معظمهم رفقاء خشبة عايشوا أجواء تأسيس حركة فنية واعدة

المنتجون الإمـــاراتيون.. فنانون قبل كل شــيء

صورة

لعل أكثر ما يلفت الانتباه في الدراما الإماراتية المحلية هو اتكاؤها على عدد ضئيل من شركات الإنتاج المحلية التي أسسها فنانون لهم باع طويل في الدراما، ليست التلفزيونية فقط، بل والمسرحية أيضاً، قبل أن تدخل على الخط اسماء أخرى، تنتمي أيضاً إلى الحركة الفنية المحلية.

«هي إرادة المخرج»، ليست المقولة السحرية التي تمسك بأهداب العمل الدرامي، لأن للمنتج أيضاً رؤيته الجوهرية، سواء في اختيار طاقم العمل، أو حتى إدخال تعديلات جوهرية على الفكرة، وخطط التصوير، بما في ذلك الموقع وغيره، لأن المنتج هنا ببساطة ليس المسؤول عن التمويل فقط، بل هو بالأساس فنان مخضرم، أصبح يتحدث بلغتين الآن، إحداهما خبرته الفنية، وثانيهما لغة «البيزنس».

وعلى الرغم من أن تلك الشركات التي بدأت صغيرة من حيث الميزانية، وعدد المشروعات، ارتبطت بأسماء معروفة، فإنها لم تستطع في مراحلها الأولى كسر دائرة محليتها، واقتصرت في تسويق أعمالها على التلفزيونات المحلية أيضاً، وهو الأمر الذي تغير نسبياً في ما بعد، بفضل عوامل كثيرة.

الانفتاح «عربياً»

قال الفنان أحمد الجسمي، إن «الوقت قد حان لينفتح المنتج الإماراتي على السوق العربية»، مضيفاً: «السفارة الحقيقية للفن تتحقق حينما نتمكن من إنتاج أعمال مهمة تعرض على شاشات الفضائيات الخليجية والعربية»، وهو ما تحقق على الصعيد الخليجي بعدد من المسلسلات الإماراتية، ويبقى الرهان الأكبر في المرحلة المقبلة يتعلق بإنتاج مسلسلات تفرض نفسها على شاشات الفضائيات العربية». وأضاف: «لا يوجد منتج فني يقبل بالخسارة المادية، لأنها ببساطة قد تؤدي إلى خروجه من مجال الإنتاج، لكن المنتج الفنان يبقى شديد الحرص على السوية الفنية للعمل، على خلاف المنتج (التاجر)، الذي لا ينظر إلا لإيراد تسويق العمل».

وأشار الجسمي إلى أن الفضائيات المحلية لعبت دوراً مهماً في دعم المنتج الإماراتي، وأفق عطائها لايزال ممتداً في المرحلة المقبلة من أجل تعظيم المكاسب التي وصلت إليها الدراما المحلية.

تنافس شريف

وصف الفنان سلطان النيادي صاحب شركة «ظبيان» للإنتاج الفني التنافس بين شركات الإنتاج الإماراتية بـ«الشريف»، مضيفاً «العلاقة الفنية التي تربط معظمنا، والمشاركة في مشوار فني طويل على الخشبة الإماراتية خصوصاً، كانتا عاملاً إيجابياً في ألا تتحول المنافسة إلى صراع على النحو الذي نشهده في أوساط أخرى».

وأضاف: «لا أتردد في الاستعانة بزملائي الفنانين المنتجين، سواء في نطاق العملية الإنتاجية نفسها، أو فنياً، فمعظمهم فنانون لا يجوز تجاهلهم حينما تتطلبهم أدوارهم في أعمال نقوم بإنتاجها».

وكشف النيادي أنه يستعين فنياً بمعدات تصوير من شركة «جرناس» التي يمتلكها الجسمي، والعكس صحيح حينما يتطلب الأمر ذلك.

وفي مقابل أسماء استمرت في مجال الإنتاج، فإن هناك أسماء أخرى ابتعدت، مكتفية بالتجارب الأولى في مجال المنتج المنفذ، الذي ضمن للتلفزيونات المحلية أعمالاً حصرية في ظل المغالاة التي رافقت صناعة المسلسلات الخليجية، بعد أن لجأ العديد من الفنانين الخليجيين للإنتاج، خصوصاً الكويتيين، مستثمرين شهرتهم الواسعة، فضلاً عن اهتمام القنوات الفضائية الكويتية بشراء ما يقومون على إنتاجه من أعمال درامية، لا سيما أن بعض الفنانين من أصحاب شركات الإنتاج هم في الأساس شركاء في ملكية قنوات فضائية كويتية خاصة.

