اهتمت بلغتهم وثقافتهم واستضافت بعضهم في أبوظبي

مواطنة تتطوع لتعليم الكوريين «الإنجليزية»

صورة

نجحت الإماراتية سارة علي الأحمدي (22 سنة) في تعليم طلبة كوريين اللغة الإنجليزية، في إطار عمل تطوعي متكامل، شاركت فيه أخيراً، بمركز لتعليم اللغات (AsHome Cafe)، في مدينة بوسان في كوريا الجنوبية، وهو المركز الذي ضم عدداً من المتطوعين من جميع أنحاء العالم لتعليم اللغات للكوريين.

الأم المعلّمة

قالت الناشطة المجتمعية، مريم الأحمدي، والدة سارة، تعليقاً على تجربة التطوع لتعليم اللغات في كوريا: «التجربة في حد ذاتها جديدة للغاية، أن يكون هناك تطوع لتعليم لغة ما لمدة شهر كامل، ولأنني أعمل في الشأن العام منذ نحو 20 عاماً، ولدي إدراك ويقين بأهمية العمل التطوعي، رحبت بالفكرة، خصوصاً أن ابنتي كانت ولاتزال لها علاقات صداقة عديدة مع الكوريين، بعدما أتقنت لغتهم بشكل تام، ولهذا كانت الموافقة على المشاركة التطوعية، وفي حقيقة الأمر ما وجدته من إخلاص وتفان من ابنتي سارة في أداء عملها التطوعي، كان بالنسبة لي هو الحصاد لقيم حرصت منذ البداية على ترسيخها في وجدان أبنائي، أبرزها حب الوطن والإنسان، ولقد شعرت بالفخر عندما وجدت تقدير الكوريين لها، كونها تعلمهم وتتواصل معهم بلغتهم التي تتقنها، وتعلمهم لغة جديدة عليهم».

وأضافت الأحمدي: «أعجبت بشدة بالنظام والدقة الشديدة في أداء المهام التطوعية، فقد وجدت هذا الأمر هو أجمل ما في تجربة ابنتي التطوعية، فهناك حرص شديد على استغلال الوقت، وتكامل المهام، لتحقيق كل الأهداف لتعلم اللغة الجديدة، والانتفاع من ثقافة المتطوعين لحصد أكبر كم من المعلومات، وهو أمر يشير إلى رغبة الكوريين في تعظيم الاستفادة من أي عمل، والإتقان حتى في التعلم من الآخرين».

وتقوم فعاليات تعليم اللغات في المركز على استقبال 20 متطوعاً من العالم خلال الدورة الدراسية التي تستمر 40 يوماً، لتعليم اللغات للشباب الكوريين، على أن تتوافر في المتطوع الجدية والالتزام، مع إدراك الطبيعة الثقافية للمجتمع الكوري، والقدرة على قيادة مجموعة الدارسين، واكتشاف أي مواهب جديدة مبتكرة لدى كل منهم، إضافة إلى تمتع المتطوع بالشخصية الجذابة، التي تتسم بالود، بهدف جذب الدارسين إليه، والتجاوب دراسياً معه.

وتقول سارة إن مشاركتها جاءت بعد مسيرة من العمل الجاد، حيث بدأت بتعلم وإتقان اللغة الكورية، مثل المتحدثين بها منذ المرحلة الثانوية، حيث اهتمت بالثقافة الكورية، والرغبة الشديدة في تعلم هذه اللغة بشكل متكامل، ومن ثم شاركت منذ البداية في جميع أنشطة المركز الثقافي الكوري في أبوظبي، وهناك بدأت رحلة تعلم اللغة الكورية بشكل بالغ الاهتمام، واستمرت في تعلم اللغة، حتى بعد انضمامها إلى جامعة زايد، حيث حصلت على شهادة تعلم اللغة الكورية من معهد الملك «سيغونغ» في المركز الثقافي الكوري في أبوظبي، في الوقت الذي كانت فيه قد انضمت ـ مع أولى خطواتها في الجامعة ـ إلى النادي الثقافي الكوري، الذي من خلاله قامت بالمشاركة في عدد من الفعاليات المشتركة مع جامعة سيؤول الكورية، في إطار برنامج التبادل الثقافي، حيث شاركت في العديد من الدورات الدراسية والثقافية الكورية، مثل العدالة الجنائية، وأخرى حول وسائل الإعلام والثقافة الشعبية في كوريا، إضافة إلى دورة دراسية حول الأدب والثقافة الكورية، كما حصلت على شهادة تقدير للمشاركة في مهرجان المدن الكورية في جامعة زايد، إضافة إلى العديد من الفعاليات الرياضية الكورية، سواء المتعلقة برياضة التايكوندو أو المشي مسافات طويلة.

