حلويات العيد.. مذاقات بهويّات مـتعدّدة

حسين بوطويل صانع الحلويات المغربية.  تصوير: تشاندرا بالان 

ليست الحلوى مجرد طبق يقدم في المناسبات السعيدة والاعياد، لأنها في الواقع تحمل جزءاً من عاداتنا وثقافتنا، فنجدها لا إرادياً تعبر عن ثقافة الشعب الذي تنتمي اليه. وان عدنا الى مكونات الحلويات العربية سنجد الكثير من نقاط التشابه، ولكن مع  اختلافات كثيرة تحفظ خصوصية كل بلد من هذه البلدان.

 

وقد يلاحظ الذي يعيش في دبي، حيث تعدد الجنسيات والثقافات هذا الاختلاف الواضح بين النكهات مع الزيارات المتنقلة بين منازل الاصدقاء المتعددين الجنسيات، فيجد مميزات خاصة في كل طبق من اطباق هذه البلاد بنكهاتها المختلفة. لكن على الرغم من هذه الاختلافات، يبقى في الأخير أمر واحد مشترك بين الجميع وهي أنها جميعها حلوى العيد.

 

الحلوى الإماراتية
تعتمد الإمارات أكثر من حلوى للعيد، إذ تقدم فيه اللقيمات والخبيص، والبلاليط، أما الحلوى المميزة في هذه المناسبة، فهي الحلوى العمانية التي تقدم باردة. وقد اطلعنا على تفاصيل إعداد الحلوى العمانية من ماجد الحراصي صاحب محال الحراصي للحلوى العمانية، والذي قال، «اشتهرت الحلوى العمانية في الخليج، بعد أن كان العمانيون يحملونها معهم كهدية، مما أدى إلى انتشارها في الخليج عموماً»

 

. أما كيفية تحضير هذه الحلوى والمدة التي تتطلبها للتحضير فقد شرحها الحراصي، بالقول «يدخل في طبخة الحلوى العمانية السكر والنشاء والسمن وماء الورد والهيل والزعفران والسكر الأحمر الذي هو عبارة عن سكر قصب مشغول يدوياً، بالإضافة الى المكسرات. يوضع السكر والنشاء في الماء الساخن، وتقلب الحلوى حتى تصبح لزجة، ثم تضاف اليها المطيبات التي ذكرتها، والمكسرات، وتحتاج الطبخة كي تنضج مدة ثلاث ساعات مع التحريك المستمر». وأشار الحراصي إلى «انه يتم إضافة نوع واحد من أنواع المكسرات، فإما أن يكون الجوز، او الفستق، او اللوز، او السمسم، ويمكن ان تعد من دون ان يضاف إليها أي نوع من أنواع المكسرات».

 

أما لجهة مدة صلاحياتها، فهي تعد طويلة الأجل، ويمكن أن تبقى في المنزل ثلاثة شهور، حسب ما قال الحراصي، «لكن يفضل أن تؤكل في الأسبوع الأول من إعدادها، كي لا تصبح جافة». وتعتبر الحلوى العمانية حلوى عالية السعرات الحرارية، الأمر الذي يعني انه يفترض أن يتناول المرء منها كميات قليلة، كونها دسمة، وكونها أساساً تقدم مع القهوة. أما في ما يتعلق بالنكهة الخاصة بكل مصنع، قال الحراصي، «تختلف نكهة الحلوى العمانية من مصنع لآخر وذلك بسبب اختلاف الخلطات وكمية المطيبات المستخدمة، لذا فإن من يعتاد على مصنع معين سيلاحظ الفرق عند تذوقه الحلوى من مصنع آخر». 

 

«المعمول» 
تتشابه بلاد الشام بحلويات العيد، فغالباً ما تقدم المعمول والبقلاوة وكعك العيد،  بالإضافة الى البيتي فور والحلويات الشرقية الأخرى، وطبعاً مع اختزال الحلويات الرمضانية من القائمة، حيث تتوقف المحال  عن عرضها في أول أيام العيد. وقد حدثنا بالتفصيل مدير حلويات البابا في دبي، زاهي البابا، عن الحلويات اللبنانية التي تقدم في العيد، وقال «تتميز الحلويات اللبنانية الخاصة بالعيد بتنوعها، وغناها، بالفستق والجوز وكذلك اللوز، أي المكسرات على مختلف انواعها». وتابع، «نقدم معمول العيد المعروف في لبنان وبلاد الشام مع القليل من الاختلافات، وتكون حشوته إما من التمر او الفستق او الجوز، اما العجينة الاساسية فهي  من السميد والسكر والسمن».

