مشكلات صـحية وبيئية في «قـلب دبي»

منطقة نايف تاريخية وتعاني من المشكلات.  الإمارات اليوم

أقر مسؤولون في مؤسسات حكومية محلية في دبي بأن منطقة نايف، التي تقع في قلب دبي القديمة، تعاني من مشكلات كثيرة ومتعددة، بيئية وصحية وخدمية، وأن دوائرهم خصصت فرقاً لمتابعة المنطقة التي تشهد كثافة سكانية عالية ووصفوها بأنها «بؤرة مخالفات» على حد تعبيرهم.

وأظهر مسح ميداني للإدارة العامة للدفاع المدني في دبي، أجرته خلال الفترة من يونيو حتى نهاية اغسطس الماضيين، أن 26٪ من مباني منطقة نايف غير مستوفاة شروط الصحة والسلامة، ما يعرضها لكثير من المخاطر ومن بينها الحرائق.

فيما تعتزم بلدية دبي إعداد مشروع جديد لتطوير المنطقة، كما «خصصت فرقاً رقابية للإشراف على المنطقة، بسبب كثرة المخالفات. ومنها تجمع أعداد كبيرة من الباعة المتجولين، إضافة إلى انتشار السلع والمنتجات رخيصة الثمن وغير المضمونة صحياً، التي أدخلت إلى الدولة بطرق غير شرعية».

وقال مسؤول في مركز شرطة نايف إن «اجتماعات عقدت مع إدارة بلدية دبي لمناقشة مشكلات منطقة نايف ومنها: الحرائق، والروائح الكريهة المنبعثة من بعض البنايات بسبب عدم اهتمام ساكنيها بالنظافة، وإلقاء القمامة فوق أسطح المباني، إلى جانب ظاهرة الحمّالين الذين يسيرون في الشوارع ويتسببون في اختناقات سير».

دعم خارجي

وأبلغ مدير الإدارة العامة للدفاع المدني في دبي اللواء راشد ثاني المطروشي «الإمارات اليوم» بأن «منطقة نايف لا يوجد فيها مركز دفاع مدني، إذ تتوزع خدمات الدفاع المدني في منطقة نايف بين مركزي الراس والحمرية اللذين استحدثا لتلبية احتياجات المناطق ذات الكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي والطرق الضيقة»، مضيفاً أن «مسؤوليات المكافحة عند وقوع الحرائق يتكفل بها المركزان».

وأوضح المطروشي أن «الإدارة ستنشئ مركزاً في منطقة نايف في حال إعادة تصميمها» على اعتبار أن «الوضع الحالي لا يسمح بذلك»، مشيراً إلى أن عدد المراكز التابعة لدفاع مدني دبي سيصل إلى 30 مركزاً قبل عام ،2015 إذ يصل عددها الحالي إلى 10 مراكز».

وقال إن «الإدارة وفرّت سيارات إطفاء متوسطة وصغيرة الحجم للتعامل مع الحرائق في المناطق المزدحمة والضيقة والتي يصعب على سيارات الإطفاء الكبيرة الوصول إليها، علاوة على تطبيق نظام الوقاية الشاملة في المباني والمحلات التجارية، الذي يؤمّن فحص وصيانة معدات الإطفاء في تلك المباني بشكل دائم من قبل شركات معتمدة من الدفاع المدني».

وأكد المطروشي أن «منطقة نايف ليست الأكبر في نسب وقوع حوادث الحريق في الإمارة» موضحاً أنه «وقع في منطقة نايف 15 حريقاً منذ بداية العام الجاري، فيما سجلت غرفة العمليات 41حادث حريق في منطقة القوز خلال الفترة نفسها» متابعاً «على الرغم من عدم وجود مركز إطفاء في نايف إلا أن الإدارة تحرص على توفير مصادر مياه الإطفاء في تلك المناطق المزدحمة أو إيجاد البدائل المناسبة».