وتؤكد سارة على أهمية مشاركتها في هذه الفعاليات، التي نتجت عنها روابط وصداقات عديدة بالمجتمع الكوري، وكانت بمثابة امتداد لمجتمع وشباب الإمارات بين الكوريين، في العديد من الفعاليات الثقافية، كما استضافت عدداً من صديقاتها الكوريات مجاناً في منزلها، للتعرف إلى طبيعة المجتمع الإماراتي وعاداته وتقاليده، ما أسهم في دعم الصورة الإيجابية للدولة ومسيرتها الراهنة لدى المجتمع الكوري، وهو ما نجحت فيه، بدليل تعدد الصداقات، والرغبة الشديدة من جانب الكوريين في التعرف إلى الإمارات كدولة ومجتمع وثقافة بشكل عام.

وتضيف سارة، التي حصلت على بكالوريوس العلوم تخصص علم النفس والخدمات الإنسانية في جامعة زايد: «عندما تعلمت اللغة الكورية، شعرت بأنني أصبحت قريبة للغاية من القيام بدور أكثر قوة لدعم صورة بلادي الحقيقية أمام مجتمع لا يعرف عنا إلا القليل، خصوصاً أن اللغة بمثابة حاجز أمام الكثيرين عند محاولة التعرف إلى الإمارات، والكوريون مثلهم مثل المجتمعات المختلفة يرحبون بشدة، ويحدث بينهم وبين الآخرين نوع من الاندماج والتقارب، إذا كان الآخر يتحدث لغتهم، وبأسلوبهم وطريقتهم، لهذا وجدت نفسي أمام ثقافة مجتمعية ثرية ومتنوعة بمجرد تعلم اللغة، والتي معها سقطت كل الحدود الثقافية في التواصل معهم، ونقل ثقافة مجتمعي وأمتي إليهم».

وتتابع بالقول «مع الوقت استطعت أن أتبادل ثقافياً معهم، ووجدت أن لديهم رغبة شديدة في التعرف إلى الإمارات والخليج العربي عن قرب، ثم كانت دعوتهم إلى زيارة الإمارات، حيث انبهروا بما شاهدوه من حضارة وقيم وكرم وحفاوة شديدة، وأبدوا رغبة في التعرف أكثر وأكثر إلى الإمارات وقياداتها ومجتمعنا، وهو ما جعلني أقوم بهذا الدور بشكل كبير».

وتشير الأحمدي: «نشأت في مجتمع يقدر ويغرس قيم التطوع والخير في أبنائه، ومع إعلان مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عام 2017 (عام الخير)، وجدتني أفكر بجدية في المشاركة في فعاليات تطوعية يكون لها أثر في التأكيد على ثقافة أرض زايد الخير، وعندما وجدت فرصة التطوع لتعليم الكوريين اللغة الإنجليزية لمدة شهر كامل في مركز لتعليم اللغات في مدينة بوسان الكورية، اقترحت الأمر على عائلتي، التي وجدت منها كل ترحاب، فالأمر بهذا الشكل يمثل عملاً تطوعياً ووطنياً في الوقت نفسه، وبالفعل تقدمت للمشاركة، وهو ما حدث، حيث شاركت في تعليم العديد من الكوريين اللغة الإنجليزية بشكل متكامل، ولقد وجدتهم في أحيان كثيرة أثناء تدريس اللغة لهم يسألونني بإعجاب شديد عن أسلوبي في الحديث باللغة الكورية، وعن بلادي وديني وأمتي، ما جعلني في قمة السعادة».

تويتر