اشتغل على حلمه الفني 20 سنة

بالفيديو.. طارش الهاشمي: أوركسترا إماراتية قريباً

الهاشمي: الموسيقى لغة عالمية والإمارات تسعى دائماً إلى العالمية. تصوير: إريك أرازاس

لم يكن عازف العود والملحن الإماراتي طارش الهاشمي ليعرف عندما اختاره أستاذ الموسيقى وهو في سن السابعة كي يكون ضمن فرقة المدرسة الموسيقية، أنه ينتمي إلى عائلة تجري الموسيقى في عروقها، أدرك ذلك متأخراً، خصوصاً أن علاقته مع الموسيقى وحبه لها لم يكونا ضمن أمور من السهل تفسيرها، الى أن وعى أن جينات جده انتقلت إليه. وعلى الرغم من أن أول آلة عزف عليها كانت الأكورديون، فإنه عندما شاهد العود بيد أحد العازفين في فقرة فنية على شاشة التلفاز، شعر بأن ثمة رابطاً يجذبه إلى أوتاره وصوته، وكانت الصدفة وهي من صدف كثيرة في حياته، جعلت أحد الأقارب يهدي عوداً إلى والده، ليقرر الهاشمي أن يستولي عليه ويتدرب عليه بشكل منفرد، ليصبح العود جزءاً من يومياته، وعضواً جديداً من أعضاء جسمه التي لا يستغني عنها.

الهاشمي الذي يعكف حالياً على وضع اللمسات النهائية على مشروع عمره أكثر من 20 عاماً، يؤكد في حوار مع «الإمارات اليوم» أن أوركسترا إماراتية ستكون جاهزة قريباً، بعد أن دق العديد من الأبواب على مدى سنين طويلة، لإيمانه الشخصي بأن حضارة هذا الوطن الذي بات حديث العالم تكتمل بالفن والموسيقى، «لأن الموسيقى لغة عالمية، والإمارات تسعى دائماً الى العالمية».

العود

طريقة تعامل الهاشمي مع عوده جديرة بذكر تفاصيلها، فهو مثل أب يحمل طفله، يخاف عليه ويداريه، وفي لحظة المواجهة بينهما يضعف من صوت يخرج منه، لكن الصوت هذه المرة ليس بكاء أو ضحكة، بل نغمة تأتي من وتر، يتآلف الهاشمي مع عوده، يطبطب عليه، ليخلق علاقة الكيمياء بينهما، وكأنه يروّضه، ليدخلا هو وعوده في انسجام وأنامله تتحرك على كل وتر وتصدح بأجمل الألحان، هنا تدرك الفارق بين من يعتبر الموسيقى شغفه وبين الدخيل عليها، ويشرح الهاشمي ذلك بقوله: «الموسيقى بالنسبة لي حياة، وجزء من يومياتي، وأتعامل معها مثل التعامل مع البشر، أفرح حيناً، وأغضب أحياناً معها، المشاعر التي تتولد من علاقة الموسيقي مع آلتي، ليس من السهل وصفها، هي علاقة خاصة جداً، موجودة في جزء مهم من القلب والعقل، نعبر عنها من خلال صوت يخرج من آلتنا».

من النظرة الأولى

 

