مطبــخ رمضــان.. أكــل صحـي بلا تخمـة

تختلف البيوت في استقبال رمضان، وتتعدد طرق الاحتفال به عند الصائمين، ففي الوقت الذي يراه بعضهم فرصة للتقوى، ومراجعة للنفس، ومحاولة للتعويض عن «الأخطاء» في بقية أشهر السنة، ينصرف الآخرون الى «المطبخ» بصفته النشاط الأهم، والأبرز، والأولوية التي تحظى بالتفاف جميع أفراد العائلة، فالأب يندفع لاستعراض خبراته القليلة، والأم تصير مطالبة بوضع كل أرشيفها ووصفاتها موضع التطبيق، والأبناء يتبارون في استعراض ما يشتهون وما يدفعهم الجوع الى تخيله من وجبات قد تكون صنيعة مخيلتهم!

فيما يجد آخرون في الصوم أحياناً فرصة للإقلاع عن عادة غذائية معينة، أو الإقلاع عن التدخين، أو تنظيم برنامجه الغذائي، أو اتباع حمية لإنقاص وزنه.

وترى شما محمد شهر رمضان وسيلة للتخفيف من وزنها بقولها «في شهر رمضان يمضي نصف اليوم من دون طعام، وبعد الفطور أحاول التخفيف من أكل المقليات والحلويات، وإذا رغبت في تناولها أخفف من الكمية، وأتجنب قدر الإمكان المشروبات الغازية».

وتضيف على ذلك «الحركة المستمرة طوال النهار»، فهي تعتبر المشي جزءا أساسيا في النظام الغذائي السليم بقولها «الحركة تحرق الدهون، لذلك أحرص على المشي على الأقل لمدة ساعة في اليوم، حتى يبقى جسمي على وضعه من دون زيادة في الوزن».

زيادة الوزن

أما سهيلة أحمد «موظفة» فتقول: «في شهر رمضان تتعدد أنواع الأطعمة على السفرة، من حلويات ومأكولات مالحة ونشويات مع المشروبات التي عادة ما تكون ثقيلة بمكوناتها، والصائم على وجه الخصوص يشتهي أن يتذوقها جميعاً».

وتكمل حديثها عن زيادة الوزن في شهر رمضان: «لذلك تزيد نسبة الأكل في شهر رمضان، ما يجعل الوزن يرتفع عن بقية الأشهر الأخرى، ولكن أعتقد أن الرياضة تساعد على حل هذه المشكلة».

حمية غذائية

ويخالفها الرأي محمود عبدالله «موظف» بقوله: «أعتقد أنه في شهر رمضان يسهل تخفيف الوزن، فالشخص يصوم عن الأكل لما يقارب 13 ساعة أي تقريباً نصف اليوم، ولا يستطيع الصائم أكل جميع الأطعمة المتواجدة على السفرة بعد الإفطار».

ويحدثنا عن تجربته في تخفيف الوزن في شهر رمضان: «أحاول أن أخفف من وزني خلال هذه الفترة، فقبل إعلان وقت الإفطار أجري حول الحديقة المتواجدة بقرب منزلي لمدة ساعة كاملة، وبعدها أرتاح لفترة وجيزة وأتناول عند الإفطار مشروبا خفيفا مع التمر، وبعد صلاة العشاء أتناول وجبة الإفطار، وبذلك أكون قد خفضت من وزني كيلوغرامات عدة في الشهر».

إفطار خفيف

أما مائدة عبير محمد «ربة منزل» فهي غنية بالفيتامينات حسب قولها: «أحرص على أن تكون المائدة في شهر رمضان غنية بالمأكولات ذات الفيتامينات، فعند الإفطار أقدم التمر واللبن والشوربة، أما الوجبة الأساسية تكون عبارة عن نوع من اللحوم مع الأرز أو الخبز».

وتضيف بحكم أنها طباخة ماهرة: «وفي فترة السحور أفضل أن أقدم السندوتشات مع الحلويات الخفيفة، حتى يبدأ الصائم يومه التالي بكل نشاط وقوة، بالإضافة إلى ذلك أحاول أن أخفف قدر الإمكان من استخدام الدهون لمضارها الصحية».

