وظائف الجسم تخضع لإيقاع حيوي ينبغي المحافظة عليه

اختلال «الساعة البيولوجية».. ينعكس سلــباً على الصحة

صورة

تتأثر صحة المرء النفسية والجسدية، نتيجة اختلال إيقاع حياته الحيوي، أو ما يعرف بـ«الساعة البيولوجية»، إذ أثبتت دراسات عدة، أن ظهور بعض الأمراض، ومنها أمراض مزمنة، يرتبط بشكل مباشر باختلال «الساعة البيولوجية».

تبعات السهر

 أكد أخصائي الأنشطة الصحية في إدارة التغذية والصحة المدرسية، الدكتور أسامة كامل اللالا، أن هناك تبعات سلبية ناجمة عن الأرق، وقلة ساعات النوم على صحة الفرد، من بينها الاضطرابات النفسية، وضعف التركيز، وتدني مستويات الإنتاج والتعب والصداع، وقد تصل الأعراض إلى التأثير في صحة الإنسان.

ومن أهم تبعات السهر السلبية، انخفاض عدد الخلايا المناعية القاتلة، وانخفاض إفراز هرمون يعد أقوى مضاد للتأكسد، وبالتالي تقل كفاءة عمل هرمون النمو الذي يعمل ليلاً، ويقل إفراز هرمون مهم للتخلص من الأملاح الزائدة، كما يزداد مستوى الكورتيزول في الدم، ولا يتوقف التأثير عند حد ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، بل يؤدي إلى بطء في إفراز هرمون الذكورة في ساعات الليل، وزيادة مستوى هرمون مضر يسبب أمراض القلب والشرايين.


خطة لجودة النوم

- وضع أخصائي الأنشطة الصحية، الدكتور أسامة كامل اللالا، خطة لتحسين جودة النوم في الليل تشتمل على نصائح منها:

الاهتمام بغرفة نومك، وتوفير الجو الملائم دون ضوضاء ولا إزعاج أو إضاءات قوية، مع الاعتدال في حرارة جو الغرفة.

-ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة، لاسيما في الصباح الباكر، وفي فترة ما بعد صلاة العصر، تؤدي إلى سرعة الخلود للنوم، وتسهم إيجاباً في تحسين نوعية النوم ومدته بشكل أفضل من التدخل الدوائي، لاسيما لدى المسنين.

- الاستيقاظ المبكر والتعرض لأشعة الشمس في الصباح (ضوء النهار) بشكل مباشر دون استخدام النظارات الشمسية يؤدي إلى زيادة إفراز الميلاتونين، وتحسين النوم مساءً.

- أخذ فترة قيلولة قصيرة لا تزيد على 10 ــ 30 دقيقة بعد صلاة الظهر تساعد على النوم العميق مساءً.

- الابتعاد عن التلوث الجوي والضوضاء والإشعاعات.

ولفت اللالا إلى أن هناك أموراً تأثر سلباً في جودة النوم الليلي، منها:

تناول عشاء دسم في وقت متأخر من الليل يعيق النوم العميق ويؤثر في جودته، إذ يفضل أن تكون وجبة العشاء قبل ثلاث ساعات على الأقل من موعد النوم، وتكون وجبة خفيفة وسريعة الهضم.

- يفضل عدم ممارسة الأنشطة البدنية العنيفة قبل موعد النوم مباشرة، إذ تؤدي إلى تأخير حالة الشعور بالنوم، وذلك يعود إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم الداخلية، لذا يفضل أن يكون توقيت ممارسة النشاط البدني، بعيدا عن فترة النوم بوقت كاف قد يصل إلى ثلاث ساعات على الأقل.

- لا تعمل وأنت في السرير، لأن السرير للنوم والاسترخاء لا للعمل.

- الابتعاد عن تناول المنبهات قبل موعد النوم، واحذر المهدئات والمنومات، وإن أردت الهدوء فتناول كوباً من الحليب الساخن قبل النوم.