وذكر أنه «ضمن مشروع (السلامة أولاً) تولت فرقتان من مركزي الراس والحمرية عمليات التفتيش منذ انطلاق المشروع الذي يستهدف إزالة المخالفات من المستودعات والمباني ومساكن العمال»، مشيراً إلى أن مسحاً جرى خلال الفترة من يونيو حتى نهاية أغسطس الماضيين على 1987 مبنى (مستودع، مصنع، سكن عمال) أظهر أن 1300 مبنى منها مستوفاة للشروط الوقائية، 527 مبنى منها مخالفاً، بنسبة 26٪، و38 مبنى أزيلت المخالفات عنها هذا الشهر».



مشروعات خاصة

وعن إمكانية وجود خطط مستقبلية لإعادة تنظيم المنطقة بما يتفق مع معايير وشروط الأمن والسلامة، قال المطروشي أن «الجهات المختصة بتطوير البنية الأساسية وتطوير التصميم الأساسي لمدينة دبي تضع المشروعات الخاصة بتلك المنطقة والمناطق الأخرى، ودفاع مدني دبي، شركاء في وضع معايير السلامة الوقائية والحماية من الحريق في أي مشروع منذ مراحل التصميم الأولى ومروراً بالمراحل التنفيذية».

مخالفات كثيرة

اعتبر مسؤولون في بلدية دبي منطقة نايف كثيرة المخالفات ووصفوها بـ«بؤرة مخالفات»، لافتين إلى أن تلك المنطقة تشهد حملات تفتيشية مكثفة من قبل إدارات البلدية كافة للتصدي للمخالفين، ومنع تفاقم المشكلات التي تفرضها الطبيعة الجغرافية والمعمارية للمنطقة.

ومن جهته كشف مدير إدارة الأسواق في بلدية دبي خليفة حارب، عن وجود مشكلات كثيرة تعاني منها المنطقة، وتفرضها طبيعة المنطقة بشكل يومي، أهمها غياب الإجراءات الأمنية، ما يتسبب باندلاع حرائق وانتشارها بسهولة نظراً لتلاحم المحال والبنايات الموجودة في المنطقة، إضافة إلى الزحام، وكثرة الحوادث، وعدم وجود مواقف سيارات.

وقال حارب إن البلدية خصصت فريقاً رقابياً للإشراف على تلك المنطقة، «نتيجة كثرة المخالفات فيها، التي تمثلت في تجمع أعداد كبيرة من الباعة المتجولين، وانتشار السلع والمنتجات رخيصة الثمن غير المضمونة صحياً، التي دخلت الدولة بطرق غير شرعية».

فيما أوضح مساعد مدير عام بلدية دبي لشؤون المشروعات العامة عيسى الميدور أن البلدية بصدد إعداد مشروع جديد لتطوير منطقة نايف والارتقاء بخدماتها، بما يرفع من جانب الأمن والسلامة في المنطقة، ويحافظ على جانبها التاريخي.

وقال الميدور إن خطة التطوير بدأت ببناء سوق جديدة، وفق أحدث النظم الحضارية، تستوعب 236 محلاً تجارياً بدلاً من 70 محلاً، كما كانت عليه السوق القديمة، ومجهزة بأحدث وسائل السلامة والأمان، إضافة إلى توفير مواقف سيارات.

وأشار إلى أن منطقة نايف بنيت في الأساس بهذا الشكل، تحاشياً للظروف البيئية الصعبة، حيث كانت الحارات الضيقة والسكيك توفر الظل لتسهيل عملية انتقال التجار في المنطقة، مشيراً إلى أن أي تطوير يطرأ على المنطقة ستتم فيه مراعاة هوية المنطقة وسمتها التاريخية.

سوق المتجولين

ومن جهته قال رئيس قسم التفتيش على المباني في بلدية دبي عمر عبدالرحمن، إن منطقة نايف اشتهرت بكثرة المخالفات، بسبب لجوء كثير إلى بناء إضافات عشوائية وتأجيرها للعمال، وعدم قيام الملاك بإجراءات الصيانة اللازمة للمباني.

