علماء دين: المغالاة في المهور ترفــع «العنوسة»

الشاب الذي يعجز عن تحمل نفقات الزواج قد ينحرف أخلاقياً أو يسير فــي طريق الرذيلة. أرشيفية. الإمارات اليوم 
   

اعتبر علماء دين أن ظاهرة المغالاة في المهور التي يشهدها المجتمع «سبب رئيس في ارتفاع نسبة العنوسة في الدولة»، رابطين بين «كثير من مظاهر الفساد الاجتماعي وغلاء المهور، حيث يغرق الشباب الذين لايستطيعون توفير المهر المرتفع في دوامة الديون والقروض». 

 

واعتبروا من يطبقها آثما شرعاً، وطالبوا بسن قوانين تحد من هذه الظاهرة، حتى لا يلجأ بعضهم إلى الرشوة، او طرق غير قانونية».

 

وقالوا لـ «الإمارات اليوم» إن «بعض الآباء يطلبون مهوراً تصل الى 500 الف درهم، بخلاف تكاليف الزفاف»، مشيرين إلى أن «هذه المبالغ خيالية، ولا يقوى على سدادها معظم الشباب، ما يتسبب في عزوفهم عن الزواج، او اللجوء للزواج من اجنبيات». 

 

ونبهوا الى ان «الشاب الذي يعجز عن تحمل نفقات الزواج، قد ينحرف اخلاقيا، او يسير في طريق الرذيلة، ما يعني تدميره»، لافتين الى ان «الاسلام يعتبر الفتاة الايسر مهراً اكثر بركة». ودعا علماء الدين الآباء إلى ان يتقوا الله في الشباب، وييسروا الزيجات، للحد من ظاهرة العنوسة وحماية المجتمع، كما طالبوا «بسن قوانين تحد من هذه الظاهرة، لخطرها على المجتمع».

 

خطر
يقول كبير المفتين في دائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخير في دبي، الدكتور أحمد الحداد، إن «المغـالاة في المـهور باتت ظاهرة تستحق التوقف امامها، إذ يشترط بعض الآباء على الشباب سداد ما يزيد على نصف مليون درهم مهرا لبناتهم، وهو مبلغ كبـير يفوق قدرة غالبـية المقبـلين على الزواج، ما يتسبب في ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع».

 

وأضاف «امام مثل هذه المبالغ الكبيرة اضطر كثيرون للعزوف عن الزواج، وهو امر يشكل خطرا على المجتمع»، موضحا ان «الشاب اذا لم يستطع الزواج، قد تسوء اخلاقه، ويسلك طريق الرذيلة».

 

وتابع الحداد «بعض الشباب يضطرون للجوء للاقتراض لسداد المهر، وتكاليف الزواج، وهو امر له مساوئ عدة، إذ ان نسبة كبيرة من هذه القروض ربوية، وتصيب من يلجأ إليها بالهم والغم حتى يتم سدادها، وقد ينتهي الامر بالسجن».

 

وزاد «قد يتسبب غلاء المهور، في انتشار الفساد الاجتماعي، إذ ان الشاب احياناً يلجأ الى الرشوة او الحصول على المال بطرق غير مشروعه ليوفر المهر».

 

ودعا كبير المفتين الآباء الى التيسير على الشباب، والابتعاد عن المغالاة في المهور، وليعلموا ان ذلك خير لبناتهم، مستشهدا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير النساء أقلهن مهرا».

 

واضاف «يحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على تيسير الزواج على الشباب، اذ يقول «اكثر النساء بركة ايسرهن مهرا».

 

ولفت الحداد الى ان «الشاب الذي يسدد المهر المغالى فيه، لن يصعب عليه ترك زوجته»، موضحا انه «طالما سهل عليه سداد مهرها الغالي، يسهل عليه تركها». 

 

12 أوقية فضة
ويلفت الداعية الدكتور أحمد الكبيسي الى ان «غلاء المهور في صدر الاسلام كان مرفوضا، حتى ان الصحابي عمر بن الخطاب وضع له تشريعا».

 

وأضاف «اصبح غلاء المهور احد اقوى اسباب العنوسة في الدولة، وفي العالم العربي»، وإوضح  ان «العنوسة تفاقمت حتى كادت ان تسبب خللا اجتماعيا خطرا».

