بعضها قارب الواقع بحذر والآخر تمرّد على السائد

الدراما العربية و«مرحلة التحـولات»

أعمال عربية بالجملة تعرضت للانتقاد، لكن ذلك لم يمنع الاعتراف بالنجاح والجماهيرية الكبيرة التي حققتها. أرشيفية

بعد أن هدأ ضجيج المنافسة الدرامية الرمضانية، وماكينات الدعاية التي أطلقتها الشركات المنتجة والفضائيات العربية للترويج للأعمال التي شاركت في الموسم الرمضاني 2014، وبعيداً عن استطلاعات الرأي التي تطلقها الفضائيات أو الصحف والمواقع الإلكترونية هنا وهناك حول الأفضل والأكثر مشاهدة، وغير ذلك من معايير التقييم التي تفتقر في كثير من الأحيان إلى الدقة والاحترافية، قد يكون من الممكن الحديث عن قراءة هادئة لملامح الدراما العربية في هذا الموسم، والمتابع يمكن أن يلمس بسهولة تعدد هذه الملامح واختلافها بين ملامح عامة تجمع بين الدراما العربية ككل، وملامح ترتبط بدراما بعينها مثل السورية والمصرية والخليجية إذا ما تحدثنا على التصنيف الجغرافي للإنتاج الفني، أو الدراما التاريخية والاجتماعية والكوميدية وغيرها، وإذا ما اعتمدنا على موضوع العمل في تصنيفه بصرف النظر عن بلد الإنتاج، وبشكلٍ ما يمكن اعتبار أن المرحلة الحالية قد تمثل «مرحلة تحولات» في تاريخ المنطقة، لكن هل تنعكس هذه التسمية على الدراما العربية نفسها؟

ربما يمكن وضع الارتباط بالواقع الآني كمعيار أول للحكم على الدراما التي عرضت هذا العام، إذ يجد كثير من النقاد أو العاملين في الفن أن ارتباط العمل الفني بواقعه معيار أول وربما وحيد على مصداقيته وتفاعل الجمهور معه، خصوصاً في ظل الأحداث التي تشهدها الدول العربية، خصوصاً سورية ومصر، معتبرين أن معظم صناع الدراما اختاروا الحل الأسهل والأكثر أمناً بالهروب من نقل الواقع بكل ما يحمله من ألم ودم وصراعات وعمليات قتل وتهجير، وهو رأي يصعب قبوله على علاته دون مراجعة، فالواقع له وجوه عدة، ومقاربة الأحداث لا تعني بالضرورة تقديم عمل فني يشبه التحليل السياسي أو نشرة الأخبار، لكن يمكن أن يقدم العمل جوهر معاناة البشر في قالب اجتماعي إنساني بفقد عزيز أو تعرضه للخطر، أو الحياة في ظل شعور دائم بالخطر التهديد، وربما يتجه إلى استعراض بدايات الصراع أو البيئة التي خرج منها ومهدت له، في إطار هذه النظرة الأوسع يصبح من الظلم تجاهل أعمال حاولت مقاربة الواقع الآني، ونجحت في ذلك مثل مسلسلات «قلم حمرة»، و«حقائب.. ضبوا الشناتي» و«حلاوة روح» «وبقعة ضوء»، بدرجات متفاوتة ومن زوايا مختلفة.

تمرد على التركي

تمرّد على التركي الموسم الدرامي هذا العام، يشير إلى تمرد صناع الدراما والمنتجين على الدراما التركية بشكل خاص والمدبلجة بشكل عام، فقد تراجع عدد المعروض منها على الفضائيات العربية، وفي الوقت نفسه الاتجاه لاستلهام هذه الدراما كنموذج لما يقدمونه من أعمال.

