تقنية الهندسة الوراثية «كريسبر» في عُهدة المحكمة الأوروبية

أحدثت تقنية «كريسبر» الناجحة للتعديل الجيني تحولات واسعة النطاق في علم الأحياء، تُعدّ الأكبر من نوعها منذ ابتكار تقنية تفاعل البوليميريز المتسلسل، لكن تصاحِب إمكاناتها الهائلة الواعدة في المستقبَل مخاوف أخرى.

أحدثت تقنية

«كريسبر» الناجحة

للتعديل الجيني

تحولات واسعة

النطاق في علم

الأحياء.

قبل ثلاث سنوات، عثر بروس كونكلين على طريقة جعلته يغيّر مسار مختبره، وحاول كونكلين، عالم الوراثة في معاهد جلادستون في سان فرانسيسكو، بكاليفورنيا، أن يصل إلى تفسير لتأثير التغيرات بالحمض النووي في الأمراض البشرية المختلفة، لكن أدواته كانت بطيئة. وعندما أجرى تجاربه على خلايا المرضى، كان صعباً عليه أن يعلم أيّ التسلسلات تحديداً هي التي تسبب المرض، وأيّها مجرد خلفية لا معنى له. وكان تحوير الخلايا جينياً عملاً مكلفاً ومرهقاً، قال عنه: «كان مجرد تحويل جين واحد موضوعاً يستغرق الطالب فيه مجهود دراسة بحثية كاملة».

في عام 2012، قرأ كونكلين عن تقنية جديدة للهندسة الوراثية، نُشرت أخيراً، تُسمى تقنية «كريسبر»، تتيح للباحثين تغيير الحمض النووي لأي كائن حي بسرعة فائقة، بما في ذلك البشر. وسرعان ما تخلّى كونكلين عن أسلوبه السابق لنمذجة الأمراض، وتبنّى الأسلوب الجديد. ويعكف مختبره حالياً بحماس كبير على تغيير الجينات المرتبطة بأعراض أمراض القلب المتنوعة. ووصف تأثير تقنية «كريسبر» قائلاً: «إنها تقلب كل شيء رأساً على عقب».

وبخلاف طرق التعديل الجيني الأخرى، تمتاز «كريسبر» بأنها رخيصة الكلفة، وسهلة الاستعمال، ولهذا اجتاحت مختبرات العالم كالإعصار. ويأمل الباحثون استخدام هذه التقنية لتعديل جينات البشر، بغرض القضاء على الأمراض، وإكساب النباتات قوة تحمّل، والتخلص من مسبّبات الأمراض، والكثير من الأهداف الأخرى.

يقول جون شمينتي في هذا الصدد، وهو عالِم الوراثة في جامعة كورنيل في إيثاكا بنيويورك: «لقد شهدتُ تقنيَّتين ثوريَّتين منذ عملت في الهندسة الوراثية، هما (كريسبر)، و(تفاعل البوليميريز المتسلسل)»، حيث تؤثر تقنية «كريسبر» في العديد من علوم الحياة من جوانب عدة، وهي في ذلك تشبه تقنية تفاعل البوليميريز المتسلسل لتضخيم الجينات، التي أحدثت ثورة في الهندسة الوراثية، بعد التوصل إليها عام 1985.

ورغم إمكانات تقنية «كريسبر» الواعدة، يشعر العلماء بالقلق من إيقاع التطور السريع في هذا المجال الذي لا يتمهل لبعض الوقت لمناقشة المخاوف الأخلاقية، وعوامل السلامة التي قد تطرأ خلال هذه التجارب.

تؤدي قدرة تقنية «كريسبر» على تعديل تسلسلات الحمض النووي الحالية بدقة، إلى إنشاء طفرات وراثية أكثر دقة، وفي الوقت نفسه تجعل من الصعب على الجهات التشريعية والمزارعين تحديد الكائن المعدَّل وراثياً بعد إطلاقه في البيئة. وفي هذا الصدد تقول جينيفر كوزما، التي تدرس سياسات العلوم في جامعة ولاية كارولينا الشمالية في رولي: «مع التعديل الجيني، لم تعد هناك أي قدرة فعلية على تتبّع المنتجات المهندسة وراثياً، وسيغدو من الصعب للغاية تقرير ما إذا كان التعديل الوراثي نتج عن طفرة تقليدية، أم عن طريق الهندسة الوراثية». إنّ ذلك يدق جرس الإنذار لمعارضي ومنتقدي المحاصيل المعدلة وراثياً، ويطرح أسئلة عسيرة على الدول التي تحاول إيجاد مخرج تشريعي لتقنين النباتات والحيوانات المعدلة وراثياً، حيث إنه في الولايات المتحدة لم توافق إدارة الأغذية والأدوية بعد على أي حيوان معدَّل وراثياً للاستهلاك البشري، كما لم تعلن بعدُ رؤيتها للتعامل مع الحيوانات المعدلة وراثياً.

إن «القضية ليست أبيض وأسود»، حسب قول ميكي يوبانكس، عالِم البيئة المتخصص في الحشرات بجامعة «تكساس إيه آند إم»، في كوليج ستيشن، الذي يوضح أن فكرة الحث الجيني صدمته وأزعجته في البداية، ويقول عنها: «كان الذعر هو ردّ فعلي الأول، حيث قلت: يا إلهي هذا أمر فظيع، ومخيف للغاية، لكن عندما تفكر مليّاً في الأمر، وتحاول مقارنة تغييراته البيئية بتلك التي أجريناها بالفعل، ونواصل القيام بها، سيبدو الأمر كأنه مجرد نقطة في بحر».

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر