أكدت أن عقد العمل «رضائي» ويجوز تغيير قيمة الأجر دون تسجيل ذلك كتابة

«النقض»: حساب مكافأة نهاية الخدمة وفق آخر راتب للعامل

المحكمة أكدت أن تقدير ما طرح في الدعوى من أدلة ومستندات من سلطة محكمة الموضوع. تصوير: إريك أرازاس

أكدت محكمة النقض في حيثيات حكم أصدرته، أخيراً، لمصلحة عامل ضد شركة طعنت على حكم أصدرته محكمة الاستئناف، أن مستحقات نهاية الخدمة للعامل يتم احتسابها وفقاً لآخر راتب فعلي كان يحصل عليه من جهة عمله، حتى إذا كان العقد المبرم بين الطرفين مدوناً به راتب أقل، مؤكدة أن «عقد العمل من العقود الرضائية، يجوز تغيير قيمة الأجر صراحة أو ضمنياً دون تسجيل ذلك كتابة»، وقضت المحكمة للعامل بمستحقات بلغ إجماليها 37 ألفاً و500 درهم.

وتتلخص وقائع الدعوى في أن العامل، كان قد أقام دعواه ضد الشركة الطاعنة، يطالب فيها بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 6500 درهم قيمة رواتبه المتأخرة، فضلاً عن مستحقاته العمالية الأخرى، وذلك على سند أنه كان يعمل لدى الشركة (الطاعنة) لمدة 11 عاماً بأجر شهري أساسي وشامل قدره 3000 درهم، إلا أنها امتنعت عن سداد أجوره المتأخرة، وطردته من العمل، وطالب برواتب متأخرة عن شهرين وبدل فصل تعسفي ومكافأة نهاية الخدمة، كما طالب بتذكرة العودة إلى وطنه.

وقضت محكمة أول درجة بالزام الشركة بأن تؤدي له مبلغ 40 ألفاً و500 درهم، إضافة إلى تذكرة سفر عودة للجهة التي استقدم منها حال مغادرته أراضي الدولة، وألزمتها الرسوم والمصاريف ومقابل الأتعاب، فاستأنفت الشركة لدى محكمة استئناف العين، التي قضت برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فطعنت على الحكم أمام محكمة النقض.

وقالت الشركة في أسباب طعنها، إن الحكم الصادر أقر بأن الراتب الشهري للعامل هو 3000 درهم، معتمداً في ذلك على أقوال شاهدي العامل التي تخالف الثابت في عقد العمل المبرم بين الطرفين والذي يوضح أن الراتب هو 1000 درهم فقط، وهو عقد رسمي لم يطعن عليه بالتزوير ما يخالف المادة (8) من قانون الإثبات، كما أن سماع شاهدي المطعون ضده في هذه الدعوى يخالف المادة (35) من قانون الاجراءات المدنية، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وأضافت أن الحكم الصادر ضدها قضى بمكافأة نهاية الخدمة عن 11 سنة كاملة، في حين أن العامل قد تسلم حقوقه كاملة قبل سنوات عدة من انتهاء خدماته، بحسب المستند الموقع من العامل، وأنه أقر قضائياً أمام محكمة أول درجة بتسلم تلك الحقوق وتوقيعه على المستندات، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه، أمّا السبب الثالث الذي دفعته الشركة للطعن على الحكم فكان ما قضى به للعامل من تعويض عن الفصل التعسفي، على الرغم من أنه ترك العمل بمحض إرادته، ورفض تسلم راتبه لمدة شهرين، وتالياً فإن العامل لا يستحق بدل الفصل التعسفي، كما أن الشركة هي التي تستحق بدل الإنذار.

وردت محكمة النقض بعدم قبول الطعن، مؤكدة أن فهم وتحصيل الواقع في الدعوى وتقدير ما طرح فيها من أدلة ومستندات من سلطة محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق، كما أن عقد العمل من العقود الرضائية، ويجوز تعديل الأجر المتفق عليه فيه، سواء بالزيادة أو النقصان باتفاق الطرفين سواء صراحة أو ضمنياً ولا يشترط المشرّع أن يكون هذا التعديل كتابة، ولم تأخذ المكمة بدفاع الشركة الذي قال إن الراتب هو 1000 درهم وليس 3000 درهم، ولكنه استند إلى أقوال الشهود وبقية مستندات الصرف.

وذكرت المحكمة أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وما فيها من مستندات من سلطة محكمة الموضوع، وقد ذهبت إلى رفض ما جاء في مستندات الطاعنة عن تسليم المطعون ضده لجزء من مستحقاته من مكافأة نهاية الخدمة، لأن تلك المكافأة تستحق في نهاية الخدمة وليس قبل ذلك، ولم تثبت الطاعنة أن المطعون ضده قد ترك الخدمة قبل التاريخ المذكور وتسلّم مكافأته عن سابق خدمته ولم تطمئن إلى ما ورد في مستندات الشركة، خصوصاً أن العامل قد أنكرها، وقالت محكمة النقض إن الحكم قام على أساس صحيح ولم يخالف القانون.

وأضافت أن الحكم الصادر استند إلى أن الشركة هي التي حملت العامل على ترك الخدمة، عندما أخلت بتعاقدها وامتنعت عن تسليمه رواتبه في مواعيدها، وتالياً فإنه يستحق بدلاً عن الفصل التعسفي، واعتبرت المحكمة أن إخلال صاحب العمل بالتزاماته تجاه العامل يجيز له إنهاء العقد وترك العمل، واعتبار ذلك صورة من صور الفصل التعسفي، تعطي العامل الحق في طلب التعويض عنه، دون الحق في بدل مهلة الانذار، لأنه لا مسوغ للحكم به لمصلحة العامل، لأنه ترك العمل من تلقاء نفسه، بسبب إخلال الشركة المشار إليها، وقررت محكمة النقض خصم بدل الانذار المحكوم به وقدره 3000 درهم من جملة ما حكم به لمصلحة المطعون ضده، وتعدل المبلغ إلى 37 ألفاً و500 درهم.

تويتر