الملمح الآخر الذي حمله الموسم الدرامي هذا العام، وإن لم يرتبط بشهر رمضان، يشير إلى تمرد صناع الدراما والمنتجين على الدراما التركية بشكل خاص والمدبلجة بشكل عام، فقد تراجع عدد المعروض منها على الفضائيات العربية، وفي الوقت نفسه الاتجاه لاستلهام هذه الدراما كنموذج لما يقدمونه من أعمال، وهو ما يظهر في عدد من الأعمال، وتحديداً التي حملت طابع الإنتاج العربي المشترك الذي يجمع بين فنانين وفرق عمل من بلدان عربية مختلفة، وغالباً ما تدور أحداثها في عدد كبير من الحلقات يزيد على 100 حلقة، وتمتد عبر أكثر من جزء، ولعل أبرزها مسلسل «الأخوة» و«هبه رجل الغراب»، ويلحق بها أعمال مثل «سراي عابدين» و«لو» اللذين عرضا في رمضان، ورغم هجوم كثير من الكتّاب، وأحيانا المشاهدين، على هذه النوعية من الأعمال بسبب طابعها التجاري، وضعف السيناريو بها واتجاه الكاتب لاختلاق علاقات لإيجاد مبررات لوجود أشخاص من جنسيات مختلفة في العمل، واستمراره لحلقات عدة، إلا أنه من الصعب إنكار الجماهيرية التي حققتها هذه النوعية من المسلسلات ومعدلات المشاهدة المرتفعة لها، بما يشير إلى تقبل شريحة ليست قليلة من المشاهدين لها وإعجابهم بها.

هناك ملمح آخر بدأت مؤشراته تظهر خلال الموسم الدرامي 2013، وكرسته منافسات هذا العام في رمضان 2014، وهو التمرد على السائد، ويظهر بشكل أكبر في الدراما المصرية مع ظهور أعمال ذات شخصية مستقلة تخففت من كثير من القيود التي قيدت الأعمال المصرية وجعلتها تفقد الكثير من أسهمها لدى المشاهد العربي، مثل سيطرة النجم الأوحد الذي كان يفرض رأيه في كل ما يخص العمل الفني بداية من اختيار النص والمخرج وبقية فريق العمل، وحتى مساحات الأدوار وتوزيعها على الفنانين المشاركين، كما خرجت هذه النوعية من الأعمال عن الموضوعات التقليدية المكررة التي يتفرد فيها النجم بشخصية مثالية وسط مجتمع قاسٍ لا يرحم، ومن أبرز هذه الأعمال «الوصايا السبع»، و«الصياد» و«سجن النسا» و«تفاحة آدم» و«عد تنازلي». واستطاعت هذه الأعمال الشابة سواء في أفكارها وموضوعاتها أو في فريق العمل القائم عليها، أن تشد المشاهد من جديد للدراما المصرية وتعيدها إلى المنافسة. في المقابل تمسك بعض صناع الدراما بالشكل التقليدي متكئين في رهانهم على جماهيرية بطل العمل، فجاء العمل باهتاً به كثير من نقاط الضعف مثل «صاحب السعادة» لعادل إمام و«شمس» لليلى علوي، في حين نجا بعض «الكبار» من الوقوع في فخ التكرار مثل محمود عبدالعزيز في «جبل الحلال»، ويحيى الفخراني في «دهشة».

أخطاء «الأخوة» لم تمنع نجاحه

استطاع مسلسل «الأخوة» الذي يضم أكثر من 35 فناناً عربياً، وتدور أحداثه في أبوظبي، أن يجذب انتباه الجمهور بقوة ويحقق جماهيرية كبيرة، وهو ما شجع فريق العمل على تقديم الجزء الثاني منه، رغم العيوب التي ظهرت في بناء نص العمل مع تقدم الحلقات، من أهمها التطويل، والتحولات غير المبررة في مشاعر الأبطال. وتدور أحداث المسلسل الذي يعرض على شاشة أبوظبي الأولى، حول فريد نوح الذي أسس إحدى كبريات شركات الإعمار والإنشاءات، وامتلك استثمارات ضخمة في المصارف وتجارة السيارات والقطاع السياحي في مصر. وبعد وفاته يقوم على شؤون تلك الإمبراطورية خمسة شبان هم نور (تيم حسن)، وأمير (باسل خياط)، وفادي (قيس شيخ نجيب)، وهاني (أحمد فهمي) ومجد (محمود نصر). وكان فريد في حياته قد كفلهم وأحبهم وعاملهم كأولاده منذ صغرهم.

شباب

استطاعت الأعمال الشابة سواء في أفكارها وموضوعاتها أو في فريق العمل القائم عليها، أن تشد المشاهد من جديد للدراما المصرية وتعيدها إلى المنافسة. في المقابل تمسك بعض صناع الدراما بالشكل التقليدي متكئين في رهانهم على جماهيرية بطل العمل، فجاء العمل باهتاً به كثير من نقاط الضعف مثل «صاحب السعادة» لعادل إمام و«شمس» لليلى علوي، في حين نجا بعض «الكبار» من الوقوع في فخ التكرار مثل محمود عبدالعزيز في «جبل الحلال»، ويحيى الفخراني في «دهشة».

تويتر