ترى أن قيمة الحياة في التحدي

مريم الدبيلي: الإعاقة تعني صعوبات حياتية بشكل يومي

تصوير: مصطفى قاسمي

يحظى أصحاب الهمم في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً لأصحاب الهمم من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف، بل لأنهم قادرون ولديهم إمكانات بمستوى الأشخاص الأصحاء، ولإتاحة الفرصة لهم لأن يكونوا ناجحين وقادرين على منافسة الأصحاء في المجالات كافة.

وقد استطاع عدد كبير من أصحاب الهمم في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة.

«أنا لست مختلفة أبداً، فالإعاقة لا تجعل الإنسان مختلفاً بل تضعه في طريق الصعوبات الحياتية بشكل يومي»، هذا ما قالته مريم الدبيلي التي أنهت الثانوية العامة وتعاني إعاقة حركية.

وأضافت موضحة «طبيعة النفس البشرية التي خلقها الله هي عدم الكمال، فكل انسان ينقصه شيء، سواء في صحته أو ما يملكه أو في قدراته»، مؤكدة أن «الاختلاف يكمن بكيفية مواجهة الشخص للصعوبات، فقوة الانسان الداخلية وقوة التحدي لا تجعلان الإنسان يشعر بالاختلاف، بل يشعر بأن هناك تحديات عليه أن يخوضها ليشعر بالحياة وقيمتها».

النهوض

صادقة مع ذاتي

تؤكد الدبيلي أنها لابد أن تكون صادقة مع ذاتها تحديداً تجاه كل الصعوبات التي واجهتها «هناك صعوبات وضعتني فيها الإعاقة، لكن أنا انسانة مؤمنة بقضاء الله وقدره، والجانب الايجابي الذي أرى نفسي فيه أني إنسانة عصامية شققت طريق الحياة بنفسي، لأن إعاقتي علمتني معنى التحدي والصبر، أجد سعادتي في العطاء، وتعلمت بأن الفرص لا تأتي للإنسان، بل لابد أن يسعى لها.تأثرتُ كثيراً بشخصيات عظيمة، منها شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، فمنه نستلهم معنى التحدي، وفخورة بكل ما وصلت اليه في حياتي من نجاحات وإنجازات على المستويين العملي والشخصي، وإن كانت صغيرة، فالطريق مازال مشرعاً لنا أبوابه كي نمضي نحو النجاح».


• «أشعر بالسعادة عندما أنجز عملاً كان يعتقد الآخرون أنه حكر على الأصحاء».

• «وصلنا إلى مستوى عالٍ من فهم المجتمع لدور أصحاب الهمم».

• «قبل المطالبة بتصحيح نظرة المجتمع تجاهنا يجب علينا أن نقف، نحن أصحاب الهمم، ونرى كيف ننظر إلى أنفسنا».

كل منا له محطة انتقالية في حياته، يقرر فيها المضي قدماً، وكانت تلك المرحلة عندما قررت الدبيلي، التي تهوى الرسم، النهوض ومواجهة إعاقتها «قررت النهوض عندما أيقنت أن من لا يؤمن بقدراته ويعطي نفسه الثقة والفرصة لن يجدها من الآخرين»، وأضافت «هنا كان لابد أن أستجيب لنداء عقلي وإرادتي، وأدفع نفسي في سباق التحدي، ونفض غبار الفكر القديم أن الإعاقة سجن الحياة، بل هي تحدّ لابد من كسبه والفوز فيه»، وقالت «قررت النهوض بنفسي عندما علمت بأن من لا يمد يد العون لنفسه، ويستجيب لنداء عقله، ويقف مع نفسه، ويتخذ قراراً بالتغيير، ليس له مساحة في الحياة»، مؤكدة «هنا كانت المحطة الانتقالية في حياتي بدأتها بمواصلة تعليمي، والبحث عن فرصة عمل، ومن هنا حدثت نقلة في حياتي فأصبحت جزءاً فعالاً في المجتمع، ولابد أن أكون جزءاً فعالاً بعطائي ايضاً، وأن أسعى لتغيير نظرة الآخرين حول أصحاب الهمم».

طفولة وألوان

تؤكد الدبيلي أن طفولتها كانت طبيعية «لم تحرمني الاعاقة من مراحل طفولتي، بل عشتها بشكل طبيعي جداً كأي طفل، لكن بعض الأمور لم تكن تتوافر في السابق كالاهتمام الذي نجده الآن في وسائل الترفيه، وغيرها، المخصصة للأطفال من أصحاب الهمم، لكن هذا لا يعني أنني لم أتمتع بطفولة جميلة، ولم أشعر يوماً أنني مختلفة».

وقالت: «منذ الصغر كنت أحب اللجوء الى الأوراق والقلم، وأكتب خواطري، وهذه العادة استمرت معي الى اللحظة»، وأضافت واصفة علاقتها بخواطرها والكتب التي تقرأها: «أجد نفسي في عالم آخر عندما اختلي مع الكتاب وأبحر في سطوره، وما أكتبه يعبر دائماً عن ما أريد قوله في العلن»، مؤكدة أن هوايتها المفضلة التي تأخذ من وقتها الكثير هي الرسم، «أعطي العنان لفرشاتي لتمتزج مع الألوان وتتحدث عن ما يجول بداخلي على لوحاتي الزيتية»، موضحة «بدأت الرسم كهواية كنت أقضي فيها وقت الفراغ، حتى تطورت وأصبحت جزءاً مهماً في حياتي، أقضي مع لوحاتي الصماء أوقاتاً طويلة مستمتعة، فقد وجدت في الرسم وسيلة مهمة يمكن أن تستعمل من أجل التعبير عن الأفكار المختلفة التي تجول في الخاطر، ما يجعل لها تأثيراً كبيراً على كل من يراها ويتفاعل معها، فالرسم هو التعبير عن النفس والفكر»، مؤكدة أنها جالت مع لوحاتها في مسابقات محلية وخارجية.

لا حياة مع اليأس

الدبيلي، التي تجد نفسها في المشاركة في الأعمال التطوعية المختلفة والانخراط في المجتمع، تؤكد أن «محطات اليأس تمر على الجميع، وخصوصاً أصحاب الهمم، عندما نجد عراقيل تصنعها بعض العقول في المجتمع، لكن بفضل الله وصلنا لمستوى عالٍ من فهم المجتمع لدور أصحاب الهمم، ولكن مازلنا بحاجة لتعزيز مفاهيم كثيرة حول أهمية تمكينهم»، مؤكدة بفخر «أشعر بالسعادة عندما أنجز عملاً كان يعتقد الآخرون أنه حكر على الأصحاء فقط».

الزمن الحالي معنا

الدبيلي، التي أنهت الثانوية العامة وتعمل في مؤسسة حكومية، قالت إنه «قبل المطالبة بتصحيح نظرة المجتمع تجاهنا يجب علينا أن نقف، نحن أصحاب الهمم، ونرى كيف ننظر الى أنفسنا، فنظرتي لنفسي تعكس نظرة الآخرين لي، وفي زمننا الحالي أصبح المجتمع على وعي تجاه أصحاب الهمم»، وقالت: «أعتقد أن نظرة التمييز اختفت، خصوصاً مع توجيهات شيوخنا حكام إمارات الدولة»، مؤكدة «هذا الدعم من شيوخنا هو الذي بنى قاعدة متينة لأصحاب الهمم، وجعلنا نشعر أننا جزء مهم في بناء الدولة، وأشعرنا أن الزمن الحالي، الذي نعيشه، معنا ويقف إلى جانبنا».

تويتر