من الأهمية التأكد من صحة الأوراق والمستندات المقدمة عند شراء المركبات والمنازل والأراضي، التي يتم الإعلان عنها عن طريق المواقع الإلكتروني، وعلى المشتري التحري بدقة عن مالكها الأصلي من الإدارات والجهات المعنية، قبل دفع أية مبالغ مالية.

وأبلغ أصحاب سيارات «الإمارات اليوم» عن تعرض مركباتهم للسرقة بالحيلة، بعد استدراجهم من قبل محتالين أوهموهم برغبتهم في شراء سياراتهم، مشيرين إلى أن المحتالين، وهم من جنسيات دول عربية، تصرفوا باحترافية، واستهدفوا ضحايا من أبوظبي، وإمارات أخرى، مستخدمين حيلة واحدة، وهي ادعاء عدم القدرة على توفير المقابل النقدي للسيارات في اللحظات الأخيرة، بعد استدراج الضحية إلى مركز التسجيل، ومنحه شيكاً في المقابل، ليكتشف لاحقاً أنه غير سليم، ويرفضه البنك.

وكان مسؤولون أمنيون حذروا عبر «الإمارات اليوم» من هذا الأسلوب الاحتيالي خلال العام الماضي، إثر تلقي عدد كبير من البلاغات، وأفاد مصدر أمني، فضّل عدم نشر اسمه، بأن البلاغات تكررت أخيراً، وسجل بعضها باعتبارها بلاغات مدنية لشيكات، لأن الضحايا سجلوا السيارات بكامل إرادتهم.

وتفصيلاً، قالت (ز.ش) إنها عرضت سيارتها من طراز «إنفينتي رياضية» للبيع على موقع مخصص للإعلانات التجارية، وتلقت اتصالاً من شخص (حسام)، ادعى أنه يريد شراء السيارة لزوجة كفيله، وسأل بشكل تفصيلي عن السيارة، وتأكيداً على جديته أرسل ميكانيكياً لفحص السيارة، وفحصها لنصف ساعة.

وأضافت أن المدعو (حسام) اتصل بها بعد ذلك، مؤكداً رغبته في شراء السيارة، ثم فاوضها على السعر، واتفقا على 112 ألف درهم، وطلب رقم الحساب لإيداع المبلغ، ثم تحدث معها بكل أدب واحترام في اليوم التالي، ليؤكد إتمام الصفقة بعد التشاور مع كفيله، واتفق معها على مقابلتها يوم الخميس في مركز الترخيص لتسجيل السيارة، بعد تأكدها من إيداع المبلغ في حسابها.

وأشارت إلى أنها توجهت في يوم الخميس إلى مركز الترخيص، لكنها لم تتلق رسالة من البنك يفيد بتحويل المبلغ، فاتصلت به وأخبرته بذلك، فاعتذر بشدة، وحولها إلى شخص آخر يدعى (فادي)، باعتباره محاسب الشركة، الذي اعتذر بدوره عن الخطأ الذي حدث، مشيراً إلى أن المبلغ لم يكن متوافراً بالكامل، لذا سيودع شيكاً في حسابها عن طريق ماكينة الصراف الآلي، ويمكنها التأكد من ذلك وصرفه يوم السبت.

وأوضحت أن شخصين خليجيين قدما إليها في مركز التسجيل، وتصرفا بقدر كبير من الرقي، الأول يدعى عبدالله، ادعى أنه شقيق المرأة التي يتم شراء السيارة لها، والآخر يدعى (ف.ج)، ادعى أنه زوجها، لافتة إلى أن عملية الاحتيال كانت محبوكة للغاية، فلم تتوقع إطلاقاً أن يكون هذا العدد من الأشخاص مشتركين جميعاً في تدبير هذه الحيلة.

ولفتت إلى أنها تنازلت عن السيارة، بافتراض أنها ستسجل باسم المدعو (ف.ج)، وغادرت منتظرة صرف الشيك يوم السبت، وأكد لها المدعو عبدالله أنه يمكنها الرجوع إليه إذا حدث أي شيء.