وإذا كانت قلة من المنتجين الإماراتيين هي من استطاعت أن تجد لأعمالها سوقاً رائجة في الفضائيات الخليجية، فإن الفضائيات الإماراتية وجدت في هذا الغيث الإنتاجي فرصة للوصول إلى أعمال أكثر حرفية، في ظل منافسة قوية وجد أصحاب الأعمال المحلية أنفسهم مضطرين إلى خوض غمارها.

المنافسة البينية بين رفقاء الأمس على خشبات المسارح الإماراتية ليست فنية فقط، كما كانت في السابق من خلال أعمال تترجم مواهبهم، بل تجارية وتسويقية، عبر شركات خاصة قاموا بتأسيسها، معتمدين على دعم القنوات المحلية لهم، خصوصاً من خلال مشروعات المنتج المنفذ، التي كان لها دور رئيس في إتاحة الفرصة الحقيقية لهم، رغم وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر، خصوصاً في ما يتعلق بميزانية العمل، وتوقيتات بدئه وتسليمه.

توقف تلفزيون الشارقة عن إنتاج سهرات تلفزيونية كانت تستوعب الكثير من الطاقات المحلية، تزامن مع اعتزام تلفزيون دبي اتباع سياسة المنتج المنفذ، ما جعل طموح عدد من الممثلين الإماراتيين في الاضطلاع بالإنتاج يتحول إلى حقيقة، بعيداً عن المجازفة، حيث تفترض عقود تنفيذ الإنتاج أن تتحمل الجهة المنتجة ميزانية العمل، ما يعني أن الخطوة الأولى لتلك الشركات المحلية الوليدة منحتها تجربة حقيقية لقياس قدرتها على القيام بإنتاج أعمال درامية.

وبحكم المنافسة في اجتذاب المشاهد دخل تلفزيون أبوظبي دائرة الإنتاج الخاص، وطبق سياسة المنتج المنفذ على مشروعات متعددة، وراح ينافس في شراء الإنتاج الدرامي المحلي، ما شجع المزيد من الفنانين على خوض غمار الإنتاج. وعلى الرغم من مضي سنوات عدة على تأسيس شركات مثل «جرناس» للإنتاج الفني التي يمتلكها ويديرها أحمد الجسمي، و«ظبيان» للإنتاج الفني لسلطان النيادي، ودخول أسماء أخرى بعضها استمر وبعضها توقف مثل الفنانة سميرة أحمد، والفنان سعيد سالم، بالإضافة إلى تأسيس المزيد من الشركات مثل «ارى الإمارات» لمدير الديوان الأميري في إمارة الفجيرة الكاتب محمد سعيد الضنحاني، وغيرها، إلا أن حركة الإنتاج المحلي لاتزال ضعيفة، ولا تستوعب أو تستثمر خبرة ممثلين استمدوا نضجهم من عقود طويلة من العطاء، فضلاً عن طاقات شبابية واعدة لاتزال تبحث عن «فرصة».

أحد أحدث المنضمين إلى قائمة المنتجين هو الفنان حبيب غلوم، الذي أكد أن هناك شقاً فنياً أساسياً في اتجاهه للإنتاج الذاتي، مضيفاً «لا نستطيع أن نغفل التراجع الحاد في السوية الفنية لمعظم الأعمال المحلية والخليجية، وهو رصد لا يعني أنني قطعاً سأقدم الأفضل، لكن على الأقل سأحاول أن أصل بالعمل إلى مستوى أفضل، من خلال تولي المسؤولية الكاملة عنه، لأن الكثير من الأعمال يكمن الخلل فيها ليس في النص أو الإخراج، أو لسبب فني مباشر، بقدر تعرضه لمشكلات فنية».

الفنان أحمد الجسمي الذي يعد صاحب أكبر كم من المسلسلات الإماراتية التي عرضت على شاشات الفضائيات، يرى أن تجربة المنتج المنفذ جاءت في توقيت مهم للغاية، وأفسحت المجال لتأسيس شركات إنتاج محلية، أسهمت بشكل جيد في تسويق الممثل الإماراتي خليجياً، متوقعاً أن تشهد السنوات المقبلة «مزيداً من ثمار تأسيس شركات إنتاج إماراتية».

صاحب شركة «ظبيان» للإنتاج الفني الفنان سلطان النيادي، يرى أن بعض الشركات المحلية وصلت إلى درجة عالية من الحرفية، تضاهي مثيلاتها في القاهرة والكويت، معترفاً بأن السنوات الأولى للتجربة شهدت بعض الأخطاء التي تم تلافيها في ما بعد، لتكون المحصلة عدداً نوعياً من الأعمال المحلية الإماراتية.

 

تويتر