ناصر الحميري اعتبر المهرجان مناسبة ثقافية مهمـــة.. وأكد:

«الوطني للحـرف التقليدية» إضافة نوعية للفعالـيات التراثية

صورة

مبادرة جديدة لصون التراث، وتكريس حضوره في المجتمع، تطلقها أبوظبي هذا العام من خلال المهرجان الوطني الأول للحرف والصناعات التقليديّة، الذي أوضح مدير إدارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الدكتور ناصر علي الحميري، أنه يشكل إضافة نوعيّة مهمة لكل الفعاليات والمهرجانات التراثية التي تُقام في الإمارات عموماً، وفي إمارة أبوظبي على وجه الخصوص.

وقال الحميري في حواره مع «الإمارات اليوم» إن المهرجان سيبرز مكانة الحرف التقليديّة في التراث الإماراتي، وأهميتها التاريخيّة، ودورها في توفير احتياجات السكان من خلال الموارد الطبيعيّة المتاحة، والأيدي الماهرة التي تناقلت هذه الحرف جيلاً بعد جيل. علاوة على دور المهرجان في التأكيد على تشابه المنتجات التقليديّة وأغراضها بين دول الخليج، ما يعزّز عوامل التاريخ الخليجي المشترك، وأنماط الحياة الاجتماعيّة المتماثلة إلى حد بعيد، ويؤسس لنهضة اقتصاديّة خليجيّة تستند لكل هذه المعطيات.

نشر الوعي

أشار د. ناصر الحميري إلى أن جيل الشباب الحالي من أبناء الإمارات والدول الخليجيّة الأخرى لم يعاصر عموماً الفترة التي ظهرت فيها الحرف التقليدية، وازدهرت وراجت منتجاتها لتلبية احتياجات المجتمعات الخليجيّة، ولذا من الضرورة نشر الوعي لدى هذا الجيل بأهميّة هذه الحرف ودورها الذي نهضت به في تلك الفترة، وبأنها جزء من التراث الذي حافظ عليه الآباء والأجداد، وتشكل رافداً مهماً لعلاقة الإنسان الخليجي بأرضه وتاريخه، وهويته الوطنية.

وشدد على أنه «من الضروري العمل على تطوير المنتجات التقليديّة من حيث النوع، والوظائف والاستخدامات، والخصائص الفنية بحيث تكون قادرة على منافسة مثيلاتها من المنتجات العالميّة التقليديّة، وعلى تلبية احتياجات معاصرة بصورة جذابة توائم بين المعاصرة والتراث، ولدينا في الإدارة نماذج من مبادرات قام بها الحرفيون والحرفيات بهذا الخصوص بحاجة إلى تعميمها وتطويرها».

تبادل خبرات

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/07/172514.jpg

أشار د. ناصر الحميري إلى حرص هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة على المشاركة في المهرجانات الثقافية التي تقام بين فترة وأخرى في دول عربية وأجنبية؛ للتعريف بالتراث الإماراتي، والاستفادة من تجارب هذه الدول في إقامة المهرجانات؛ لاسيما ما يتعلق منها بالتراث الثقافي للشعوب، معتبراً أن مهرجان الحرف والصناعات التقليدية سيكون مناسبة مهمة لمد جسور التعاون وتبادل الخبرات مع منظمي تلك المهرجانات، لاسيما الخليجيّة التي توحدها الرؤية والأهداف في الفعاليات المصاحبة لها.

واعتبر أن من بين العلامات الفارقة للمهرجان أنه سيستقطب أرباب هذه الحرف من أنحاء الإمارات، والدول الخليجيّة؛ ما يشكل مناسبة فريدة تتجدد كل عام لتطوير هذه الحرف، وتبادل الأفكار والخبرات للارتقاء بها، وزيادة الوعي بأهميّتها قديماً وحديثاً بغرض المحافظة عليها من الاندثار، وصونها لأجيال المستقبل، وتعزيز دورها في دعم الاقتصاد، والعمل على تطويرها بحيث تلبي احتياجات معاصرة، في إطار التعاون وتبادل الخبرات بين المنتجين.

وأوضح الحميري أن اختيار مدينة العين لاستضافة المهرجان الذي سيقام في الفترة من 23 - 29 أكتوبر المقبل، يرجع إلى المكانة التاريخيّة والتراثية للعين، وموقعها المميز بالنسبة للمدن والمناطق الأخرى من الإمارات، مضيفاً أنها «المدينة التي بدأت منها مسيرة البناء والتأسيس للنهضة الحالية، والتي قادها منذ أربعينات القرن المنصرم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ثم إن العين من المناطق التي عرفت الاستقرار البشري منذ قرون خلت؛ الأمر الذي أسهم في بروز حرف وصناعات تقليديّة فيها، مازالت منتجاتها ماثلة في متاحفها، ومناطقها القديمة، لاسيما الأسواق القديمة، ومنها سوق القطارة الشعبي».

واستطرد «لعل ربط المهرجان بمدينة العين، وبسوق القطارة له كل هذه الدلالات والرموز التاريخيّة، والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة»، لافتاً إلى أن موقع المهرجان سيتم تجهيزه من حيث المحال، والمراكز الخدميّة والترفيهيّة، والساحات ليكون حدثاً سنوياً، وتتضمن فترة إقامة المهرجان العديد من الفعاليات والأنشطة المصاحبة.