الأكل باعتدال

ويذكر سعيد حمدان «موظف» عن التغذية في شهر رمضان: «النظام الغذائي الذي أتبعه في شهر رمضان، يكون مختلفاً عن بقية الأشهر الأخرى، لأننا لا نتناول فيه إلا وجبتين، بحيث نبدأ الإفطار بوجبة غنية من الأرز والدجاج أو اللحم، والوجبة الأخرى تكون معجنات مع الجبن أو الدجاج».

ويكمل عن الرياضة التي يمارسها للتخفيف من وزنه في هذا الشهر: «أحاول بقدر الإمكان أن أخفف وزني في شهر رمضان، ولكن للأسف لا أفلح في ذلك لأن الكمية التي أتناولها من الأطعمة كبيرة جداً، ولكن العام المنصرم كان مختلفاً حيث كنت أمارس رياضة حمل الأثقال التي تتطلب مجهودا كبيرا، مما جعل وزني معتدلا من دون زيادة».

فوائد عظيمة

وتقول مديرة إدارة التغذية في المنطقة الشرقية ندى زهير الأديب: «يتخذ شهر رمضان، وبكل أسف، طابع (شهر الغذاء) عند الكثير من الناس، لعدم معرفتهم بفوائده وأهمها تجديد أنشطة أجهزة وأعضاء الجسم، وتخليصه من الفضلات المتراكمة، وتحسين دهون الدم، بالإضافة إلى تحسين عمل الجهاز الهضمي، وتخليص الجسم من الوزن الزائد».

وتضيف عن كيفية عمل الجسم خلال شهر رمضان: «أثناء الصيام يزداد تركيز الدم لقلة نسبة الماء فيه، فينخفض معدل إفرازات الغدد المختلفة ومنها السائل المائي للعين، مما يقلل من حدة أمراض العين كالماء الأزرق، ويستهلك الجسم جزءاً من الشحوم المخزونة فينخفض الكولسترول في الدم المسؤول عن السكتات الدماغية».

وتكمل الأديب: «بالتالي تنخفض نسب الماء بالدم وفي الجلد مما يفيد في علاج الأمراض الجلدية، كونه يزيد من مناعة الجلد ومقاومته للبكتيريا، ويقل إفراز الأنسولين والعصارة الهاضمة لعدم وجود طعام».

أما عن الأمعاء والبنكرياس فتقول: «تأخذ الأمعاء والبنكرياس الراحة لتجديد نشاطهما، مما يقلل من الإصابة بقرحة المعدة والسكري، وتنشط خلايا الكبد لأكسدتها للشحوم المختزنة الزائدة وتزداد أعداد الخلايا الجديدة، وتزداد القدرة على التخلص من النفايات والمواد السامة».

نظام للتغذية

وعن العادات الغذائية الخاطئة لدى بعض الناس تقول مديرة إدارة التغذية إن منها «الإكثار من تناول الأطعمة بين وجبتي الإفطار والسحور، ويجب تجنبها من خلال تنظيم الوجبات، مع مراعاة نوعية وكمية ما يتناوله الصائم، للوقاية من احتمالات الإصابة بالسمنة وآلام المفاصل والسكري وارتفاع ضغط الدم».

وعن الأسلوب الصحي الذي على الصائم اتباعه تقول «في الإفطار يجب تناول الماء والتمر ثم الصلاة ويليه تناول الشوربة والسلطات، والابتعاد بقدر الإمكان عن المقالي والأطعمة الغنية بالدهون واستهلاك كمية كبيرة من الحلويات العربية».

وتقول إن المقالي «تمتص ثلاث مرات الزيوت أكثر من الطبخ العادي، وعملية القلي في الزيت نفسه أو تكرار القلي تحول الزيت إلى مواد مضرة، مثل ترايغلسرايد والكولسترول الضار لذلك يستحسن التخفيف منه».

وتعتبر ندى الأديب الوجبة المثالية لبداية الإفطار هي «عدد من حبات التمر (ثلاث-خمس تمرات)، ثم الشوربة الدافئة أو عصير طازج غير مثلج ومن دون سكر، وماء فاتر أو لبن، وهذا لتنبيه المعدة قليلاً حتى تبدأ العمل بعد راحة تزيد على 12 ساعة».

وتكمل عن الوجبة الرئيسة «يفضل أن تكون وجبة الإفطار خفيفة غير كبيرة، حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً في هضمها، ما يعيق غالبية الدم من التدفق للجهاز الهضمي، ويسبب بالتالي الخمول والكسل والنعاس».

