إضافة بند «أسعار مواد البناء» إلى عقود المقاولات الجديدة

 

أوصى مجلس إدارة جمعية المقاولين لأعضاء الجمعية بـ«عدم توقيع أي عقد مقاولة جديد يقدم إلى مطورين أو ملاك دون أن يكون مشتملاً على جدول بأسعار مواد البناء»، معتبرين أن ذلك «سيحقق المحافظة على حقوق الطرفين، وتجنباً لأي مشكلات مستقبلية قد تنشأ بين أطراف العقد»، فيما دعت الجمعية إلى استحداث مؤشر (رسمي) لأسعار مواد البناء يصدر بصفة دورية ليسترشد به المقاولون عند توقيع عقود جديدة.

 

واعتبر مقاولون أن مخاطبة الجمعية بهذه التوصية ستؤدي إلى تشجيع المقاولين للإقبال على مشروعات إنشائية جديدة، في ظل ما ستـحدثه هذه القوائم من توازن في العلاقة بين المطـور أو المـالك والمقاول، عملاً بمبدأ «لا ضرر ولا ضرار»، فضلاً عن أنها «ستحميهم من مخاطر الوقوع في خسائر مالية كبيرة، نتيجة عدم تطبيق ذلك في العقود السابقة»، مشيرين إلى أنها «بمثابة إنصاف للمقاول الذي تكبد خسائر مالية ليست بسيطة أخيراً، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، وعدم قبول المطور أو المالك في أغلب الأحيان بتعويض المقاول عن الفوارق في الأسعار».

 

واستعرض مجلس إدارة جمعية المقاولين، الخميس الماضي، قضية ارتفاع أسعار مواد البناء والخسائر التي يتكبدها مقاولون جراء ذلك، كما ناقشوا قضايا ذات علاقة بالتعامـلات مع وزارة العـمل لاستقدام العمال من الخـارج، وكذا استقطاب عمال الداخل والإغراءات التي تقدم إليهم لترك شركاتهم والالتحاق بشركات منافسة.

 

مجلس للمقاولات

من جهته، طالب رئيس مجلس إدارة جمعية المقاولين، الدكتور أحمد سيف بالحصا، بـ«تفعيل القرار الرسمي الصادر بإنشاء مجلس أعلى للبناء والتشييد في الدولة ليكون الجهة المنظمة لقطاع الإنشاءات والمقاولات»، مؤكداً أن «السوق تحتاج لهذا المشروع الحيوي بعد الارتفاعات القياسية في أسعار مواد البناء حالياً، فقطاع المقاولات واجه، ولايزال، هذه المشكلة».

وأوضح أن «حجم المشروعات التي تنفذ حالياً أو المخطط لتنفيذها على مستوى الدولة ككل، جعلت قطاع المقاولات يعيش طفرة لافتة، فالمشروعات السياحية العملاقة والمطارات والبنية التحتية ستشكل عملاً كبيراً لعدد من السنوات المقبلة، إضافة إلى أنها تمثل تحدياً كبيراً لشركات المقاولات، وتشكل في الوقت نفسه عبئاً كبيراً على الشركات، حيث سيكون الطلب كبيراً على مواد البناء بأنواعها، وأيضاً نمو الطلب على العمالة يشكل هو الآخر تحدياً للشركات والهيئات المسؤولة عن تنظيم وإدارة هذه المشروعات».

 

إنصاف المقاولين

وقال مدير عام شركة «أرابكو للمقاولات»، المهندس محمد عوف: «إن تطبيق هذه التوصية سينصف المقاولين الحائرين ما بين غلاء مواد البناء ورفض المطور أو المالك التعويض»، مضيفاً أنه «سيؤدي لإحداث حالة من التوازن بين الطرفين».

 

واعتبر عوف أن «اعتماد هذا المبدأ من خلال مقاولي الدولة سيشجعهم على الدخول في مقاولات جديدة، دون خوف من مخاطر تحمل فروق الأسعار بدلاً من المالك أو المطور، لاسيما وأن كثيراً من المشروعات الجديدة لا تجد مقاولين أكفاء للحصول عليها، بينما المتقدمون منهم إما يبالغون في تقدير المقاولة الجديدة أو ينافسون بعرض أسعار أقل، بصورة تدعو للاندهاش من قدرتهم على التنفيذ بهذه الأسعار».

 

وأشار إلى أن «سعر القدم المربعة على سبيل المثال ارتفع بنسبة 60% منذ مطلع العام الجاري، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، إذ ينفذ حالياً بسعر 400 درهم، فيما كان ينفذ في شهر يناير بسعر 250 درهماً».

