محمد سلطان ثاني يفكر في إيصالها إلى الصين وتايلاند واليابان

مواطن يصنع مذاقات عصرية لـ «السحناة» في القرية العالمية

صورة

لم يفكر محمد سلطان ثاني بشكل سلبي في ما يتعلق بانطباعات البعض حول رجل يحمل خبرات عملية في مؤسسات متعددة، قرر أن يستعيد حضور أحد أشهر المأكولات التقليدية في المائدة الإماراتية، من خلال مشروع صغير يلقى دعماً من مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، وراح يفتتح بجرأة «كشكاً» لبيع «السحناة»، بقيمة زهيدة، هي 25 درهماً، تجعل مهمة الحصول على ربح مادي من المشروع «شديدة الصعوبة».

مذاق جديد

قال محمد سلطان ثاني إن المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، عبدالباسط الجناحي، قد اقترح عليه مذاقاً جديداً يضاف إلى المذاقات الستة التي يقدمها لزبائنه في القرية العالمية، وهو «السحناة مع البطاطس».

وتابع «مع تجربة الفكرة، وجدت إقبالاً هائلاً من الزبائن، وتفوقت في بعض الأيام على المذاقات الأخرى «الكلاسيكية، والسماك، والفلفل، المعكرونة، الشوربة والنودلز».

وحول استفادته من دعم مؤسسة محمد بن راشد، قال سلطان «وجدت الفكرة تأييداً من المسؤولين على ترشيح المشروعات، وبصفة خاصة بسبب ما صاحبها من وعي بأهمية المحافظة على الموروث المحلي، ليس في صيغته الفنية أو الثقافية فقط، بل أيضاً في مختلف ملامح هذا المورث، وهو هنا يرتبط بموروث من المائدة الإماراتية، والأهم تقديم حلول لضمان استمرارية هذا الموروث من خلال بث روح عصرية في مفرداته».

وأشار سلطان إلى أن «المؤسسة» دعمت مشروع «السحناة» من خلال تحملها نصف قيمة إيجار «الكشك»، مضيفاً «الأهم بالنسبة لي ربح المراهنة على تحريض الناس على روح تجريب إضفاء صبغة عصرية على أكثر المفردات التي يتوقعون أنها قرينة زمنها الذي مضى فقط».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/01/260488.jpg


«السحناة» إماراتية 100%

وجبة «السحناة» التي تقدم لدى محمد سلطان ثاني هي إماراتية 100%، حسب تأكيده، ليس بسبب توارثها جيلاً بعد جيل فقط، بل من حيث اعتماده على الحصول على سمك «الجاشع» و«العومة» الذي يأتيه خصيصاً من المنطقة الشرقية.

وتابع «حتى عملية التجفيف ثم الطحن، يقوم بها إماراتيون مختصون بهذه المهنة، التي كانت ربما معرضة في وقت من الأوقات للاندثار، مثلها مثل «السحناة»، التي وجدت نفسها في نزاع حقيقي مع منتجات مطاعم الوجبات السريعة بإغراءاتها وإمكاناتها المختلفة.

وأكد ثاني أن هدفه من مشروع «السحناة» ليس الربح المادي، مضيفاً: «الأكثر ربحاً بكل تأكيد هو كشك يقدم (بان كيك)، أو هدايا تذكارية، لكن الربح حينما نستثمر هذا الموقع المنفتح على مختلف الجنسيات والثقافات لنكون حاضرين في سياق التأثير في الآخر».

سلطان الذي يعمل مستشاراً للتميز المؤسسي في الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي، وعمل لسنوات طويلة مساعداً للمدير العام في دائرة الأراضي والأملاك بدبي، فضلاً عن مزاولته مهنة الصحافة في الثمانينات وأوائل التسعينات، يقف بنفسه للإشراف على مشروعه، الذي يأتي بمثابة «خطوة أولى للذهاب بالسحناة الإماراتية بعيداً، بعد تأسيس مطعم خاص بها في دبي، ثم التخطيط كلياً في حال نجاح التجربة في افتتاح مطاعم متخصصة لدى عواصم ومدن آسيوية تعرف السحناة بطريقتها الخاصة»، متوقعاً أن تجد «السحناة» الإماراتية قبولاً بصفة خاصة في بلدان مثل الصين واليابان وتايلاند، وغيرها من دول جنوب شرق آسيا.

وصول الموروث المحلي، على تعدديته وتنوعه إلى الآخر، هو النجاح الحقيقي والرهان الذي يتوجب الكد من أجله، حسب سلطان، الذي يضيف: «لا يمكن الإقرار بوجود صورة تتعلق بالثياب أو المظهر يمكن اختزال الموروث والتقاليد فيها، بل ممارسة واستدعاء هذا الموروث، وتأثر الآخر به، كي لا تكون علاقتنا مع هذا الآخر قائمة فقط على تأثيره فينا، من دون تأثره بنا، وهو ما يؤدي إلى اندثار الموروث لا محالة».

مشروع «السحناة» لدى سلطان يقوم على فكرة تطوير مذاق هذه الوجبة الشعبية الشهيرة، حيث يقدمها بمذاقات عصرية مختلفة، فضلاً عن المذاق التقليدي، حيث يضيف: «نقدم «السحناة» بستة مذاقات بخلاف المذاق الكلاسيكي، وهي بالفلفل والسماك والمكسرات والمعكرونة ومع الشوربة والنودلز، وهي المذاقات التي أسهمت في زيادة الإقبال على هذه الوجبة، حيث تتيح مزيداً من الخيارات العصرية حسب ميول كل زبون.

وأشار سلطان إلى أنه في البداية توقع وجود تحديين أساسيين أمام هذا المشروع، وهما أن «السحناة» تقدم أساساً حسب تقاليد المائدة الإماراتية وقت الغداء، في حين أن وقت الذروة بالنسبة لارتياد القرية العالمية يواكب وقت العشاء، فيما عدا التحدي الثاني في كون معظم مرتادي القرية العالمية هم من فئة الشباب، وهي الفئة الأكثر زهداً في الإقبال على السحناة .

وتابع «وجدت صعوبات كبيرة في الشهر الأول، وكانت المبيعات محدودة للغاية، أو شبه غائبة، لاسيما أنني لم أقم بأي جهد دعائي، باستثناء موقعي على (إنستغرام) وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ما حدث في الشهرين التاليين كان مفاجئاً، وشهدت السحناة إقبالاً هائلاً لم أكن أتوقعه» .

وأشار صاحب مشروع «السحناة» «قد تندهش الكثيرات من ربات البيوت حينما يعلمن أن ما بين 60 و80% من زبائني هم من فئة الشباب، والسبب أننا وضعنا أيدينا على تنويعة من المذاقات العصرية المختلفة، من دون أن نتخلى عن المذاق المميز لهذه الأكلة الشعبية المتوارثة» .

وحول تكوين ونشأة «السحناة» قال سلطان: «هي وجبة شعبية ذات قيمة غذائية عالية، ومعروفة ومتوارثة في البيئة المحلية منذ عصور طويلة، وهي معروفة أيضاً في المجتمع العماني».

وتابع: «كان يتم اللجوء للسحناة حينما لا تتوافر الأطعمة الطازجة لظروف اقتصادية أو غير ذلك، لكنها أصبحت بعد ذلك واحدة من أهم الأكلات الشعبية المحلية، وهي نتاج طحن السمك الصغير المجفف بعد طهيه وتقديمه مع السمن والليمون».

تويتر