ويسعى المهرجان الوطني الأول للحرف والصناعات التقليديّة، من خلال جهود هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ليكون مناسبة اقتصاديّة، وتراثية، وثقافية مهمة، يتجلى فيها الماضي بعلاقاته الاقتصاديّة والاجتماعيّة، والثقافيّة، بحسب ما ذكر مدير إدارة التراث المعنوي، بحيث يستقطب المهرجان من حيث المكان، والمرافق الخدميّة والترفيهيّة، والمعروضات التقليديّة، ومنافذ البيع، ومزاولة الحرف التقليديّة، والأنشطة المصاحبة، أبناء الإمارات، والدول الخليجيّة، والمقيمين بها، والسائحين، كما ستجد الأسر في السوق بصورة عامة ما يحقق لها فرصة المعرفة، والتسوق، والترفيه، من خلال برامج تستهدف كل أفرادها.

وعن إمكانية إقامة فعاليات تابعة للمهرجان على مدار العام؛ أوضح الحميري أنه ستتم دراسة الدورة الأولى التي ستقام خلال هذا العام، عقب انتهاء فعالياتها، للتعرف إلى الإيجابيات بغرض تكريسها والارتقاء بمستواها، وقد يكون من بينها مدة المهرجان التي هي حتى الآن محددّة في فترة زمنيّة معينة، علماً بأن سوق القطارة، وهو جزء من المكوّنات التي يشتمل عليها المهرجان به سوق دائم يعرض فيه الكثير من المنتجات الإماراتية التقليديّة. وأشار إلى أن اختيار المشاركين في المهرجان سيتم بناءً على معايير محددّة تسهم في تحقيق الأهداف والمخرجات المتوقعة من إقامته، ومنها على سبيل المثال: التنوع في الحرف التقليديّة التي مازال لها حضور في الإمارات، والدول الخليجيّة الأخرى، ومدى التنوع في منتجاتها بما يثري خصائصها وسماتها المميزة، إضافة إلى الاستمرارية في ممارستها، وقدرتها على عكس الواقع الحقيقي من حيث الأصالة والإبداع.

المهرجان من حيث أهدافه، والنتائج المتوخاة منه تصب جميعاً في دعم الحرفيين، وتعزيز جهودهم في صون التراث الثقافي المرتبط بالحرف والصناعات التقليديّة والمحافظة عليها، والارتقاء بمستوياتها الفنيّة لتواكب التطورات المعاصرة في المشغولات والحرف اليدويّة في العالم، حسب الحميري الذي أضاف «يُتوقع أن تشارك في المهرجان جهات متعددة؛ في مقدمتها الأفراد الممارسون للحرف والصناعات التقليديّة في دولة الإمارات ودول الخليج العربي، والأسر الإماراتية المنتجة للعديد من المنتجات التقليديّة، والجهات المتخصصة ببيع وتسويق المنتجات التقليديّة، والهيئات والمؤسسات الحكومية والأهليّة المعنية بالحرف والصناعات التقليديّة، وبإنتاجها وتطويرها، إضافة إلى الجهات الممولة للمواد الخام اللازمة للصناعات التقليديّة، والمؤسسات التربويّة والتعليميّة بمستوياتها كافة، والمؤسسات الإعلامية المعنية بالتعريف بالحرف التقليديّة والترويج لمنتجاتها».

وعن ما يمكن ان يقدمه المهرجان لدعم الحرفيين والمؤسسات الحرفية الصغيرة؛ قال الحميري، إن «أهداف المهرجان تصب في دعم الحرفيين، وتعزيز جهودهم في صون التراث الثقافي المرتبط بالحرف والصناعات التقليديّة والمحافظة عليها، والارتقاء بمستوياتها الفنيّة لتواكب التطورات المعاصرة في المشغولات والحرف اليدويّة في العالم. وما من شك فإن الجهود المبذولة بهذا الخصوص، جهود مُقدرة، ويجب التأسيس عليها، والانطلاق منها لتطوير هذه الحرف، والمشروعات الصغيرة التي أنجزت في هذا المجال على مستوى الأسر المنتجة، التي تلقى الدعم من صندوق خليفة لدعم الأسر المنتجة، مشروعات بناءة ومهمة، إلاّ أن المهرجان يمكن أن يفتح آفاقاً واسعة أمام أرباب هذه المشروعات لتوسعتها، وتطويرها، لاسيما أنه سيكون لها حضور مميّز في المهرجان إضافة إلى مشروعات خليجيّة مماثلة».

وتابع «نأمل من خلال المهرجان فتح مرحلة جديدة من مراحل الاهتمام بالمشروعات الحالية، الخاصة والحكوميّة، في مجال الحرف والصناعات التقليديّة»، مشيراً إلى حرص إدارة التراث المعنوي على إعداد خريطة بتوزيع الحرفيين والحرفيات في أبوظبي، وبناء قاعدة بيانات عنهم توفر للمسؤولين والمتخصصين والمهتمين كل ما يحتاجون إليه من معلومات حول هذه الحرف.

تويتر