كما تنصح بتنويع الوجبات بقولها: «يجب أن تشتمل على المجموعات الغذائية الخمس، وهي الحبوب والحليب والألبان، ومجموعة الفواكه والخضار، بالإضافة إلى البقوليات واللحوم والمكسرات، وهذا يعني عدم الاقتصار على صنف واحد (كالهريس) مع أنه يحتوي على مجموعة عناصر غذائية جيدة، بل يجب تناول الفواكه والورقيات».

وتضرب مثلا على ذلك بقولها: «إمكانية تناول قطعة لحم صغيرة أو ربع دجاجة أو بقوليات مطبوخة كالعدس أو الفاصوليا، بالإضافة إلى خضراوات مطهيه، وصحن سلطة، وفواكه كحبة موز أو تفاحة».

أما عن وجبة السحور فتقول: «يجب تناول كوب حليب أو لبن أو زبادي، وأي خضراوات متوافرة، أو قطعة خبز، أوحبة فاكهة، ويمكن تناول الأرز مع لحم قليل الدسم، ويفضل عدم تناول الأغذية المالحة مثل السمك والمخللات والجبن والزيتون، والحلويات المركزة مثل الكنافة والبقلاوة، والمكسرات، لأن مثل هذه الأطعمة تسبب العطش الشديد أثناء النهار كما أنها قد تؤدي إلى سوء الهضم».

وتذكر الأديب عن ما يجب تناوله بين الوجبتين: «يفضل دائما شرب السوائل ما بين وجبتي الإفطار والسحور سواء الماء (ثمانية أكواب يوميا لمنع جفاف الجسم)، أو الشاي الأخضر، أو الزهورات لتخفيف الحموضة في الجهاز الهضمي، وكذلك عصائر الفواكه الطبيعية لاحتوائها على فيتامين ج».

الحد من الإسراف

ويقول رئيس قسم مراكز تحفيظ القرآن الكريم بالوكالة بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي عبدالله الكمالي: «كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند الإفطار تناول الرطب وإن لم يجد فعلى تمر وإن لم يجد فعلى ماء، ولا يعني هذا الحرص أن يحرم الإنسان نفسه مما أباحه الله تعالى من الطيبات وأنواع الطعام، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل اللحم وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد».

ويؤكد على ضرورة الحد من الإسراف بقوله: «الخطأ هو في الإسراف الشديد في تناول الطعام، وبذلك نخالف قوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا)، فهناك آثار سلبية تترتب على ذلك ومنها شعور الإنسان بالكسل عن أداء الطاعات خصوصاً التراويح والقيام، ويجب الأخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم : «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه فإن غلبت الآدمي نفسه فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس».

أغذية وعادات يجب تجنبها في رمضان

الماء المثلج في بداية الإفطار، والذي يؤدي إلى تقلصات وسوء هضم في المعدة.

المواد الحارة والمخللات بكثرة، لأنها تزيد إحساس الصائم بالعطش.

الحلويات والمأكولات الغنية بالدهون في السحور، لأنها تسبب للصائم اضطرابات وعسرا في الهضم أثناء النهار كما تزيد الإحساس بالعطش، ويرجع ذلك إلى أن عملية الهضم لأي نوعية من الدهون تتطلب كميات زائدة من الماء.

تناول كمية كبيرة من الطعام والشراب بعد سماع أذان الإفطار، مما يسبب التخمة وتمدد المعدة، فيحدث عسر الهضم والشعور بالخمول وقلة التركيز.

الإكثار من تناول الأطعمة الدسمة والمحمرة والمقلية، مثل اللقيمات والسمبوسة والشاورما والكنافة وتعطي سعرات حرارية عالية زائدة عن حاجة الجسم.

الإكثار من تناول المكسرات والمشروبات الخاوية، كالشاي الأحمر والعصائر المصنعة، والمشروبات الملونة المحلاة بالسكر والألوان الصناعية والمواد الحافظة فقط.

النوم بعد تناول وجبة دسمة في السحور مباشرة يؤدي إلى عسر الهضم.

التدخين بعد الإفطار مباشرة يحد من الشهية ويؤخر عملية الهضم، بالإضافة إلى مضاعفاته الصدرية المعروفة.

تويتر