صاحب «عدى النهار» و«أحضان الحبايب» و«عيون القلب»

عبدالرحمن الأبنودي.. شاعر البسطاء يرحل عن 76 عاماً

عبدالرحمن الأبنودي (1938 - 2015). أرشيفية

توفي، أمس، الشاعرالمصري الكبير عبدالرحمن الأبنودي، عن عمر ناهز 76 عاماً. وجاءت وفاة الأبنودي لتنهي سلسلة من الشائعات التي عجّلت بموته في الآونة الأخيرة، وسخر منها ذات مرة وهو في المستشفى قائلاً: «لن أموت قبل أن أخبركم». وللأبنودي شاعر العامية البارز الكثير من الدواوين، وألف العديد من الأغاني التي تغنت بها أسماء بارزة في العالم العربي.

ولد الأبنودي 11 إبريل عام 1938 في أبنود بمحافظة قنا، التي رحل إليها في مطلع الشباب مع صديقين من المحافظة نفسها هما الشاعر أمل دنقل (1940-1983) والأديب يحيى الطاهر عبدالله (1938-1981). لكن القاهرة التي منحت الأبنودي شهرة عريضة حرمته أن يواصل الإقامة بها، إذ تعرّض لأزمات صحية في السنوات الأخيرة ونصحه الأطباء بالابتعاد عن هواء العاصمة، الذي لم يعد ملائماً لرئتيه العليلتين فأقام في منزله الريفي القريب من مدينة الإسماعيلية، ونقل الأبنودي جانباً من مكتبته إلى منزله الجديد.

وكان ديوان (الأرض والعيال) 1964 أول ما نُشر للشاعر الذي أصدر في ما بعد دواوين منها (الزحمة) و(جوابات جراحي القط) و(بعد التحية والسلام) و(وجوه على الشط) و(الموت على الأسفلت)، إضافة إلى (أيامي الحلوة) الذي نشره في حلقات أسبوعية بجريدة الأهرام، ويضم قصصاً وأحداثاً ومواقف من سيرته الذاتية. كما حققت (سيرة بني هلال)، التي جمع نصوصها المصرية والسودانية والتونسية على مدى 25 عاماً شهرة واسعة.

وترك الأبنودي دواوين شعرية مسموعة، حيث كانت الأمسيات الشعرية التي أحيا المئات منها في مصر والعالم العربي تحظى بحضور كبير.

والشاعر الذي نال في الثمانينات ليسانس الآداب من قسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة القاهرة، كتب أكثر من 700 أغنية لمطربين عرب، منهم وردة الجزائرية وماجدة الرومي وصباح، ومن المصريين عبدالحليم حافظ وشادية ونجاة ومحمد رشدي ومحمد منير. ومن هذه الأغاني «عدى النهار»، و«أحضان الحبايب»، و«تحت الشجر يا وهيبة»، و«عيون القلب»، و«طبعاً أحباب»، و«آه يا اسمراني اللون».

كما كتب حوار وأغاني فيلم (شيء من الخوف) لحسين كمال، وشارك في كتابة سيناريو وحوار فيلم (الطوق والإسورة)، الذي أخرجه خيري بشارة عن رواية يحيى الطاهر عبدالله.

وكُرِّم الأبنودي في عدد من الدول العربية، ونال جائزة الدولة التقديرية في الآداب من مصر 2000، وكان أول شاعر عامية يفوز بها، كما نال عام 2010 جائزة مبارك (النيل الآن) في الآداب، وهي أرفع جائزة في البلاد. وللأبنودي ابنتان هما آية ونور من زوجته مذيعة التلفزيون نهال كمال.

يعدّ الأبنودي من الشعراء الكبار العمالقة الذين اتخذوا اللغة العامية ليعبّروا عن مخزونهم الحضاري والاجتماعي في شعرهم، وهو يعدّ الحارس الشخصي للشعر العامي، واستطاع ببراعة فائقة أن يلتقط في شعره الخواص التعبيرية البسيطة للسان أهل بيئته البسطاء في صعيد مصر، وأن يجسد أحلامهم وأمانيهم، ورهافة وحدة مجتمعهم الصعيدي، الذي كان المجال الحيوي الملهم لمعظم قصائده، ولهذا عُد شاعر البسطاء من المصريين. واستطاعت الأمراض في السنوات الأخيرة أن تتمكن من جسد الأبنودي الذي يعاني تضخماً في الرئة، وانسداداً والتهابات في الشرايين، ومتاعب في العمود الفقري، وفي الأشهر الأخيرة تدهورت صحته بشكل كبير. وعن طفولته الفقيرة قال الراحل في أحد تصريحاته الصحافية: «شهدت طفولتي وأيام فقري أوقاتاً كنا ننام فيها بدون طعام، كنت أجري على قوت يومي وأنا مازلت طفلاً صغيراً، فكنت أذهب إلى الغيط لجمع القطن، وكان حتماً أن أتعلم الصيد لاستطيع أن أخرج من النهر ولو بسمكة لأكلها لتسد جوعي، ومع الصيد تعلمت الصبر.

 

 

تويتر