وقال أخصائي الأنشطة الصحية، الدكتور أسامة كامل اللالا، إن «التقدم التكنولوجي نجم عنه العديد من الآثار السلبية المرتبطة بصحة الإنسان، إذ لم تعد الأمراض المزمنة هي الجانب السلبي الوحيد في ما يتعلق بصحة الإنسان، التي نتجت عن الخمول البدني وقلة النشاط الحركي، الذي يعد أحد إفرازات المجتمعات التكنولوجية الحديثة»، مشيراً إلى أن من أبرز سلبيات التقدم التكنولوجي كذلك اضطراب ما يسمى بـ«الساعة البيولوجية» (الإيقاع الحيوي) لجسم الإنسان.

ولفت اللالا إلى أن «أي اختلال يحصل في نمط الحياة حتماً ينعكس سلباً على الصحة النفسية والعضوية، إذ تشير دراسات علمية في هذا المجال إلى أن ظهور بعض الأمراض ارتبط بشكل مباشر بانقلاب (الساعة البيولوجية)، ونتيجة لذلك أصبح العديد من الناس في هذا العصر يعاني الأرق وعدم القدرة على النوم، نتيجة تغير العديد من السلوكيات الصحية، ما أثر سلباً في الإيقاع الحيوي لجسم الإنسان، إذ يعتقد علماء أن هناك أوقاتاً محددة خلال اليوم يكون فيها الجسم البشري في أفضل حالاته، إذ تزداد كثافة التمثل الغذائي ونشاط الجهاز الدوري التنفسي نهاراً، وعادة تكون هذه العمليات أكثر من أربع عمليات فسيولوجية ترتبط بزمن اليوم الكامل».

الكفاءة البدنية


أضاف اللالا لـ«الإمارات اليوم»، أن «كفاءة الإنسان البدنية والأيضية ذات مستويات مختلفة باختلاف ساعات اليوم، إذ ثبت أن هناك كثيراً من وظائف الجسم الفسيولوجية والكفاءة البدنية تخضع لنظام الإيقاع الحيوي، أو (الساعة البيولوجية) خلال 24 ساعة، وذلك وفقاً للإيقاع الحيوي لجسم الإنسان، فساعات الصباح الباكر أثبتت وجود دورة ثابتة تعمل على مستوى الخلايا والأنسجة في الجسم تتوافق مع دورتي الليل والنهار، وهي ما يطلق عليها (الساعة البيولوجية) والإيقاعات اليومية، وبالنسبة لمعظم الكائنات الحية، فإن دورتي الليل والنهار تنقسم الى فترات حيوية ونشاط، وفترات سكون وراحة».

وأظهرت الدراسات، بحسب اللالا، أن «نشاطنا الذي نقوم به خلال النهار يؤدي إلى الإرهاق والتعب، ويصيب أجسامنا بالعديد من التسممات الناتجة عن التفاعلات الكيميائية داخل الجسم، وكذلك جراء ما نتعرض له من ملوثات خلال ساعات النهار، وما نتناوله من طعام غير صحي، لذلك فإن النوم مساء يساعد على طرح هذه السموم، والتخلص منها، فهو يعيد إلينا الهدوء والراحة والسكينة، ويساعدنا كذلك على إعادة التوازن الداخلي لعمل اجهزة الجسم الحيوية التي أصابها نوعاً من الاخلال نتيجة الإرهاق والتعب طوال النهار».