 

وقال «من اجل ذلك، فإن على كل صاحـب لسان وقلـم، او كل من يملـك قـرارا ان يحارب ظاهـرة غلاء المهـور التي هي من ظواهر الجاهلية».

 

وتابع الكبيسي «لو كان غلاء المهر مفخرة، لكان اولانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي ما زاد مهر احدى بناته على  12 اوقية من الفضة»، متساءلاً «من منا له بنات اغلى من بنات رسول الله».

 

 واشار الى ان «الاب الذي يغالي في مهر ابنته، يعتبره الشرع شخصا آثما، لانه سلك طريق المتعالين والمتفاخرن، وتسبب في معاناة اخرين». داعياً الآباء الى «اتقاء الله في بناتهم، لأن من شروط المغفرة تربية البنات بالصورة الحسنة، والصبر على المشقة والتعب النفسي في التربية حتى تزويجهن، وجعلهن مطيعات لازواجهن».

 

ودعا الكبيسي المجتمع إلى «مساعدة الشباب على الزواج والتيسير عليه»، مشيرا الى ان «قادة الغرب يدعون شبابهم للزواج، ولايتركون النساء من دون زواج، ولابد ان نكون نحن افضل من هؤلاء».

 

أقل المهور
ويلفت استاذ الشريعة في جامعة الشارقة، الدكتور عبدالحق حميش، الى  أن «الأصل في الدين الإسلامي تخفيف المهر ما أمكن، وليس التغالي في المهور من الدين في شيء».

 

واضاف أن «النبي صلى الله عليه وسلم حينما زوج بناته زوجهن بأيسر المهور، ولم يشترط لهن القناطير المقنطرة من الدراهم والدنانير، وإنما أقل المهور، وكذلك السلف الصالحون، لم يكونوا يبحثون عن مال الرجل، وماذا يدفع، لأن البنت ليست سلعة تباع، إنما هي إنسان، فليبحث لها الأب أو الولي عن إنسان مثله، كريم الدين والخلق والطباع»، مضيفا ان «النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)»، والحديث يدل على أن الرجل إذا عُرف بالأمانة والتقى، فعلى الولي أن يزوجه ابنته ولو بأقل شيء».

 

ويكمل حميش «أهم ما في الزواج، والذي يجب أن يسعى إليه ولي أمر الفتاة هو الدين والخلق قبل كل شيء، فماذا يفيد الفتاة إذا تزوجت، ودُفع لها مهر كبير، وكان زوجها  لا خلق له، ولا دين؟». ويلفت الى ان «الاسلام أمر بالمسارعة بتزويج البنات، وجاء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا حضرت، والدَين إذ حل، والأيّم إذا حضر كفؤها»، فإذا حضر الرجل الصالح فلا ينبغي لوالد البنت أن يقف في وجهها أو وجه الشاب فيرهقه بالطلبات والشروط والمهر الغالي».

 

وتابع استاذ الشريعة ان «المغالاة في المهور أمر مذموم ومكروه، خصوصاً اذا أحوج الزوج الى الاستدانة وطلب المساعدة»، معتبرا  ان «التغالي في مهور الفتيات وارتفاع تكاليف الزواج من أهم الأسباب في اغلاق أبواب الزواج أمامهن، ومن فعل فعلته هذه يكون قد فتح أبواب الحرام امام بناته وأولاده، فيجب أن  نتقي الله في بناتنا  وأولادنا، وألا نكون عوناً للشيطان وأعوانه عليهم». 

 

قوانين
ويحذر حميش من ان «المغالاة في المهور تخلف الكثير من الآثار السلبية، من بينها ظهور العنوسة، والزواج من الأجنبيات لأن مهرهن أقل، وأحيانا من دون مهر»، كما تتسبب في «لجوء الشباب للفساد والزنا، وتؤدي ايضا الى المشكلات والخلافات الزوجية بعد الزواج نتيجة تحمل الزوج الديون الكثيرة من أجل تحقيق رغبات أهل الزوجة، ومن ثم كثرة القضايا في المحاكم، ثم الطلاق».

 

ويدعو عبدالحق «الخطباء والوعاظ والعلماء الى تذكير الناس بضرورة تخفيف المهور، لأن الحكمة والفلاح والنجاح في تكوين الأسرة المسلمة السعيدة».

 

وطلب «سن قوانين تمنع من الغلاء في المهور، كونها تعصف بالاسرة وهي أهم خلية في المجتمع».

تويتر