 

أشار البابا، الى اختلافات يجب مراعاتها في مقادير العجينة مع اختلاف الحشوة، منوّهاً الى ان المكونات لا تتغير ولكن المقادير هي التي تتغير بتغير الحشوة. بالاضافة الى اشارته الى مسألة ذات اهمية وهي انه لا يعمل على ادخال ماء الورد او ماء الزهر على الحشوة معتبراً، «القيام بهذه الخطوة يؤدي الى التغيير في النكهة الاساسية الخاصة بالحلوى، وان العجينة الخالية من النكهة فقط هي التي تضاف اليها هذه المطيبات».

 

اما البقلاوة التي تشتهر في بلاد الشام اجمالاً وتقدم في العيد، فهي تشمل 10 اصناف وفقاً لما قاله البابا، «تنطلق من البورما بالفستق والصنوبر، وكول وشكور، والبصمة والنابلسية بالفستق، وصولاً الى البلورية بالفستق واصابع الصنوبر والبؤج واسية الفستق». واشار البابا، الى «ان كل نوع من انواع البقلاوة يحتاج الى وصفة خاصة ومستقلة فالحشوات تتغير إذ إن بعضها يدخله السمن، والبعض الآخر لا يدخلها سوى السكر، هذا عدا الفرق في عدد طبقات العجينة».

 

أما البيتي فور فهو يتميز باختلاف انواعه والذي يمكن ان يحمل نكهة الشوكولاته. وتابع البابا، «هنا ايضاً ينبغي ان اذكر بعض انواع الحلويات التي تقدم في العيد كالملبن والنوغا والمرصبان».

 

كعب الغزال المغربي
يتميز المغرب بحلوياته التي تختلف تماماً عن حلويات بلاد الشام، وكذلك تتميز عن حلويات المغرب العربي ببعض الفروق البسيطة. وقدم لنا مسؤول زهرة المغرب للحلويات، حسين بوطويل، والذي له خبرة طويلة في إعداد الحلويات المغربية، انواع الحلويات المغربية التي تقدم في العيد، واشهرها ، «كعب الغزال، الذي هو من انواع الحلوى المحشوة باللوز، اما العجينة فهي تتألف من السكر الذي يوضع عليه القرفة والمسكة والزبدة، وتخلط المواد مع بعضها البعض حتى تصبح متماسكة، ثم تدخل الى فرن بعد ان تحشى». اما ثاني اشهر انواع الحلويات المغربية، فهي «الشباكية وهي حلوى يدخل في عجينتها الطحين والسمسم المطحون والزبدة والقرفة والمسكة والفستق الحلبي، وتقلى هذه الحلويات بالزيت ثم تغمس بالعسل».

 

ويتابع بوطويل، «هناك البريواث والتي هي تعرف بأنها السمبوسة، بحيث ان عجينتها تكون عجينة السمبوسة المتوافرة في الاسواق، حشوتها من اللوز وتقلى وتغمس بالعسل». اما عن مدة صلاحية هذه الحلويات، فقد قال بوطويل إنها تستمر اسبوعين، وأن هذه الحلويات التي تقدم في العيد هي نفسها التي تقدم في شهر رمضان». وعن الفروق بين المغرب العربي والحلويات المغربية، افاد بوطويل، «تتميز الحلويات المغربية باستخدام الفستق وبكونها لا تغمس بالعسل، إذ تكون ناشفة كالبسكويت، في حين أننا في المغرب نستخدم اللوز بكثرة ونغمس الحلويات بالعسل».

 

كعك العيد
كعك العيد الذي تشتهر به معظم الدول العربية، التي تقدمه في العيد، تميزه مصر ضمن حلويات العيد، كونها لا تقدم سوى الكعك والغريبة. شرح لنا الشيف في مطعم غراند أبو شقرا، محمد فرجاني كيفية اعداد كعك العيد، وقال، «نحضر عجينة كعك العيد من الطحين والسمن البلدي والسكر، ونضع فيه روح الكعك الذي يمنحه نكهة مميزة، ثم يحشى هذا الكعك بالملبن او العجمية، او المكسرات، كما انه يمكن ان نقدمها من دون أي حشو.

