آراء

شراء السُّم

ظاهرة جديدة تسرق عقول شبابنا المنفتح على العالم بشكل كبير عبر المواقع الإلكترونية، هذا الشباب الذي يجري ويسابق الزمن لشراء كل ما يتعلق بالتكنولوجيا والأزياء ومواد التجميل بشكل إلكتروني، لمجرد عرضها من قبل جهات وشركات غير معروفة أو مرخصة تدعي أنها تحقق «المعجزات».

الخطورة ليست في الشراء من المواقع الالكترونية بحد ذاته، وإنما عدم معرفة مصدر هذه المواد المبيعة، وما مكوناتها الحقيقية التي قد تحتوي على مواد سامة ومسرطنة، فيصبح المشتري هو من جلب الموت لنفسه وبيده، وإن لم يكن الموت فقد تكون عاهة مستديمة تُعجزه عن القيام بأعماله.

منذ نعومة أظفارنا ونحن نسمع المثل القائل «لا تشتري السمك في الماء»، لكن يبدو أن الأجيال الجديدة لم تسمع بهذا المثل، وتعجب عندما تسمع قول أحدهم إنه اشترى مواد كيميائية، كالخاصة بإنقاص الوزن عبر موقع إلكتروني، دون أن يتكلف عناء الاطلاع على مكوناتها أو معرفة مصدرها الحقيقي.

في هذه الظاهرة لا يدق ناقوس الخطر عند الشباب إلا عندما يلاحظون الآثار الجانبية للمكونات التي يستخدمونها على أجسامهم وصحتهم.

من هنا لابد من التأكيد لأبنائنا وأولادنا على أن الشراء عبر المواقع يجب أن يكون من جهات وشركات معتمدة قانوناً في الدولة، حتى يمكن مواجهتها قانوناً إذا حدثت عواقب وخيمة.

القانون يحمينا جميعاً من الوقوع ضحايا لشركات أو أفراد يبيعون السموم لنا، فأذكر هنا المادة 423 من قانون المعاملات التجارية، أنه «يُعاقب على الغش بالحبس أو الغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين»، لكن قبل ذلك يجب أن نعرف جيداً من يبيعنا المواد ونحاول معرفة تفاصيل عنها عبر البحث في الشبكات العنكبوتية أو مخاطبة الدوائر الاقتصادية في كل إمارة، لتبلغنا إذا ما كان المنتج مسموحاً به في الدولة وخاضعاً للمواصفات والمعايير العالمية.

والقانون لا يقتصر في حمايته لنا على نص العقوبة فقط، بل يتوسع بذكر تفاصيل وشكل عمليات الغش في المواد، فالمادة السابقة تنص صراحة على أن العقوبة على كل من غش في حقيقة بضاعة أو صفاتها الجوهرية أو مصدرها وحتى وزنها وقياسها ومستوردها.

ومع ذلك قد يقف القانون عاجزاً أمام محاكمة بائع «مجهول» لا هوية له، فهو كالنصاب يبيع منتجاً ويروج له دون أن يرأف بصحة مستخدميه، وهمه الوحيد هو الربح المادي، وإذا لم نكن مهتمين بصحة أبنائنا فقد نخسرها.

وحتى لا نقف عاجزين يوماً أمام معاناة أحد، يجب أن نكون على قدر المسؤولية وتثقيف أبنائنا بضرورة الحذر من التسوق الإلكتروني.

تويتر