أفضل الأوقات


أوضح اللالا أن «فترة الصباح الباكر ما بين الساعة السادسة و11 صباحاً تعد من أفضل الأوقات للصحة، التي هي أوقات استيقاظ الطلبة وتوجههم إلى المدرسة وحتى انتهاء الدوام المدرسي، فخلال ساعات الصباح الأولى ينشط عمل الجهاز العصبي (السمبثاوي)، ويبدأ الجسم بالاستعداد لاستقبال الضوء في موعده، ما يرافقه انخفاض ملحوظ في عمل الغدة الصنوبرية ونقص الميلاتونين (هرمون العتمة) ونهاية سيطرة الجهاز (البارسمبثاوي)، ويقوم الجسم بتنفيذ العديد من الوظائف، مثل رفع درجة حرارة الجسم، وإفراز هرمون الكورتيزول، الذي يكون عالياً في ساعات الصباح، وينخفض بشكل ملحوظ عند ساعات المساء، وكما هو معروف فإن من أهم وظائف الكورتيزول رفع فعالية الجسم وتنشيطه، من خلال العمل على توفير الطاقة». وتابع أخصائي الأنشطة الصحية: «عند استيقاظ الطالب من النوم فإن هرمونات الغدة الكلوية (الكظرية) تكون في كامل طاقتها وحيويتها في ساعات الصباح الباكر، لذا من الضروري تزويد الجسم بوجبة إفطار صباحية صحية متوازنة، وهذا ما نشدد عليه ونركز عليه بالنسبة للطالب، لضمان حيوية الجسم ونشاطه، كما تكون مستويات السكر بالدم منخفضة، ما يؤدي إلى اضطرابات في عمل البنكرياس في ضبط نسبة السكر بالدم وينتج عنه التعب وضعف التركيز، لذلك تأتي أهمية تناول وجبة الإفطار في وقتها المحدد، ويفضل تناولها خلال الساعة الأولى من الاستيقاظ من النوم». وشدد على أن للإفطارأهمية كبيرة لأنها من أهم الوجبات من الناحية الغذائية، و«عادة تأتي بعد فترة طويلة من الصيام، تستمر أحياناً لأكثر من 10 ساعات، نتيجة النوم، فتناول وجبة إفطار جيدة تساعد على زيادة نشاط الجسم، وتحمله لأعباء العمل والدراسة، كما تساعد أجهزة الجسم على العمل بطريقة سليمة ومنظمة، ويجب أن يسهم الفطور في تزويد الجسم بربع الاحتياجات الغذائية اليومية للشخص على الأقل، كما تسهم وجبة الإفطار في الحد من نسبة التعرض للسمنة بالمساعدة على خسارة الوزن، وذلك بدفع الجسم على رفع معدل التمثيل الغذائي فيزداد معدل الحرق، وكذلك استخدام الدهون مصدراً للطاقة وعدم تخزينها في الأنسجة الدهنية، كما أن وجبة الإفطار تؤمن الطاقة اللازمة للمحافظة على نسبة العضلات في الجسم».

القيلولة ضرورية

أفاد اللالا بأن «دراسات علمية اثبتت أن أخذ فترة قيلولة بعد صلاة الظهر يساعد إيجابياً على النوم العميق ليلاً، ولكن للأسف فإن مفهوم القيلولة (فترة زمنية تمتد ما بين صلاتي الظهر والعصر) مازال غير واضح عند شريحة كبيرة من الناس، فالقيلولة الصحيحة تنشط الجسم وتشحن الجسم بطاقة إيجابية تساعدنا على القيام بواجباتنا وأعمالنا اليومية من عبادة ومذاكرة الدروس بكفاءة وحيوية عالية تستمر معنا إلى ما بعد صلاة العشاء».

وأضاف أنه «نتيجة للتوتر الذي يصيب الجسم في فترة ما بعد الظهر بسب ارتفاع نسبة الأدرينالين بالدم، وما ينتج عنه من إحساس بالتعب والإرهاق، ونتيجة لانخفاض درجة حرارة الجسم في فترة الظهيرة، يصيب الجسم شعور بالحاجة إلى النوم يشابه الرغبة في النوم وقت الليل، إذ تساعد القيلولة على إعادة ضبط الإيقاع الحيوي للجسم، وتزيد القدرة والكفاءة على العمل والإنتاج، وتسهم في إزالة التوتر الناتج عن ارتفاع مستويات الأدرينالين بالدم ، كما أنها تعزز الذاكرة والتركيز، وتفسح المجال أمام دورات جديدة من النشاط الدماغي في نمط اكثر ارتياحاً».

وذكر أن العديد من الدول الغربية شرع في إدراج القيلولة في الأنظمة اليومية، وأوصى براحة تراوح بين 10 و30 دقيقة، خصوصاً أن زيادة فترة القيلولة على 30 دقيقة قد تؤدي إلى شعور بعدم الراحة والمزاج السيئ، وصعوبة في الاستيقاظ، والإحساس بالخمول والكسل، والميل إلى العصبية وسرعة الاستفزاز.


 
 

تويتر