 

والى جانب كعك العيد نحضر الغريبة، والتي تحضر من الطحين وسكر البودرة والزبدة، وتتميز هذه الحلوى بكثرة السكر فيها». وتابع الشيف فرجاني، بالاضافة الى هذه الانواع نقدم بسكويت النشادر، وهو محضر من الطحين والزبدة والسكر المطحون والبيض ويشكل كالاصابع ويوضع في الفرن حتى يحمر قليلاً». وقد لفت الشيف فرجاني الى «ان العيد يعني الفرحة وبالتالي ان الاحتفال بالحلويات هو ابسط طريقة للتعبير عن هذه الفرحة».

 

حلوى بيتية
لم تعد أم طارق العراقية الجنسية تحضر «الكليتشة» في منزلها، بعد ان تركت وطنها العراق، فهي تقول، «ان تحضير «الكليتشة» التي هي اساساً تشبه المعمول الذي يقدم في بلاد الشام، ولكن يستعاض عن السميد بالطحين يحتاج الى جماعة وتعاون، وكذلك ان تكون العائلة كبيرة، اما في الامارات فلا يمكنني ان احضر الكليتشة، لاسيما انه لا يمكن الحديث عن اجتماعات كبيرة، لذا اعتمد على الحلوى الجاهزة». وتتفق معها هدى كمال المصرية الجنسية، التي تقول «لا احضر كعك العيد بل اعتمد على الاشياء الجاهزة في السوق، فلا اعتقد انه يمكنني ان اعد كعك العيد او حتى الغريبة في المنزل، فهي تتطلب جهداً ووقتاً».

 

تساعد شاهيناز رمضان والدتها في اعداد حلويات العيد، تقول «نحضر الكنافة والمعمول، بالاضافة الى اللقيمات. ولا يمكن ان انفي اننا نعتمد على الحلويات الجاهزة لأنها متنوعة، إذ نحضر في المنزل كميات محددة وانواعاً معينة». وقالت رمضان، «ان المهلبية والمعمول والكعك هي الحلويات التي افضلها في العيد».

 

اما الحلويات التي نأخذها اثناء زيارات العيد كهدية، فهي البقلاوة». وتعد المواطنة حصة محمد تعد اللقيمات في المنزل، ولكنها تشتري الحلوى العمانية جاهزة، وتعتبر ان الحلويات الجاهزة هي افضل من التي تحضر في المنزل، بينما أم شيخة تعد اللقيمات والكعك، وفي بعض الاحيان تعتمد على الجاهزة، ان لم يكن لديها متسع من الوقت كي تحضرها، بينما تعتمد على  الحلوى العمانية الجاهزة. اما أم فارس فهي تعتبر ان البلاليط، من ضروريات سفرة الفطور في يوم العيد، كما انها تحضر البسبوسة والكنافة، فهي لا تحب الاكتفاء بالحلويات الاماراتية.

 

وقد اكدت ام فارس ان مشاغل الحياة ابعدتها عن اعداد الحلويات في المنزل، وقالت، «الحياة فيها الكثير من المسؤوليات، وغنية بالمشاغل الامر الذي يبعدنا عن تحضير الحلويات في المنزل». واشارت الى انهم يذهبون لقضاء رحلات في العيد، الامر الذي يعني انه لابد من وجود انواع من الحلويات معهم.  تحضر شيرين يوسف، أردنية الجنسية.   

 

في المنزل كعك العيد وطبعاً بالتعاون مع الوالدة، وتقول، «نبدأ بالتحضير لكعك العيد قبل يومين، فنشتري التمر المهروس، وتعد امي العجينة، ونشكل الكعك في القوالب المختلفة الاشكال. أما الحلويات الجاهزة فلا نعتمد عليها بكثرة، لأننا نركز على كعك العيد».   

 

الرجال والحلوى 
تختلف أذواق الرجال في الحلوى، فيفضل بعضهم الحلوى البيتية وآخرون يفضلون الجاهزة. أما المواطن أحمد الكتبي فهو لا يتناول الحلويات اطلاقاً، ولا حتى في العيد سواء كانت معدة في المنزل أو جاهزة، بسبب طبيعة عمله كفارس. ويقول، «توقفت عن تناول الحلويات منذ خمس سنوات، ولا اشعر اني مضطر لتناول الحلويات في العيد ولو على صعيد المجاملة». بينما محمد رمضان، المصري الجنسية، فيفضل الحلويات المعدة في المنزل، ويعتبرها أشهى وألذ من الجاهزة، كون المواد الموضوعة بداخلها طازجة وهي تكون من أجود الأنواع».
 
تويتر