عين على الأمن

ابتعدنا.. فابتعدوا

العقيد عيد ثاني محمد حارب

التقي بعض الأصدقاء نهاية كل أسبوع.. نتسامر، كان من بين الحضور شخص تعرفت إليه للمرة الأولى، وأثناء النقاش رنّ هاتفه، فرد قائلاً: «ألو.. نعم بابا.. طيّب لا تتأخر».

وقبل أن ينهي مكالمته لمحت مؤشر الساعة، تجاوز الحادية عشرة، وسأله أحد الحضور، «أكيد هذا ابنك خالد؟».

تنازل الآباء عن واجباتهم الرئيسة المتمثلة في التوجيه والمراقبة والمحاسبة، سيؤدي حتماً إلى نشوء أبناء غير ملتزمين.

أجاب الشخص: نعم، هو.. ومَن سيقتلني غيره؟! ردّ عليه صديقنا، لماذا؟ أجابه اتصل بي لأسمح له بتناول العشاء مع أصدقائه بعد الفيلم الذي حضروه.

اعتقدت أن ابنه تجاوز الثامنة عشرة، لكن المفاجأة كانت عندما قال له صديقنا: «ابنك لم يتجاوز الخامسة عشرة.. فكيف تسمح له بالوجود خارج المنزل لوقت متأخر؟!

أجابه الرجل: أنت سيد العارفين وتدري، شباب وإجازة. فشعرت بالصدمة من رده وقاطعته سائلاً: هل تعرف أصدقاءه؟ وهل حددت له وقت العودة إلى المنزل؟

أجاب: لا!

علق صديقنا قائلاً: ما كان ينبغي أن تدعه خارج المنزل مع أشخاص لا تعرفهم حتى وقت متأخر. رد الرجل بأن ابنه سيزعج أمه إن بقي في المنزل، وسيزعجه كذلك، إن لم يتركه يخرج مع أصدقائه، وكان ردّ الرجل مقنعاً بالنسبة له، لكنه لم يكن مقنعاً لنا بتاتاً.

ولاشك في أن المجتمع يتضمن آباء يشبهون صاحبنا، فيعتقدون أن دورهم في الحياة بذر الأبناء وتركهم للسماء، كي تسقيهم وترعاهم كالنبتة البرية دون تدخل منهم، ويتوقعون بعد ذلك أن ينمو أبناؤهم ويكبروا ويكونوا فاعلين ومنتجين في المجتمع، وعوناً لهم عند الكبر.

إن التوجيه والنصح والمراقبة بالنسبة لأمثال هؤلاء الآباء مسببات للصداع، لكن نسوا النتيجة المترتبة على ذلك، والتي تطل برأسها لتنطق بالحقيقة القائلة: «ابتعد الآباء، فابتعد الأبناء»، نتيجة منطقية.

صحيح أن هناك مؤثرات وعوامل عدة على تربية الأطفال، مثل: الأصدقاء، المدرسة، المجتمع، الإعلام.. إلخ، إلا أن العائلة تعد الرافد الرئيس الذي يصب في شخصية الطفل، فإن كان الرافد عذباً صلح الأبناء، وإن كان مالحاً ضاع الأبناء.

تنازل الآباء عن واجباتهم الرئيسة المتمثلة في التوجيه والمراقبة والمحاسبة، سيؤدي حتماً إلى نشوء أبناء غير ملتزمين، ينقصهم الوعي، ما يؤثر سلباً فيهم، وفي الأسرة والمجتمع أيضاً.

أعزائي الآباء: تواصلوا مع أبنائكم.. كونوا معهم.. فأنتم السدّ المنيع أمام عواصف الضياع.

مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالإنابة في شرطة دبي

 

تويتر