‏مصمم تتميّز ابتكاراته بالجمع بين الأصالة والمعاصرة‏

‏ميري: صناعة السـجاد في دمـي‏

ميري: الحرير جيد للجدران والصوف أفضل للأرض. تصوير: أشوك فيرما

‏‏تتسم قطع السجاد التي يبتكرها المصمم الإيراني رازي ميري بدقة تفاصيلها، وصناعتها اليدوية، وكذلك موادها غير المصنعة عبر الآلات، بالإضافة إلى أن الكثير منها يكون قطعاً غير مكررة، إذ يستغرق العمل على سجادة واحدة ما يقارب السنة، ما يجعل القطعة أقرب لأن تكون لوحة فنية تزين المنزل. وقد نجح ميري الذي يعتبر من الجيل السادس من العائلة التي أسست ابتكارات ميري، في أن يقدم تصاميم استحقت أن توضع في أشهر المتاحف العالمية لندرة عملها وجودتها وقيمتها الفنية.

وقال المصمم الإيراني «أعتبر من الجيل السادس في تلك المهنة في أسرتي، فقد تأسست شركتنا التي تصمم سجاداً مختلفاً في عام ،1820 وعرف أجدادي بتقديم السجاد التقليدي والذي يصنف على أنه قطعة «أنتيك»، وكانوا يصدرونه إلى الخارج»، مشيراً إلى أن أجداده منذ زمن بعيد نجحوا في تصدير منتجاتهم إلى سورية ولبنان، بالإضافة إلى بلاد غربية كسويسرا وألمانيا لاحقاً، وبدأ هو لاحقاً يعمل مع والده على توسيع الشركة.

وأضاف ميري لـ«الإمارات اليوم» «لم أدرس الحرفة أو أتعلمها، ولكنها كانت في دمي، كونها إرثاً عائلياً يجب المحافظة عليه، كما أن النشوء في عائلة تحب السجاد أثر فيّ كثيراً، وبدأت بمساعدة والدي منذ 38 عاماً»، لافتاً إلى أن الإرث العائلي وتوارث المهنة والمحافظة على القديم أمران يدفعانه إلى العمل بجهد للحفاظ على بقاء الاسم لامعاً ومعروفاً في عالم السجاد من دون التغيير في التصاميم أو الخط أو نوعية المواد المستخدمة.

  ‏نساء

اعتبر مصمم السجاد الإيراني رازي ميري، أن حياكة السجاد تعد مهنة نسائية بشكل أساسي، وإن نسبة الرجال الذين يعملون فيها لا تتعدى 6٪، مؤكداً أن المرأة أحياناً تنجح أكثر من الرجل في كثير من المجالات، وبالتالي هي قادرة على تحقيق نجاحات باهرة، لاسيما في الحقل الفني. ولفت إلى أن بعض النساء اللواتي يعملن في المجال يرفضن أن تقوم أي امرأة بمساعدتهن، حتى بناتهن لأنهن يرين أن العمل أمر شخصي ويتطلب دقة عالية، فيما أن الثقة بالقدرة على الوصول إلى النتيجة المرجوة يجعل بعضهن يضعن توقيعهن على السجاد حين يبدأن بالتصميم وليس حين ينتهين.‏

 

 

فنون

وأكد ميري أن حبه للفنون هو الذي عزز فرص نجاحه في عالم تصميم السجاد «كنت أحب فن التصوير، والهندسة والتصميم وهي اشياء ساعدتني على الابتكار والتحديث في السجاد»، مشيراً إلى أن المشكلات التي واجهته في بداية عمله كانت العمل على تجديد السجاد التقليدي، وقال «كنت دائماً أتساءل، لماذا لا يمكننا أن نجدد في السجاد التراثي المعروف، وقد أجريت الكثير من الأبحاث التي ساعدتني لاحقا على ابتكار تقنيات مختلفة لتطوير حرفة السجاد، علما بأننا لا نستخدم الآلات في صناعة السجاد، بل نعتمد على الأيدي العاملة بشكل أساسي».

