تعرض على مسرح دبي الاجتماعي 3 أيام اعتباراً من الأربعاء

مونودراما «تحت السما».. وجع سوري

يارا صبري أثناء تمرينات مونودراما «تحت السما». من المصدر

تطلق الفنانة يارا صبري، صرخة في وجه القتل والفقد والدمار، عبر مونودراما «تحت السما»، من كتابة الإعلامية فاديا دلّا، وإعداد وإخراج ماهر صليبي، على خشبة مسرح دبي الاجتماعي، في مول الإمارات، في ثلاثة عروض، بدءاً من مساء بعد غد الأربعاء.

حالة من الاحتفاء الإعلامي أحاطت بالمؤتمر الصحافي للحدث الذي استضافه، أمس، فندق سمايا بدبي، ليس لاعتبار انتماء كاتبتها إلى الوسط الإعلامي بالإمارات، بعد أن مارست الكتابة الصحافية في صحف محلية، أو حتى لارتباط العمل بأسماء بعينها، بل بدافع التعرف إلى الطريقة التي يمكن أن يعكس بها عمل مونودرامي الواقع المأساوي تحت سماء سورية.

اختلاف واتفاق

قالت الفنانة يارا صبري، بطلة مونودراما «تحت السما»، رداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» حول مدى اتفاق أو تباين أسرة المسرحية، في الاتجاه السياسي من الشأن السوري، أن «فريق العمل ليس متجانساً سياسياً، بل يتضمن اختلافاً في الاتجاهات في هذا الإطار، لكنهم في المقابل متوحدون فنياً».

وتابعت «نعم، لسنا كلنا أصحاب رأي واحد في الشأن السوري، لكن هذا الأمر لم يشكل عائقاً يحول دون أن نكون جميعاً ضمن فريق فني واحد، لأن جميعنا في الوقت ذاته يجمعنا الوجع السوري». وأضافت «لسنا سياسيين، بل نحن فنانون، وأرى أن شاغلنا الأساسي هو الهمّ الإنساني، ويجب أن نعكس تفاعلنا مع الواقع عبر اللغة التي نجيدها، وهي الفن».


مجرد محاولة

وصفت كاتبة «تحت السما» فاديا دلّا، العمل بأنه «محاولة لعكس جزء من واقع الإنسان السوري بآلامه وأوجاعه وهمومه التي أضحت مزمنة».

ورداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» أكدت دلّا أنها لم تتقيد بشروط رقابية بالمعنى التقليدي، بقدر انسجامها مع رقابة إنسانية، شاغلها فيها الإنسان السوري نفسه.

في المقابل رأى مخرج العمل ماهر صليبا، أن العمل معني بالبحث عن نتائج لوجع الواقع السوري، فضلاً عن مباشرة الرصد، مضيفاً «إثارة التساؤلات تبقى هي الأهم، لاسيما حينما نكون بصدد مأساة إنسانية».

المتحدثون الثلاثة الرئيسون في مؤتمر «تحت السما»، أقروا بأن «العمل محاولة لعكس قبسة من الوجع السوري اليومي والمزمن»، متفقين على أن الفن في هذه الحالة لن يتمكن من أن يكون عاكساً أميناً لواقع بات أقل ما يوصف بأنه مأساوي. القرب والبعد عن الشأن السياسي كان محل تفاوت في قناعات أسرة «تحت السما»، حيث رأت فاديا دلّا، أن «لا عمل فنياً يخلو بطابعه من موقف أو وجهة نظر سياسية»، وهو الرأي الذي مال إليه ماهر صليبي، في حين أكدت يارا صبري، أن «المعالجة الفنية تظل إنسانية في المقام الأول، في حين يبقى العمل السياسي منوطاً بأهل الشأن السياسي».

هذا الطرح الجدلي، والمزج بين السياسي والفني، جعل أسرة «تحت السما» تعاود لتؤكد أنه «على اختلاف الموقف السياسي من الشأن السوري، فإن الهم الإنساني هو ما يطل بكامل جسده في العمل».

في العمل، وعبر حوارية طويلة تسرد الكاتبة الحكاية على لسان أم سورية (يارا صبري)، فقدت أولادها في الحرب، وخسرت معها كل معنى للحياة، وعادت اليوم لتروي الذكريات التي اختلطت بالدماء، عبر مستويين من السرد، الأول يتعلق بالفعل الدرامي المباشر على الخشبة، والثاني يعتمد تقنية الاسترجاع «فلاش باك» في استعادة الماضي.

وتشير كاتبة العمل فاديا دلّا، إلى أن «التعبير في إطار فني خالص ليس عجزاً عن إبداء رأي سياسي، أو إقصاء لموقف إنساني تجاه الأحداث التي تشهدها سورية، إذ إن الفن موقف، وما من فن بلا موقف مسؤول، ولكن دون السقوط في الخطاب المباشر، إذ إن العمل الإبداعي بقدر ما يخلص لفنيته، يخلص للقضية التي يتبناها». ويرى ماهر صليبا، أن «الفقد والوجع هما العمود الفقري الذي يقوم عليه البناء الدرامي للحكاية، بوصفهما ثنائية تُعاش لتُروى في ذاكرة سوريّة موجعة، إلا أن كثيراً من الوجع سيأتي أيضاً من الثنائيات المتناقضة التي تبدو الأم أسيرة هواجسها تحت السماء، ثنائيات الكره والحب، الواقع والخيال، الحقد والتسامح».

ويسعى المخرج إلى أن تتكامل أركان العمل الفنية مع رؤية إخراجية ستأتي مخلصة لروح النص ذاته، وللموقف فيه دون أن ترهقه بإشارات أو إيحاءات سياسية مباشرة، فالعمل كما يراه «رسالة إنسانية من فن بعيد عن الخطابية المباشرة».

وأضاف «نقدم في (تحت السما) فناً يقارب قضية وطنية كبيرة، ونسعى لتحقيق فرجة مسرحية ممتعة، لأكثر القضايا قسوة وألماً، وعلى الجمهور ألا يتابع العرض من المنظور ذاته الذي يتابع عبره نشرة أخبار، وإلا فقد متعة الفرجة، والثابت أن العرض لا يقف حيادياً تجاه الوجع السوري، وهو يروي بعضاً من هذا الوجع».

من جانبها، أكدت الفنانة يارا صبري، أن «المونودراما هي الشكل الأمثل لإيصال أفكار العرض ورسالته الإنسانية والسياسية، ففيها يأخذ الممثل دور الحكواتي، والمستمع هو الجمهور، الذي يعد جزءاً من العرض، لا مراقباً له، كون (الجدار الرابع) مكسوراً بطبيعة النص المونودرامي».

تويتر