وتابعت: «استيقظت مبكراً السبت، وفوجئت بإشعار من البنك بأن الشيك مرفوض، فتحدثت إلى عبدالله، فرد عليّ شخص آخر، وادعى أن الأخير مشغول، وسيرد عليّ لاحقاً بشأن الشيك، لكن انقطعت كل الاتصالات فجأة، وتوقفوا جميعاً عن الرد، فأدركت أنني وقعت لأول مرة ضحية عملية احتيال».

وأفادت بأنها توجهت إلى مركز الترخيص في اليوم التالي، واكتشفت أن السيارة لم تسجل باسم «ف.ج»، كما أوهمها المحتالان، لكن تركت من دون تسجيل، وبيعت غالباً لشخص ثالث، وحينها توجهت إلى مركز شرطة العاصمة في أبوظبي، لتحرير بلاغ رسمي بتعرضها للاحتيال، لافتة إلى أنها اكتشفت أن هناك أكثر من 10 ضحايا آخرين للأشخاص أنفسهم. من جهته، قال (ح.أ) إنه عرض سيارته على الموقع ذاته من طراز مرسيدس، وفوجئ باتصال من أشخاص يطلبون منه شراءها، وعرضوا عليه مبلغاً جيداً، فبادر إلى مقابلتهم في مركز التسجيل، وفوجئ بهم يعرضون عليه شيكاً، تبين لاحقاً أنه من دون رصيد.

فيما ذكر (ع.م) أنه عرض سيارته طراز «لاند كروزر» للبيع على الموقع كذلك، وتم استدراجه من قبل أشخاص من جنسيات دول عربية، أوهموه بطريقة محبوكة برغبتهم في شراء السيارة، وأبدوا موافقتهم دون تفاوض على المبلغ الذي طلبه، وحصل منهم على شيك، اكتشف لاحقاً أنه من دون رصيد.

إلى ذلك، قال مصدر أمني لـ«الإمارات اليوم»، فضّل عدم نشر اسمه، إن بعض البلاغات التي وردت بحق هذا النوع من الاحتيال سجلت باعتبارها بلاغات مدنية لشيكات، لأن الضحايا سجلوا السيارات بكامل إرادتهم، مقابل شيكات بنكية غير مزورة، ويبقى السجال القانوني في القضاء بين الطرفين، فيما سجلت بلاغات أخرى باعتبارها نوعاً من الاحتيال، نتيجة توافر سوء النية، والتلاعب بالشيكات نفسها.

وأضاف أن الضحايا يتحملون جانباً من المسؤولية، لأن الجهات المعنية حذرت مراراً من بيع السيارات والممتلكات بهذه الطريقة، وأعلن سابقاً عن ضبط أشخاص تورطوا في ذلك، لافتاً إلى أن المحتالين يلعبون على الوتر النفسي للضحايا، فيغرونهم بمقابل لا يمكن رفضه، يدفعهم إلى قبول الشيك حتى لا تضيع الصفقة، فيكتشفون لاحقاً أنه من دون رصيد.

من جهته، اعتبر مدير مكتب ثقافة احترام القانون بوزارة الداخلية، العقيد صلاح عبيد الغول، الاحتيال الإلكتروني أحد أوجه الجرائم المستحدثة التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وأصبحت تهدد كثيراً من أفراد المجتمع، خصوصاً بعد تزايد استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجالات الاتصالات والإدارة والأعمال المصرفية والمالية، وهي المعطيات التي تشكّل بيئة خصبة لعمل عصابات الإجرام الإلكتروني.

وقال الغول إن «جريمة الاحتيال تتم باستيلاء الشخص على مال شخص آخر، وذلك بطريقة احتيالية، أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم»، ناصحاً «كل أفراد المجتمع باتخاذ الحيطة والحذر في التعامل مع مروجي الإعلانات الإلكترونية، والتأكد من مدى صدقهم».

تويتر