إقامة مشروعات غير مدروسة وسداد تكاليف الزواج المبالغ فيها أبرز أسبابها

القروض الشخصية تتصدر بلاغات التعثر ضد مواطنين

زيادة بلاغات الشيكات خلال الأعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوام الأخيرة سببت نوعاً من الازدحام في مراكز شرطة دبي. الإمارات اليوم

كشفت دراسة أعدتها الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي أن عدد بلاغات الشيكات ضد مواطنين متعثرين في سداد قروضهم، أو تلك المترتبة على تعاملات تجارية، بلغ 3760 بلاغاً خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، فيما كان مجموع بلاغات العام الماضي 5623 بلاغاً.

وقال مدير الإدارة، العميد خليل إبراهيم المنصوري، إن نظام التسوية الذي طبقته شرطة دبي أسهم إلى حدّ كبير في خفض مؤشر البلاغات، إذ يمهل المدين شهراً لسداد ديونه، أو التوصل إلى اتفاق مع البنك، أو الدائن، قبل اتخاذ إجراء ضده.

وذكر نائب مدير الإدارة العامة للتحريات لشؤون الرقابة والإدارة، العقيد جمال سالم الجلاف، أن أبرز أسباب تعثر المواطنين، عدم درايتهم بخطورة الشيك، ولجوؤهم إلى التفاخر والتباهي بشراء سيارات فارهة، والقيام برحلات مكلفة بوساطة الاقتراض من البنوك من دون أن يكون لديهم القدرة المالية على سداد المستحقات الواجبة عليهم، أو الدخول في مشروعات تجارية غير مدروسة.

انخفاض المؤشر

وتفصيلاً، بينت دراسة أجرتها الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، أن إجمالي البلاغات التي حررت ضد مواطنين متعثرين خلال الشهور التسعة الماضية من العام الجاري بلغ 3760 بلاغاً، تنوعت ما بين 1199 بلاغاً بسبب قرض بنكي شخصي، و769 بلاغاً ضدّ أشخاص حرروا شيكات في أعمال تجارية، و662 بلاغاً بسبب بطاقات ائتمانية، و388 بلاغاً بسبب الامتناع عن دفع إيجار، و274 بلاغاً ضد أشخاص حصلوا على قروض سيارات، و116 بلاغاً بسبب قروض تجارية، و159 بلاغاً بسبب ديون شخصية لأفراد، و157 بلاغاً بسبب عدم دفع مستحقات مالية مقابل مشتريات و14 بلاغاً ضد ضامنين لمقترضين و12 بلاغاً ضد أشخاص امتنعوا عن سداد قروض متنوعة، منها تكاليف الزواج، إضافة إلى ثمانية بلاغات بسبب قروض سكنية، وبلاغين بسبب قرض لشراء أرض.

ظروف المتعثرين

أوصت الدراسة التي أجرتها الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي حول قضايا شيكات المواطنين بضرورة مراعاة ظروف المتورطين في هذه القضايا، بسبب ظروف قهرية ألمّت بهم، مثل تعرّض أعمالهم لمشكلات خارجة عن إرادتهم.

وطالبت البنوك بعدم الاستعجال في تحريك دعوى قضائية ضد المتعثر، ومنحه فرصة لتسوية أوضاعه المالية بطريقة مناسبة، مشيرة إلى أن بعض البنوك يبادر بالإبلاغ عن العميل فور تعثره، دون النظر في إمكان تجاوزه لأزمته.

وأكد العقيد جمال الجلاف أهمية تحرك الجهات المعنية في الدولة لإيجاد طريقة تمنع استغلال شيك الضمان في الإيقاع بعملاء البنوك، وإجبارهم على سداد مبالغ أكثر من تلك المستحقة عليهم، مطالباً البنوك كذلك بعدم الإفراط في تقديم قروض دون دراسة أوضاع المتقدمين، فضلاً عن توفير نوع من التوعية لأفراد المجتمع حول مخاطر الشيك كمستند ربما يقود صاحبه إلى السجن.


شيك بسوء نية

تتعامل شرطة دبي مع بلاغات الشيكات وفق قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لعام ،1987 إذ تنص المادة 401 من القانون على أنه «يعاقب بالحبس أو الغرامة كل من أعطى بسوء نية شيكاً ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب».

وأوضح العقيد جمال الجلاف أن المشرع أضاف بنص القرار رقم 34 لعام 2005 الخاص بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الاتحادي عبارة «تنقضي الدعوى الجزائية على المتهم بإصدار شيك من دون رصيد إذا تم سداد قيمة الشيك، أو تم التنازل عنه بعد وقوع الجريمة وقبل الفصل في الدعوى بحكم قضائي».

وأشارت الدراسة إلى أن العام الماضي شهد تسجيل 5623 بلاغاً شملت 1885 بلاغاً بسبب عدم سداد قرض بنكي شخصي و1124 بلاغاً ضد أشخاص حرروا شيكات دون رصيد في أعمال تجاريةأ و1002 بلاغ بسبب بطاقات ائتمانية و850 بلاغاً بسبب تعثر سداد قروض سيارات و562 بلاغاً بسبب الامتناع عن دفع إيجار المسكن، و189 بلاغاً بسبب عدم دفع مستحقات مالية مقابل مشتريات، و130 بلاغاً بسبب الامتناع عن سداد دين شخصي لأفراد، و122 بلاغاً بسبب قروض تجارية، و14 بلاغاً بسبب قروض سكنية، وثلاثة بلاغات ضد أشخاص لم يسددوا قروضاً لشراء أرض وثلاثة بلاغات ضد ضامنين لمقترضين آخرين وسبعة بلاغات لأسباب مالية متنوعة.