وذكر أن البحث عن التطوير، كان بحاجة للبحث والتعرف على كل أفكار الإنتاج المحلي لمعرفة كيفية تطويره، وكان لابد من البحث عن اتجاهات الفن العصري لتطوير رسوم وألوان السجاد، لأن هذه القطع من السجاد هي قطع فنية ستوضع في المنزل ويجب أن تكون مناسبة للأثاث الحديث، وفق ميري الذي استدرك «عندما أخذت على عاتقي التجديد، لم ألغ العمل على بعض القطع التقليدية، فمازال هذا الجزء موجوداً في أعمالي لارضاء من يطلبه، وكذلك للحفاظ على الجذور التي هي أساس أي نجاح».

وأضاف المصمم الإيراني أن «السجاد التقليدي القديم،مميز بتفاصيله الدقيقة والتقليدية وألوانه القديمة أيضاً، فيما المواد المستخدمة هي مواد طبيعية وغير معالجة كيميائياً، أي الصوف الطبيعي الملون بشكل طبيعي».

وأشار إلى أن البدء بالعمل على أي تصميم يكون برسم السجادة، وبعدها يتم تلوينها من قبل النساء العاملات في المتجر، وبالتالي فكل قطعة تحتاج أحياناً لما يقارب السنة ونصف السنة لتلوينها بالكامل على الورق لكثرة التفاصيل الموجودة داخلها وبعدها تحاك، وفق ميري، وبعض التصاميم قد تتطلب السنتين في التحضير للفكرة فقط، فقد يستغرق بعض السجاد الكثير من الوقت ليخرج بالصورة النهائية. ومن التصاميم التي استغرقت الكثير من الوقت مع ميري، سجادة تتألف من 100 مربع صغير، كل مربع يحتوى على تصميم ورسوم لا تتكرر، وهي مستوحاة من المدن الإيرانية، وقد استغرق الوصول إلى الفكرة سنتين ونصف السنة.

ألوان

أما في ما يتعلق بألوان السجاد، فلفت المصمم الإيراني إلى أن اختيار الألوان بات يعتمد إلى حد ما على موضة الأثاث الرائجة، فالمرأة التي تبحث عن السجاد الغالي الثمن، لا يمكن أن تدفع ثمن سجاد مهما كان جيداً أو مميزاً إن لم تكن قادرة على وضعه في المنزل، ولهذا نكثر من الأزرق والأحمر والبيج، مشدداً على أنه يستخدم الصوف الأبيض كونه القادر على امتصاص الألوان بشكل جيد بخلاف ألوان الصوف الأخرى، وبالتالي تكون نتائج تلوينه مضمونة.

وقال «أحاول أن تكون التصاميم مرتبطة بشكل أو بآخر بالثقافة المحلية، فهناك بعض القطع التي ترتبط بالعادات والقيم، أو تبرز الكثير من وجوه الحضارة، وهذا ما جعلها تستحق أن تكون قطعاً فنية توضع في المتاحف، فلدي قطعاً موجودة في أشهر متاحف العالم في لندن وإيران وإيطاليا».

أما المواد الأساسية التي يحاك منها السجاد، فليست الحرير بالدرجة الأولى، حيث أكد ميري، أن الصوف هو الأفضل للسجاد الذي سيوضع على الأرض، فيما الحرير يكون مناسباً أكثر لوضعه على الجدران كلوحة فنية. ويبتكر ميري ستة تصاميم تقريباً خلال السنة، ويوزع إنتاجه حول العالم، ومنها دبي، كون ابتكارات ميري في دبي مول، أحد فروعه الـ15 التي تنتشر حول العالم، حيث يمتلك متاجر في طوكيو وألمانيا وسان فرانسيسكو، وتوزع للعـديد من البلدان.

وتتباين أسعار السجاد التي تصنع يدوياً، فقد يكون سعر بعض السجاد مقبولاً، أي لا يتعدى 2000 درهم، بينما يصل سعر بعضها الآخر إلى نحو 750 ألف درهـم، «فلا يمكن لأحـد أن يدفع ثمن السجاد المبتكر إن لم يكـن قادراً على فهم الفن الذي يشتمل عليه، فبعض القطع تخلق خطاباً وحواراً مع المتلقي».

تويتر