جزر للسكان وحياتهم البسيطة.. وأخرى للاستجمام وتدليل السيّاح

المالديف.. جنّة استوائية هادئة لا تسمع صخب العالم

صورة

يسحرك جمال الطبيعة والجزر الموزعة على المياه منذ أن تطل من نافذة الطائرة على جزر المالديف. الوصول الى مطار مالي ينبئك بتجربة مميزة مع رمال الشاطئ البيضاء والبحر الفيروزي اللون، اذ تحط الطائرة بالقرب من الماء، لتستقل بعدها الطائرة المائية الى الوجهة المقصودة. يباغتك الجو الاستوائي منذ الوصول، تشعر بالحرارة المعتدلة، وقد يتساقط المطر فجأة لدقائق، ثم تعود الشمس لتحتل صفاء السماء. كل ذلك يجعلك أمام تجربة من الاسترخاء والمتعة تختصر ألق جزر المالديف عامة وكأنك في جنة استوائية هادئة معزولة عن صخب العالم وضجيجه.

مذاق مالديفي

تحمل دروس الطبخ المالديفي مذاق المالديف الى زوارها، فالأكلات التي تتوافر في المنتجعات غالباً ما تكون عالمية، لتقدم دروس الطبخ هذه المعلومات. يقوم الطبخ المالديفي على دمج الكثير من المكونات التي تجمع بين الحلو والحامض، كأن يوضع جوز الهند في طبق السلطة. بينما تعد الأسماك هي المكون الأساسي للأطباق المالديفية. كما يتسم هذا المطبخ بتحضير نوع معين من الخبز الذي يحضر في المقلاة وليس في الفرن.

في الجزر المحلية لا توجد سيارات، والتنقل يكون بواسطة «السكوتر»، أو الدراجات، والسكان يعيشون في منازل بسيطة.

200

جزيرة لا تشبه بعضها وفي كل منها مشهدها الساحر

الرحلة من مطار مالي الى «جي إيه مانافارو» تستغرق ما يقارب 75 دقيقة بالطائرة المائية، وذلك بعد السفر لمدة أربع ساعات من الإمارات. بين مطار مالي، والوصول الى «اللونج» الذي يتم الانطلاق منه بالطائرة المائية الى الجزيرة لا ترى الكثير عن هذا البلد، فالسيارات ليست كثيرة، والطائرة المائية تعد الوسيلة الأساسية لنقل السياح من المطار الى المحطات التي بدورها تقلهم الى الجزر التي يقصدونها. كما أن هذه الجزر التي لا يتجاوز عدد المأهول منها، سواء للسكان الأصليين أو التي باتت منتجعات سياحية، 200 جزيرة، لا تشبه بعضها، وفي كل منها مشهدها الساحر، ولا تشبه البلدان الأخرى بمرافقها وأسلوب عيشها ومبانيها.

الرحلة في الطائرة المائية تجربة ممتعة بحد ذاتها، فهي تحمل من المشاهد الطبيعية ما يكفي كي تترك أثراً في الذاكرة. مشاهد تبدو كما لو أنها رسمت بريشة رسام. من الطائرة يباغتك مشهد الجزر الموزعة، بعضها التي تستغل للسياحة وبعضها المأهولة، فيما الغالبية الأكبر من الجزر تلك التي تحتلها المساحات الخضراء وسط المياه التي ترى من الطائرة ألوانها منقسمة بين الأزرق والأخضر.

بعد رحلة مدتها 75 دقيقة، يضعك الوصول الى «جي إيه مانافارو» أمام تجربة من الاسترخاء والمتعة لن تجد لها مثيلاً. الاستقبال يكون بشراب جوز الهند الطبيعي، حيث تكتسي حبة جوز الهند بزهرة «التمبو» الشهيرة في المالديف. بينما الوصول الى الفلل التي يمكن الإقامة فيها والتي بنيت على أعمدة فوق مياه البحر، تجعل محبي الشواطئ ولغة المياه على تماس مباشر مع الطبيعة هناك. التنقل داخل الجزيرة، سواء بالسير أو حتى عبر السيارة الصغيرة، يكون عبر ممرات تكسوها الأشجار والنباتات من الجانبين، ولكنها زراعات غير مخصصة للأكل، بل فقط لإضفاء الجو الساحر على المكان.

لطالما عرفت جزر المالديف بكونها الوجهة الأولى والأبرز لقضاء شهر العسل، لاسيما أنها تقدم فرصة عيش لحظات لا تنسى على الرمال البيضاء الناعمة، بالإضافة الى أنها تحمل ميزة الخصوصية العالية، فالفلل التي بنيت، صممت بشكل يمنح المقيم فيها خصوصيته التامة في المسبح الخاص المطل على المحيط. أما الرفاهية والاستمتاع بجمال البحر وأصوات الموج، فهي ميزة لا تفارق المقيم، حيث لا يغيب مشهد البحر من زجاج الغرفة، وكذلك من الأرض التي تحتوي على الزجاج في منتصفها. فيما يعد اختيار موقع السكن بين المطل على شروق الشمس أو غيابها أمراً يتعلق بأهواء المرء وتفضيله لأي من المشهدين. هذه الأجواء الرومانسية التي تعد ميزة لا تفارق المكان، لا تجعل الوجهة للأزواج فحسب، فهي وجهة تناسب العائلات والأصدقاء، لأن الأنشطة المتوافرة تقدم للزائر فرصة ممارسة الكثير من الرياضات البحرية التي تتعدى السباحة.