أبرز الأسباب

قال نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الرقابة والإدارة، العقيد جمال الجلاف، إن أبرز أسباب تعثر المواطنين عدم درايتهم بخطورة الشيك الذي يوقعون عليه عند الحصول على القرض أياً كان نوعه، وما يترتب عليه من عقوبات وتبعات قانونية. وأضاف أن من الأسباب كذلك قيام البنوك بتقديم تسهيلات للراغبين في الحصول على قروض دون دراسة متأنية لحالة المتقدم المالية أو تاريخه في التعامل البنكي، ودرجة التزامه في سداد ما عليه من مستحقات، وطبيعة ظروفه الاجتماعية والاقتصادية.

وأشار إلى أن شرطة دبي أسهمت في حلّ هذه المشكلة بالتعاون مع شركة الإمارات للمعلومات الائتمانية من خلال برنامج يوفر معلومات كاملة للبنوك عن الاشخاص الذين سجلت ضدهم بلاغات متكررة، ولديهم سوابق إصدار شيكات من دون رصيد، أو امتنعوا عن سداد المستحقات الائتمانية الواجبة عليهم، حتى تتخذ البنوك حذرها عند التعامل معهم، لافتاً إلى أن هذا البرنامج أسهم في خفض بلاغات الشيكات، لأنه سهّل عملية التأكد من المتقدمين للحصول على قروض أو بطاقة ائتمان.

وتابع الجلاف أن من الأسباب التي تستحق نوعاً من التوعية والتنبيه، ميل فئة من المواطنين إلى التباهي والتفاخر بالحصول على قروض كبيرة، لاقتناء أحدث السيارات، دون أن يلتفتوا إلى قدرتهم المالية على الالتزام بسداد أقساط هذه القروض، ومتجاهلين عدم تناسب دخولهم الشخصية مع المركبات الفخمة التي يشترونها.

وأفادت الدراسة بأن «هذا السلوك يشمل كذلك الحصول على قروض كبيرة لسداد تكاليف الزواج المبالغ فيها»، مبينة أن «المتعثر يستدين مبالغ ضخمة للفرح أيام قليلة، ومن ثم يدخل في دوامة سداد هذه الالتزامات التي تعجزه غالباً، وتقوده إلى السجن لعدم قدرته على السداد».

ويأتي في قائمة الأسباب، حسب الدراسة أيضاً «دخول فئة من المواطنين في مشروعات تجارية غير مدروسة، معتقدين أنها ستدرّ عليهم أرباحاً كبيرة، لذا يلجأون إلى الاستدانة، معتمدين على سهولة الحصول على أموال من البنوك، ومن ثم تفشل هذه المشروعات، ويدخلون في دوامة التعثر بعد ذلك».

قلّة وعي

أكد الجلاف أن هناك إشكالية كبيرة في وعي أفراد المجتمع، ومنهم المواطنون، بمخاطر الاقتراض غير المحسوب، واستخدام الشيكات دون تدبر أو إدراك لعواقبها، لافتاً إلى أن شيك الضمان الذي يوقعه الشخص على بياض عند الحصول على قرض ربما يتحول إلى كابوس عند تعثره في السداد، مبيناً أن بعض الأشخاص يسددون أقساطاً كبيرة من قروضهم، وبمجرد تعثرهم تطالبهم البنوك بالمبلغ كاملاً باستخدام شيك الضمان ضدهم.

وأوضح أن هناك أسباباً أخرى لحالات التعثر التي تناولتها الدراسة، منها ارتكاب البعض حوادث مرورية بسيارات غير مغطاة بتأمين شامل، إذ يضطرون إلى تقديم شيكات من دون رصيد مقابل تكاليف الإصلاح، ومنها كذلك الاقتراض لشراء عقارات، أو الاستثمار في البورصة من خلال المحافظ المالية والأسهم.

نظام تسوية

إلى ذلك، قال مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، العميد خليل إبراهيم المنصوري، إن القائد العام لشرطة دبي أكد ضرورة مراعاة ظروف الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بالعالم، وأثرت سلباً في كثير من المتعاملين في التجارة، وأقر نظام التسوية لمساعدة هؤلاء وغيرهم على حلّ مشكلاتهم قبل تحويلها إلى القضاء.

وأضاف المنصوري أن زيادة بلاغات الشيكات خلال الأعوام الأخيرة سببت نوعاً من الزحام في مراكز شرطة دبي، ما دفعها إلى تطبيق برنامج إلكتروني في جميع مراكزها، يتم من خلاله تحرير بلاغات الشيكات إلكترونياً دون الحاجة الى مندوب البنك للحضور إلى المركز إلا للتدقيق لاحقاً على سير البلاغ، ما أسهم في تخفيف الزحام نهائياً، ووفر الوقت والجهد على البنوك.

وأشار إلى أن هذا النظام ساعد على إيجاد نوع من التواصل الجيد مع العملاء المتعثرين، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية تدرس تعميم هذا النظام على مستوى مديريات الشرطة، بعد مناقشته من جانب لجنة السياسات والاستراتيجيات في الوزارة.

وتابع المنصوري أن شرطة دبي تتعامل مع كل حالة على حدة في قضايا الشيكات، فتحاول مساعدة المتورطين في تلك القضايا، إذا ثبت تعرضهم لظروف صعبة أدت إلى وقوعهم في شرك القروض، فتمنحهم شهادات حسن سيرة وسلوك إذا كان المتعثر قد فقد عمله نتيجة سجنه في قضية شيك دون رصيد، وذلك إذا فشل برنامج التسوية في مساعدته في بداية المشكلة بالتوصل إلى حلّ ودي مع البنك أو الدائن.

تويتر