خالد حرية من حلم الطيران إلى واقع الطهو

حرية: لا أقل أهمية عن الشيف.                         تصوير: يونس الأميري

على الرغم من أن والده كان يحلم بأن يراه طياراً بارعاً يحلق في السماء، فإنه آثر أن يصبح طباخاً ماهراً يعكف على تقديم الأكلات الشعبية بيدٍ إماراتية، تدرك طبيعة المطبخ الإماراتي، وتلم بأسراره المختلفة، حتى أصبح مع مرور الوقت أحد أشهر أصحاب مطابخ المأكولات الشعبية في الدولة، والتي ذاع صيتها ليصل إلى دول الخليج قاطبة. إنه عميد مشجعي المنتخب الإماراتي خالد حرية.

وفي حوارٍ مع «الإمارات اليوم»، ذكر حرية عن بداياته في مجال الطهو «بزغت موهبتي في الطبخ منذ 30 عاماً حين كنت شاباً يافعاً أتولى مهام إعداد المأكولات الشعبية على وجه الخصوص، وذلك في الرحلات التي كنت أنظمها برفقة أصحابي وزملائي، ودائماً ما كانت تشهد أصنافي المختلفة إقبالهم وتنال إعجابهم»، وتابع «ولهذا أصررت على تنمية موهبتي في هذا المجال بعد أن انضممت للعمل في الدفاع المدني، فتحولت من شرطي كاتب إلى طباخ يقوم بإعداد الأكلات الشعبية للموظفين، ومع مرور الوقت أصبحت المشرف على عمل الطباخين فيه، وقد كنت أشعر بسعادة عارمة لا يمكن وصفها حين أمارس عملي هذا»، وعلق حرية «لاسيما أنني اقتحمته عن قناعة وإيمان كبيرين، فعلى الرغم من أن والدي كان يأمل بأن يراني طياراً بارعاً يحلق في السماء عالياً، فإنني آثرت أن أصبح طباخاً ماهراً، يقدم أصناف الأكلات الشعبية على اختلاف أنواعها بيدٍ إماراتية تدرك طبيعة المطبخ الإماراتي، وتلم بأسراره المختلفة، على خلاف ما هو سائد»، منوهاً بـ«للأسف بعض المطابخ الشعبية لا تفقه المطبخ الإماراتي جيداً، وتجهل أصنافه الرئيسة ومكوناتها الأساسية، وتقدمه بصورةٍ خاطئة تفقده قيمته».

دعم وتشجيع

وتابع حرية «وقد أدركت أساسيات الطهو وتعلمت فنونه مبكراً، فقد تتلمذت في صغري على يد أشهر طباخين موائد الأعراس ورحلات السفر بحراً، وهما عبدالرحمن عبدالله عبدالغني ومسعود الملا من خورفكان، اللذان كانا يحظيان بصيتٍ واسعٍ في المنطقة»، وأكمل «فضلاً عن أنني أعتبر نفسي باحثاً شعبياً في المطابخ الشعبية الخليجية بشكلٍ خاص من «بغداد إلى صنعاء»، فقد كنت أقوم بزيارتها للتعرف إليها عن كثب، كما كنت أقوم بجمع المعلومات المختلفة عنها من كبار السن، لهذا لم أواجه أية صعوبات تذكر في بداية عملي في مجال الطهو»، وأكد «لاسيما أنني شهدت دعماً وتشجيعاً كبيرين من أصدقائي للمضي في هذا الطريق الذي لا يقلل من قيمة الرجل، ولا يتنافى مع طبيعته كما يعتقد البعض، بل على العكس يزيد من قوته وصلابته، ويمنحه الثقة الكبيرة بالنفس والقدرة على تحقيق النجاحات المتواصلة»، ونوه حرية «اعتاد الرجل الإماراتي على العمل في شتى المجالات بسلك مسارات مختلفة لا تقلل من قيمته ولا تفقده احترامه، فقد عمل في القدم نجاراً وحلاقاً ومزارعاً غير آبهٍ بنظرة الناس، مفضلاً الاعتماد على نفسه وعدم الاتكال على الآخرين»، وعلق «وأنا أفتخر بعملي الذي لا يقل قيمةً عن عمل الشيف الذي يقوم بإعداد الإستيك والكيك، فأنا في المقابل أقوم بإعداد وليمة تضم جملاً كاملاً في 40 كلغم من الأرز».

