بين الوقوع في النمطية والهروب إلى التاريخ والفنتازيا

الدراما السورية في رمضان.. شتات الصورة

صورة

في الوقت الذي تتنافس فيه المسلسلات العربية مع بعضها بعضاً، من حيث نسب المشاهدة التي تبنى على عوامل عديدة مرتبطة بأسماء الممثلين والمخرج أو قصة المسلسل وتوقيت عرضه وغيرها، تخرج الدراما السورية من تلك المنافسة، ليس بسبب قلة الإنتاج فحسب، نتيجة للأوضاع الراهنة في سورية، بل لأن الدراما السورية تأرجحت في السنوات الخمس الماضية، بين اللجوء إلى النمطية مثل «باب الحارة»، أو الابتعاد عن مقاربة الوضع السوري الداخلي، أو الهروب إلى التاريخ أو الفنتازيا، بحيث يمكن وصفها بـ«شتات الصورة»، خصوصاً أن الدراما السورية حققت في سنوات عديدة فائتة، قبيل الثورة في سورية، درجة عالية من الإقبال الجماهيري، وتصدرت نسب المتابعة سنوات، لطرحها موضوعات تهم الناس، والإبداع في التمثيل المتميز الذي كان محط إعجاب كثيرين، والسيناريوهات التي كانت قريبة من واقع يعيشه الإنسان العربي بشكل عام.

لكن الذي حدث، ومنذ خمس سنوات تقريباً، جعل الدراما السورية، وبسبب ابتعادها عن واقع الحال في بلادها، تبتعد عن الصدارة، وبدأ الممثل السوري يتأرجح حتى في خياراته الدرامية، فمنهم من فضّل البقاء ضمن إنتاجات أعمال سورية، ولو كانت أقل قيمة من التي كان يقدمها، وآخرون وجدوا أدواراً في أعمال عربية، وفي الحالتين ثمة فرق يلاحظه المشاهد إذا ما قارن بأعمال سورية قديمة.

دراما خالصة

لهجة وهجوم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/06/8ae6c6c554dc14260155983391f52416.jpg

يقدم النجم السوري جمال سليمان دوراً مهماً في المسلسل المصري «أفراح القبة»، للمخرج محمد ياسين، على الرغم من الهجوم الذي تعرض له منذ بداية الحلقات، ووصفه بأنه لم يتقن اللهجة المصرية، إلى أن جاءت الحلقات التالية لتبين أن شخصية سرحان من أصول سورية، والتحدث بهذه اللهجة المختلطة ضرورة في العمل. وتمكن سليمان من خلال دوره أن يقدم المختلف.

هذا العام شهدت الدراما السورية محاولات في التنوع في موضوعاتها، لكنها مازالت أسيرة واقع جهة الإنتاج ، لهذا تلاشت محاولات الموضوعية في الطرح، على الرغم من أن مسلسل «الندم»، للمخرج الليث حجو، وفي بداية حلقاته إلى المنتصف تقريباً كان يحاول أن يكون متوازناً في طرحه، لكنه في الحلقات التي بثت بعد منتصف رمضان صار واضحاً ميوله باتجاه الرؤية الرسمية، لكن على الرغم من ذلك يعتبر مسلسل «الندم» واحداً من أكثر الأعمال السورية تماسكاً فنياً من ناحية النص والسيناريو والإخراج والتمثيل. أما مسلسل «أحمر»، للمخرج جود سعيد، فقد جاء يعج بالأخطاء الفنية، مع أن كاتب العمل علي وجيه من الكتاب الذين يحاولون تقديم الوضع السوري من دون «تسييس»، إلا أن المخرج لم يتمكن من إنجاز صورة النص، فجاء أداء الممثلين فيه مشوشاً، وعلى رأسهم سلاف فواخرجي، وقدم مسلسلاً مليئاً بالأخطاء الفنية والتقنية، كغياب الصوت في مشاهد عدة، وتكرار الحوارات. في المقابل؛ يأتي مسلسل «باب الحارة» في جزئه السابع ليؤكد أنه صار نمطياً، ولم يعد يثير اهتمام الجمهور، وصار التمثيل باهتاً، والنص يعج بالحشو.

في حين جاء المسلسل الذي حمل عنوان أغنية للراحل عبدالحليم حافظ «نبتدي منين الحكاية»، بطولة سلافة معمار، وغسان مسعود، والمخرج سيف الدين سبيعي، بحبكة تثير الملل، رغم وجود نجمين لهما جماهيريتهما. وحسب آراء متابعين له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن حبكة العمل مملة، علاوة على طريقة معالجته لقصة الحب بين بشير وليال، ومحاولتها تأكيد أن علاقة الحب هي أسمى من أي أوراق رسمية، وأنهما سيتحدان منظومة التطرف من خلال تلك العلاقة.

وفي ظل هذا التخبط، لايزال مسلسل «العراب» في جزئه الثاني، للمخرج حاتم علي، هو النموذج الذي يصر على المحافظة على القيمة الفنية للدراما السورية مع كل عناصر صناعته.

مشاركة في دراما عربية

من جانب آخر كان لفنانين سوريين، مخرجين أو ممثلين أو كتاب، في أعمال عربية أخرى حضور في دراما رمضان هذا العام، خصوصاً في المسلسلات اللبنانية. ومع أن حضور غالبية الممثلين السوريين في تلك الأعمال مازال يطغى على حضور أقرانهم اللبنانيين، إلا أنهم لم يقدموا أدواراً متنوعة، إذ إن قصة «الدنجوان» باتت مكررة، مثل شخصية ميار التي يقدمها الممثل تيم حسن في مسلسل «نص يوم»، للمخرج سامر برقاوي، وفي شخصية أوس التي يقدمها قصي خولي في مسلسل «جريمة شغف»، للمخرج وليد ناصيف، ومعظم هذه القصص مقتبس من قصص عالمية. في المقابل، تألق الممثل السوري باسل خياط في دوره في بطولة المسلسل المصري «الميزان»، إذ إنه فنان مختلف، يتحدى الظروف ليحافظ على مستواه، كما أن دوره جاء متميزاً في مسلسل «العراب» في جزئه الثاني.

 

تويتر