وبدوره اعتبر مدير إدارة الصحة والسلامة العامة في بلدية دبي رضـا سلـمان أن «منطقة نايف سوق للباعة المتجولين، ومن يطلق عليهم «تجار الشنطة»، الذين من خلالهم تباع سلع ومنتجات غير مرخصة، تـشكل خطـورة على الصحة العامة»، مشيراً إلى أن البلدية عملت على تنظيم الوضع للأفضل، إلا أن كثرة أعداد العمال عملت على تفاقم المشكلة.

ولفت إلى أن تلك المنطقة يطغى عليها الطابع الشعبي، وتتميز بالزحام وضيق الشوارع، وكثرة الحارات الضيقة، ما يمثل صعوبة لمفتشي البلدية الذين يعانون من صعوبة في الحركة داخل المنطقة.

وأشار المدير السابق لمركز شرطة نايف، المنتقل حديثاً لمركز شرطة الراشدية المقدم علي احمد غانم، إلى عقد اجتماعات متكررة مع إدارة الشراكة في بلدية دبي لوضع حلول للظواهر الأمنية المختلفة في منطقة نايف، مثل انتشار الروائح الكريهة والحرائق، موضحاً أن الحريق الأخير في السكن العمالي كشف عن وجود ما يمكن وصفه بقنابل موقوتة داخل المنزل.

وقال إن الحرائق تحدث في كل مكان في العالم لأسباب مختلفة، فربما تحدث نتيجة الإهمال من شخص أو مجموعة، متابعاً «نحن في مركز شرطة نايف اجتمعنا مع إدارة الشراكة في البلدية لمناقشة مشكلة الحرائق وبحث الظواهر الأمنية كافة، مثل الروائح الكريهة التي تنبعث من بعض البنايات بسبب عدم اهتمام ساكنيها بالنظافة وإلقاء القمامة فوق أسطح البنايات وظاهرة الحمالين الذين يسيرون في الشوارع متسببين في الاختناقات المرورية.

أعباء ثقيلة

وأشار غانم إلى أن مركز شرطة نايف وجّه أكثر من جهة إلى مناطق الخلل، مثل البلدية، متابعاً «أنا رجل أمن ألعب دوراً مجتمعياً، وأحياناً أرى بيوتاً قديمة تمت إضافة أدوار إليها، لكن ليس لدي علم إذا كان أصحاب هذه البيوت حصلوا على تصريح من البلدية أم لا، وحتى لو كانت غير مرخصة ليس من مسؤولياتي مواجهة ذلك».

وأوضح أن الشرطة مثقلة بأعباء الحوادث المرورية والدوريات الأمنية والبلاغات الجنائية في ظل ازدحام المنطقة بالمحلات التجارية والعمال، وتحت هذا الضغط لا يمكن أن تقوم الشرطة بعمل جهات أخرى، وعلى هذا الأساس تم وضع التقسيمات الإدارية في المناطق بين البلدية وهيئة الكهرباء وغيرها من الـدوائر.

وفي ما يتعلق بالحريق الذي شب أخيراً في أحد البيوت القديمة التي يسكن فيها العمال وأسفر عن وفاة 11 شخصاً، قال غانم «لا يمكن الجزم بوجود قصور في مراقبة إجراءات الأمن والسلامة سواء من البلدية أو هيئة الكهرباء، فربما اتخذتا إجراءاتهما وقطعتا الكهرباء وأعاد العمال توصيلها مجدداً»، مشيراً إلى أنه لم يتم تحديد سبب الحريق حتى الآن. وأضاف أن الشرطة تتحمل عبئاً ثقيلاً بعد انتهاء الحريق، على عكس الدوائر الأخرى، فمهمتنا تمتد إلى التحقيق في أسباب الحادث وإحالة القضية إلى النيابة والمحكمة وتسليم جثث الضحايا إلى ذويهم، لافتاً إلى أن الشرطة طلبت في إطار تحقيقاتها، حول أسباب الحريق الأخير في سكن العمال، تقريراً من البلدية حول ترخيص المبنى، وتقريراً فنياً من هيئة الكهرباء حول التوصيلات، مشيراً إلى أن خبير الحرائق يدقق في كافة الأمور حتى يقدم تقريرا متكاملا إلى النيابة.

تويتر