مما لاشك فيه أن الأنشطة المائية هي الأبرز في المنتجعات، فيعد الغطس، أول الأنشطة المتوافرة، حيث تقدم دروس الغطس الأولية التي تتيح للزائر تعلم الأساسيات، ويمكنه بعدها ممارسة الرياضة بمرافقة الغطاسين الماهرين.

أما إطعام الأسماك، فهو من الأنشطة التي تعد أساسية في الجزر، حيث يتم تقديم الأسماك الصغيرة للسمك في مياه البحر، اذ يجتمع الناس عند الخامسة للقيام بهذا النشاط، الى جانب ذلك يمكن القيام بالغوص على عمق بسيط الى جانب الكائنات البحرية والمرجان.

أما عشاق الدلافين، فيمكنهم الذهاب في رحلة خاصة بالقارب المالديفي التقليدي المصمم من الخشب، الى عمق البحر. تستغرق الرحلة ما يقارب الساعتين من الوقت، وغالباً ما تنظم في فترة ما بعد الظهر وقبل مغيب الشمس، حيث ترتفع فرصة رؤية الدلافين في هذا التوقيت وفي هذا المستوى من المياه، ولكن يبقى الحظ في رؤيتها العامل الأهم، بحسب ما يؤكد قبطان السفينة، الذي يزور المكان يومياً، إذ إن ظهورها يقترن بالمصادفة، ويكون محظوظاً من يمكنه الاستمتاع برؤيتها وهي تقفز من المياه وتعود اليها بشكل استعراضي.

الصباح في المالديف لا يشبه الصباحات الأخرى، ويمكن بدء النهار بيوغا على البحر، حيث يقوم مدرب اليوغا بتقديم حصة من هذه الرياضة التي تقوم حركاتها على الاسترخاء وكذلك تمرين الجسم، للحفاظ على اللياقة من جهة، وكذلك لتقديم فرصة مميزة للاسترخاء في أول النهار، لاسيما أن تنشّق الهواء في الصباح الباكر يسهم في رفع مستوى السعادة لدى الانسان. ساعة من الرياضة الصباحية بالقرب من المياه كفيلة بتخفيف التوتر. أما في المساء فيمكن التجمع على الشاطئ ولعب بعض الألعاب التقليدية في المالديف، ومنها السباق الخاص بسلطعون البحر، حيث يتم جلب كميات من الاحجام الصغيرة، ويوضع على كل سلطعون رقم، وتمنح أرقام مشابهة للحضور، ليتم عبر جولات اختيار السلطعون الفائز ليكون حامل رقمه هو الفائز بجائزة رمزية وتذكار من الجزيرة.

ومن الأنشطة التي تتوافر في «جي إيه مانافارو» إمكانية زيارة الجزيرة المحلية التي يسكنها المالديفيون، وتعد جزيرة مولادو الجزيرة الأقرب، حيث يمكن الوصول اليها بالقارب السريع برحلة تصل مدتها الى 20 دقيقة. يطلقون على الجزر المأهولة بالسكان وغير المخصصة للسياحة تسمية الجزر المحلية، وهي تبرز ملامح عيش سكان المالديف، والاختلاف بين ما نراه من استجمام في المالديف وطبيعة حياتهم البسيطة جداً، التي قد تكون بعيدة عن تعقيدات الحياة المعاصرة. في الجزر المحلية لا توجد سيارات، فالتنقل يكون بواسطة «السكوتر»، أو الدراجة الهوائية، أو النارية على أكثر تقدير. كما أن السكان يعيشون في منازل بسيطة، وغالبيتهم يعملون في صيد الأسماك والزراعة، وبعض الحرف اليدوية التي تقوم على الخشب، ويصنعون بعض التحف ويبيعونها للسياح الذين يقصدون هذه الجزر. هذه البساطة التي تتسم بها حياتهم، ليست مؤشراً الى فقرهم، فهم لا يعانون الفقر، فعملهم في صيد السمك، وبيع الأسماك للمنتجعات، يجعلهم يكسبون الكثير من المال. وتتوافر في الجزر المحلية، كل متطلبات الحياة من مدارس ومستشفيات، والمباني الخاصة بتسجيل كل الوثائق الرسمية من ولادات وزواج أو وفاة.

وإن أردت الاحتفاظ بتذكار من البلد، قد يكون من الصعب إيجاد ما يناسبك بأسعار رخيصة، فكل ما يقدم في جزر المنتجعات ليس رخيصاً، بينما ما يقدم في الجزر المحلية لا يتيح الخيارات الكثيرة، فيبقى الحصول على التذكارات من المطار عند المغادرة الخيار الأمثل. وتتسم التذكارات بكونها كلها مأخوذة من الشاطئ، فمنها الرمال التي حفظت في زجاجات صغيرة، أو التحف والأغراض المصنوعة من الخشب يدوياً، التي تعد أساسية في الجزيرة.

تويتر