سلسلة مطابخ

ولم يقف طموح حرية عند هذا الحد، فما أن تقاعد من عمله قرر العمل على افتتاحه مطبخاً شعبياً يواصل فيه عملية الطهو التي يعشقها، والذي أصبح مع مرور الوقت سلسلة من أشهر المطابخ الشعبية في مختلف مناطق الدولة، وفي هذا الصدد ذكر حرية «لم يقف طموحي عند ممارسة الطهو في العمل فقط، بل تعدته إلى الرغبة في افتتاح مطعم شعبي يحمل على عاتقه تقديم المأكولات الشعبية على صورتها الحقيقة، وبفضل الله حظي بإقبالٍ كبير لا يقتصر على مواطني الدولة، بل يتعداه إلى الوافدين والمقيمين فيها على اختلاف جنسياتهم، والذين يرغبون في التعرف إلى المطبخ الإماراتي الأصيل بصورته الحقيقة، الأمر الذي دفعني إلى افتتاحي لاحقاً سلسلة مطابخ خالد حرية الشعبية في مناطق مختلفة في الدولة»، ويكمل «فضلاً عن الإقبال الكبير الذي تشهده من دول الخليج المجاورة، لهذا أستعد للعمل على افتتاح سلسلة جديدة من مطابخ خالد حرية في الخليج، لتلبية طلبات الزبائن وفي الوقت نفسه العمل على نشر ثقافة المطبخ الإماراتي التي هي جزء لا يتجزأ من عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي التي ينبغي المحافظة عليها والتوعية بأهميتها»، وعلق حرية «أشعر بفخرٍ كبير كوني لم أفارق قدر الطهو 30 عاماً».

عميد المشجعين

ولم تقتصر شهرة حرية ذات الصيت الواسع في الدولة وخارجها كونه طاهياً فقط، بل كونه من مشجعي المنتخب الوطني منذ عام 1974 ،ونادي الشارقة منذ عام 1979 وحتى يومنا هذا، حتى أصبح عميد مشجعي المنتخب الإماراتي، وفي هذا الصدد ذكر حرية «عشقي لكرة القدم يعادل عشقي للطهو، فقد مارستها في صغري وأدركت جيداً ما تعنيه لجمهور دولة الإمارات، لهذا قررت العمل على تشجيع المنتخب الذي يمثل اسم الدولة في الخارج»، وأكد «ولأن لعملية التشجيع كذلك أساسيات وفنون وقواعد وقوانين لابد من الإلمام بها، والحرص على عدم تجاوزها، ارتأيت تعلمها على يد المشجع القدساوي الشهير من الكويت فهد عبدالكريم، وما أن أدركت عملية التشجيع جيداً حتى قمت بتنظيم فرقة خاصة بالتشجيع أقوم بقيادتها تضم اليوم 15 شخصاً يستخدمون مجموعة مختلفة من الآلات الموسيقية التي تستخدم في التشجيع، لترافق المنتخب الوطني في مبارياته المختلفة»، وعن قيامه بعملية التشجيع بالمجان من دون أي مقابل، ذكر حرية «أعتبر عملية التشجيع التي أقوم بها واجباً وطنياً ينبع من حرصي على رد الجميل للوطن وأفراده، الذين لم يبخلوا قط في دعم حرية، والذي سيكون بلا شك من دون أي مقابل يذكر».

 لقب «حرية» 

لقب خالد محمد عبدالله حسن الحمادي بـ(حرية) نظراً لتمرده الدائم، فعلى الرغم من صعوبة حركة المواصلات في منطقته (خورفكان) حين كان صغيراً، فإنه كان يصر على الذهاب إلى إمارتي دبي والشارقة بمفرده، الأمر الذي كان يثير شباب المنطقة، ويدعوهم إلى التساؤل عن مقدار الحرية التي يتمتع بها، فأطلقوا عليه لقب (حرية)، كما تم إطلاق اسم (خالد حرية) على أحد شوارعها، وغالباً ما يتم استخدامه في وصف الأماكن. ويحمل مطبخ خالد حرية للمأكولات الشعبية على عاتقه تقديم الأكلات الشعبية الإماراتية على صورتها الحقيقية، ومن أشهرها برياني اللحم، وبرياني الدجاج، ومجبوس السمك، وأرز المالح، والجشيد، والفريد، والمرقوقة، والغوزي، والمضروبة، واللقيمات، والخنفروش.

تويتر