عبر شاشة تلفاز، شعر الهاشمي بأنه يريد للعود أن يكون هو آلته: «كنت أعزف على الأكورديون، والبيانو والأورغ، لكن عندما شاهدت العود، ثمة شيء في داخلي تحرك، وكأنه الوقوع في الحب من النظرة الأولى، حينها قررت أن يكون العود هدفي». وقال «كنت أعيش في إمارة رأس الخيمة، ولم يكن هناك اهتمام كبير بالموسيقى لوقت طويل، الى أن سمعت بافتتاح معهد كنت أريد قصده كي أتعلم المقامات، فقد كنت أعزف غياباً، بعيداً عن فهم النوتة، في تلك الأحيان أهدى قريب لي عوداً الى والدي الذي لم يسمح لنا بأن نلمسه، لكني كنت أسرقه في غيابه وأدرب نفسي عليه من خلال أشرطة الكاسيت». وأضاف «لكنني كنت أشعر بأن ثمة شيئاً ينقص في عزفي، هو معرفة المقامات، أريد أن أتعلمها بشدة، لذلك قصدت المعهد»، مؤكداً «حينها اختبرني الأستاذ، وقال لي أنت لا تحتاج الى تعلم عزف العود، لماذا أتيت؟ لأجيبه أنني أريد معرفة ما أعزفه من مقامات، فقرر الأستاذ أن يعطيني خمس حصص فقط، كانت كفيلة بأن أصبح على دراية شاملة بكل ما أعزفه من ألحان».

الحلم

يقول الهاشمي، الذي لا تفارق ابتسامته محياه، إن الساعي وراء الحلم عليه ألا يفقد الأمل في تحقيقه ولو مرت سنوات طويلة، موضحاً «في جعبتي أوراق مكتوبة بخط اليد، وملفات على الكمبيوترات البدائية، وملاحظات على الهاتف، وكل هذا يدل على تطور أدوات التعبير كتابياً عبر السنوات، لكن بالنسبة لي، هي عملية مستمرة لمدة 20 عاماً وأكثر، في مشروع كنت أطوره كل عام، كي يكون جاهزاً في الوقت المناسب، في الوقت الذي إن قدمته لا يمكن رفضه»، موضحاً «مشروع حياة، له علاقة بالوطن، وأن تكون الموسيقى جزءاً من ثقافته وثقافة الشعب فيه، لتغدو ملاذاً، ووجهة، ويشار اليها بالبنان، كما يشار الى الاقتصاد والعمارة».

أهزوجتنا موسيقى

عن الأوركسترا الإماراتية قال الهاشمي «تتشكل من عازفين إماراتيين من كلا الجنسين، نقدم من خلالها موسيقانا الخاصة بثقافتنا التي تنحدر عملياً من أربع بيئات: بحرية، ساحلية، جبلية، زراعية»، وأضاف «لكل بيئة أهازيجها، التي كان يغنيها أجدادنا وجداتنا، تلك الأصوات التي كانت تخرج منهم في لحظتها، وتكون صادقة، لها علاقة بالوداع أحياناً عندما كان يذهب البحارة للبحث عن اللؤلؤ مثلاً، والنسوة ينتظرنهم من بعيد، ولها علاقة أيضاً بكل صوت وأهزوجة جمعت رجالنا ونساءنا يوماً، وهم يحكون الحب، الوفاء، الشوق، الحزن، عبر أصواتهم وأغانيهم ودندناتهم البسيطة». وقال «الأوركسترا الإماراتية ستترجم كل تلك الأصوات وتنقلها للعالم كله عبر آلات موسيقية، فالتاريخ يرتبط أيضاً بالموسيقى، ونحن لدينا من الحكايات الكثير»، مشيراً الى أن «الأوركسترا الغربية تقتبس أعمالها من الأحداث التاريخية، التي يبدأ تقطيع الأحداث فيها وتحويلها إلى فن أوركسترالي، لذلك ينتمي هذا النوع من العمل الى الوطن، فالسعي سيكون لإبراز التراث الشعبي الإماراتي».

كيمياء

طريقة تعامل الهاشمي مع عوده تلفت انتباه مجالسه، فهو مثل أب يحمل طفله، يخاف عليه ويداريه، وفي لحظة المواجهة بينهما يضعف من صوت يخرج منه، لكن الصوت هذه المرة ليس بكاء أو ضحكة، بل نغمة تأتي من وتر، يتآلف الهاشمي مع عوده، يطبطب عليه، ليخلق علاقة الكيمياء بينهما، وكأنه يروّضه، ليدخلا هو وعوده في انسجام وأنامله تتحرك على كل وتر لتصدح بأجمل الألحان.

تويتر