تسببت في وفاة 138 مواطناً وإصـــابة 1934.. بينهــم 100 يعـانـون عجزاً كاملاً

14 مليــار درهــم كلفة حوادث الطرق في الدولة العام الماضي

القانون يجرِّم تصوير ضحايا الحوادث ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. أرشيفية

أفاد مدير عام التنسيق المروري بوزارة الداخلية، العميد غيث حسن الزعابي، بأن الكلفة الاقتصادية لحوادث السير والمرور في الدولة بلغت نحو 14 مليار درهم، العام الماضي، شملت أضراراً مادية وخسائر بشرية ونفقات علاج لضحايا الحوادث، إذ أسفرت عن وفاة 138 مواطناً وإصابة 1934 آخرين، لافتاً إلى أن نحو 100 مواطن من المصابين في حوادث العام الماضي يعانون عجزاً كاملاً.

وحذر أمنيون ومختصون وإعلاميون، في ندوة نظمتها أمس جمعية الصحافيين في أبوظبي، من انتشار ظاهرة هواة تصوير الحوادث المرورية ونشرها إلكترونياً، لما لها من تداعيات قانونية وأخلاقية واجتماعية، مطالبين بتشديد العقوبات على مصوري ضحايا الحوادث، وزيادة برامج التوعية الموجهة إلى أفراد المجتمع بخطورة هذه السلوكيات.

 ظاهرة عالمية

صعوبة السيطرة

أكد مدير مكتب «جلف نيوز» في أبوظبي، عبدالله رشيد، صعوبة التحكم في الهجمة التكنولوجية المنتشرة حالياً، التي تمكن الشخص بكبسة زر من التقاط صور احترافية، وبثها بشكل مباشر إلى ملايين المستخدمين عبر العالم.

وقال إن الصورة تعتبر أهم بكثير من الكلمة، وتصل إلى الناس بشكل أسرع، وبالتالي يجب على الجهات الشرطية العمل على سرعة توفير المعلومات للإعلام بشكل سريع ومباشر في الحوادث المختلفة، حتى لا تلجأ بعض الصحف أو وسائل الإعلام إلى نشر معلومات مغلوطة، وبعيدة عن الدقة.

وأكد مؤسس مجلس آباء أبوظبي، صديق الخاجة، أن قيام البعض بتصوير الحوادث يؤدي إلى تجمهر الآخرين والازدحام المروري، وبالتالي تعطيل عمل الأجهزة المختصة، مثل الشرطة، والاسعاف. وقال إن القيام بدور توعوي في هذا المجال يجب ألا يقتصر على الشرطة فقط، وإنما يجب أن تتولى الجهات التعليمية وغيرها مسألة تثقيف وتوعية النشء.

وتفصيلاً، أكد الزعابي أن الحوادث المرورية لاتزال تحصد أرواح أكثر من 1.24 مليون شخص سنوياً في جميع أنحاء دول العالم، وذلك بحسب ما كشفه أحدث تقرير دولي عن حالة السلامة على الطرق لسنة 2013، والذي نشرته منظمة الصحة العالمية أخيراً.

وأشار إلى أن البيانات والإحصاءات، الواردة في التقرير العالمي الثاني للسلامة على الطرق، والتي غطت 182 بلدا من جميع أنحاء العالم، وشملت 19 بلداً من إقليم شرق المتوسط، تؤكد أن نسبة الوفيات في دول إقليم شرق المتوسط وحدها تمثل 10% من وفيات العالم الناجمة عن حوادث الطرقات، حيث بلغ معدل الوفيات في دول الإقليم 21.3 لكل 100 ألف من السكان، مقارنة بالمعدل العالمي وقدره 18.03، ويأتي إقليم شرق المتوسط في المرتبة الثانية لأعلى معدلات الوفيات بين مختلف الأقاليم في العالم بعد الإقليم الإفريقي.

أمن الطرق

وأشار الزعابي إلى أن ضبط أمن الطرق يعد من الأهداف الاستراتيجية لوزارة الداخلية، مبيناً أن هناك أربعة محاور للسلامة المرورية، هي: التوعية والتعليم والثقافة المرورية، الهندسة وسلامة الطرق والمركبات، الرقابة والتشريع وتنفيذ القانون، والخدمات الطبية والإسعاف، لافتاً إلى أن الجهود التي بذلتها وزارة الداخلية، خلال السنوات الخمس الماضية، نجحت في تحسين مؤشرات السلامة المرورية، حيث تراجع العام الماضي عدد الوفيات بنسبة 40%، وعدد الإصابات بنسبة 32%، وعدد الحوادث بنسبة 47%، مقارنة بعام 2008.

واحتلت الإمارات المركز السابع عالمياً في معدل وفيات الطرق، حيث بلغ معدل الوفيات 6.5 لكل 100 ألف من السكان العام الماضي، مقارنة بـ8.19 عام 2011، مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد السكان، وارتفاع عدد المركبات على مستوى الدولة بنسبة 7%، إذ بلغت مليونين و674 ألفاً و894 مركبة العام الماضي، فضلاً عن زيادة عدد رخص القيادة إلى ثلاثة ملايين و938 ألفاً و431 رخصة.