 

واتجه مقاولون إلى احتساب نسبة 40% إضافية على قيمة المقاولة الجديدة التي يتم التوقيع على عقدها منذ مطلع العام الجاري، «إذ لم تكن هناك ضوابط منظمة لتعويض الخسائر الفجائية، فيما لم تكن النسبة التقديرية لغلاء أسعار مواد البناء تتجاوز 10% العام الماضي»، وفقاً لعوف.

 

تعويض للخسائر

أكد مدير عام «مجموعة الشعفار للمقاولات»، علي الشعفار، أن «هناك مجموعة شروط ومواصفات جديدة وقائية اتفق عليها مقاولون ومطورون وملاك، ستشمل عقود المقاولات الجديدة، لاسيما بعد الخسائر الكبيرة التي وقع فيها مقاولون أخيراً، مثل إعلامهم بأسعار مواد البناء الرئيسة من حديد تسليح وإسمنت وما إلى ذلك، فيما نتفق على أنه في حال الزيادة على أسعار هذه المواد، فإنه يحق للمقاول أن يعوض خسارته من المالك أو المطور مباشرة دون نزاع، فيما إذا حدث انخفاض في أسعار مواد البناء بعد التعويض، فيحق للمطور أو المالك أن يسترد المبالغ الزائدة على حاجة المقاول مرة أخرى».

 

وبيّن أن «العرف الجديد المتبع لم يكن ليقبله المطور قبل ذلك، غير أنهم قبلوه حالياً بسبب الضغوط الناتجة عن انسحاب مقاولين من مشروعات كبرى، وتفضيلهم دفع نسبة 10% من قيمة المقاولة على هيئة تعويض الانسحاب (الشرط الجزائي) والخروج من المشروع نهائياً، ما أدى لتعطل بعض المشروعات بصورة دفعت بالمطورين والملاك إلى تفهم حقيقة انسحاب هؤلاء المقاولين».

 

إفلاس الصغار

ورصد مدير عام شركة «المحيط للمقاولات»، المهندس سعد الموافي، ارتفاع نسب المخاطرة في المقاولة بنسبة 20% منذ مطلع العام الجاري، وقال: «كانت نسبة المخاطرة لا تتعدى 30% على أسوأ حالاتها، بينما الآن تخطت نسبة 50%»، في إشارة لتذبذب مؤشرات أسعار مواد البناء، على اعتبار أنها السبب الرئيس وراء تحرك هامش المخاطرة ارتفاعاً.

 

وأضاف أن «الارتفاعات في أسعار مواد البناء فاقت التوقعات، فيما لا يتمكن المقاول من ترك المشروع أو التوقف عن تنفيذه، ونضطر لأن نستكمل العمل على خسائرنا الحالية، انتظاراً لمشروع آخر يعوض بعض هذه الخسائر».

 

وطالب الموافي بـ «تعويض المقاولين عن الخسائر الناتجة عن ارتفاع أسعار مواد البناء، بواقع 10% إلى 15%»، مشيراً إلى أن «شركات صغيرة لا يتعدى رأسمالها 500 مليون درهم (موزعة ما بين معدات ومشروعات وأجور وإيجارات)، تواجه مشكلات تعثر مالي، وهي ليست محسوسة حالياً بصـورة جيدة، لكنها مهددة بالإفلاس فعلاً مع توقيت تسليم المشروعات التي تنفـذها حالياً، نتيجة عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير».


إطار تنظيمي

 أكد رئيس مجلس إدارة جمعية المقاولين، الدكتور أحمد سيف بالحصا، أن «إنشاء مجلس البناء والتشييد سيكون له فائدة كبيرة في وضع التشريعات اللازمة والمهمة لقضايا قطاع البناء الاتحادي وإيجاد إطار تنظيمي يعمل على سد الفراغ القانوني والتشريعي الذي يعاني منه القطاع، ليصبح مجلساً اتحادياً يعمل على تنفيذ السياسات الهادفة لضبط قطاع المقاولات في الدولة»، داعياً أعضاء الجمعية إلى «إحالة أي مشكلات تقنية أو قانونية تواجههم إلى اللجنة الفنية الاستشارية العليا بالجمعية برئاسة المهندس على حمد الشامسي، بفروعها الثلاثة التي تقرر إنشاؤها في كل من أبوظبي ودبي والشارقة». 

تويتر