وأكد حرص وزارة الداخلية على تشديد إجراءات الضبط المروري، لضبط أمن الطرق، وفرض التزام الأفراد بقانون السير والمرور، مبيناً أن إجمالي عدد المخالفات، التي سجلت العام الماضي، بلغ ثمانية ملايين و644 ألفاً و232 مخالفة.

وشرح أبرز أسباب الحوادث، وهي عدم تقدير مستعملي الطريق، عدم ترك مسافة كافية، عدم الالتزام بخط السير، دخول الطريق قبل التأكد من خلوه، تجاوز الإشارة الحمراء، الإهمال وعدم الانتباه، الانحراف المفاجئ، السرعة الزائدة.

ولفت إلى أن أكثر ضحايا الحوادث المرورية، العام الماضي، هي الفئة العمرية من 18 حتى 30 سنة، حيث بلغ عدد وفياتها 283 حالة، فضلاً عن 3660 إصابة متنوعة، ثم تحل في المرتبة الثانية الفئة العمرية من 31 حتى 45 سنة، بعدد وفيات 161 حالة، فضلاً عن 1980 إصابة.

وأشار إلى أن عدد الإصابات والوفيات، الناجمة عن الحوادث المرورية في الدولة، بلغت 8394 شخصاً، العام الماضي، بينهم 651 حالة وفاة و7743 إصابة.

تصوير الضحايا

من جانبها، أكدت أستاذة الإعلام في كلية الإمارات للتكنولوجيا عضو المنظمة العربية للسلامة المرورية، الدكتورة ثريا السنوسي، أهمية أن يؤدي الإعلام دوره في توعية الأجيال المختلفة، من خلال بث رسائل توعوية بطرق مبتكرة، حول ظاهرة تصوير ضحايا الحوادث، وخطورة بثها على مواقع التواصل الاجتماعي، وجوانبها القانونية وتأثيراتها السلبية في المجتمع.

وأوضحت أن معظم من يصور الحوادث المرورية من فئة المراهقين نتيجة قلة الوعي، متابعة «لاحظنا أخيراً انتشار ظاهرة تصوير الشخص لنفسه (السلفي)، بين الشباب خلال قيادتهم المركبات بسرعات عالية، الأمر الذي تنتج عنه حوادث خطرة، حيث سبق أن تعرضت طالبة في الكلية لحادث مروري خطر، نتيجة التقاطها صورة (سلفي)، خلال قيادتها المركبة».

من جانبه، أكد مدير فرع الصحافة في إدارة الإعلام الأمني، عبدالله شاهين، خطورة ظاهرة التجمهر عند أماكن الحوادث، وقيام بعض الأفراد من باب الفضول بتصويرها، وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن قانون العقوبات الاتحادي وجرائم تقنية المعلومات والمطبوعات والنشر، جرمت جميعها كل شخص يصور ضحايا الحوادث وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لو كان ذلك بموافقة الضحية.

منحى خطر

وذكر شاهين أن مواجهة هذه الإشكالية تتطلب تضافر جهود المؤسسات كافة، لتوعية أفراد الجمهور بالتداعيات القانونية والاجتماعية لهذه الظاهرة، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة بدأت منذ نحو 15 سنة، حيث كانت قاصرة في السابق على تجمع بعض الجاليات، خصوصاً الآسيوية، عند مواقع الحوادث للمشاهدة من باب الفضول، لكن مع تطور وسائل الاتصال الحديثة، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أخذت الظاهرة منحى خطراً، خصوصاً عندما بدأ بعض الأشخاص، الذين يحرصون على تصوير الحوادث، وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية، دون إدراك التبعات القانونية والاجتماعية لهذا السلوك.

وسلط شاهين الضوء على الدور البارز والإيجابي، الذي قامت به إدارة الإعلام الأمني في مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، لمواجهة هذه الظاهرة، من خلال توفير صور موضوعية لوسائل الإعلام المحلية، حول الحوادث التي تقع في نطاق إمارة أبوظبي، من خلال مصورين محترفين، بهدف نشر الوعي بين الجمهور.

تشديد العقوبة

من جانبه، أكد عضو الهيئة الإدارية لجمعية الصحافيين، صالح كرامة، أن تصوير بعض الأشخاص الحوادث المرورية، وبثها على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً حال وجود ضحايا أو مصابين، يمثل انتهاكاً لحرمة هؤلاء الضحايا والمصابين، وبالتالي تجب معاقبتهم وتغليظ العقوبات عليهم.

ودعا كرامة إلى ضرورة التركيز على التنشئة بتنفيذ حملات التوعية بخطورة هذه الممارسات، التي تعتبر غريبة على مجتمع الإمارات، وهي وليدة الانفتاح والتطور التقني الذي يصعب التحكم فيه، خصوصاً أن جيل الشباب لدينا يمتلك هذه التقنيات بكل سهولة.

 

 

تويتر