أعمال لـ 24 فناناً تقرأ الدين وتفسره بالفن

«إسلاموبوليتان».. حوار بين الإسلام والتصميم

صورة

«إسلاموبوليتان» مصطلح يضع تصوراً مقترحاً للحوار المطروح بين الإسلام والتصميم، فهو يثبت جدلاً أن هذا الحوار ينبغي النظر في آثاره المتنوعة والشاملة، وليس فقط تسليط الضوء على خصائصه الزخرفية.

من هذا المنطلق، جاء معرض «إسلاموبوليتان» الذي تمت صياغته خصيصاً ليشير إلى التعددية الثقافية والتنوع، ولكن ضمن سياق محدد ونهج يترجم تلك العلاقة بين العالمية والمحلية، في فلسفة واضحة يمتاز بها المعرض الذي أشرف عليه القيمان الفنيان خالد الشعفار ويوسف موسكاتيلو، بمشاركه 24 فناناً قدموا مجموعة من الأعمال الفنية ضمن ثلاثة محاور.

هذه العلاقة القوية بين تأثيرات العولمة والتقاليد المحلية التي أثرت في العلاقة بين جماليات التصميم والإسلام، كان من شأنها ابتكار عروض ثقافية وانتاجات فنية مجتمعية أثرت المحتويين المحلي والإسلامي، ويضم المعرض أعمال المصممين المحليين والدوليين من الناشئة والمعروفين، الذين يجسدون علاقة الإسلام بالتصميم من ناحية المعنى والناحية الجمالية في أعمالهم، فهم ينظرون إلى ما هو أبعد من الطقوس الدينية ويتعمقون في أصول الجمال والابتكار في تحدٍ مع أساسيات التصميم.

المأزق

يطرح هذا العمل التركيبي النظام القانوني للعقوبة في الإسلام وينظر إليه كمصدر للإلهام، فالقصاص في الإسلام هو موضع للجدل دوماً وما يطرحه هذا التركيب للمصممين عامر الدور وأمل حليق وجوزيف هندريكس، هو محاولة للنظر إلى أبعاد النظام الاجتماعي والاقتصادي المعقد الذي يوفر الحقوق بقدر ما يطالب بالمسؤوليات.

ويركز هذا العمل التركيبي على تلازم العوامل المادية والميتافيزيقية بين الجسد والنظام بالنظر إلى السرقة كموضوع محدد ودراسة موضوع بتر اليد من خلال تمثيل اليد الميكانيكية.

وبحسب القيمين، فإن «إسلاموبوليتان» يدرس ويعرض موضوعات شتى تتمحور حول أساليب العبادة وجماليات العمارة الإسلامية وسلوكيات المسلم ويجمعها في حوار واحد ضمن سياق منهجي بين المصممين وأعمالهم، والمعرض هو فرصة فريدة أيضاً لخلق علاقة بناءة بين الفرد والمؤسسة والابتكار والإنتاج، وذلك ضمن المعرض الذي أقيم في «مركز مرايا للفنون» في الشارقة، ويكمل مشواره إقليمياً ودولياً.

يبدأ المعرض من قسم الممارسة، ويمثل هذا القسم إعادة تفسير للعبادة، ويستكشف ممارسات العبادة المختلفة للمسلمين بتركيز خاص على أركان الإسلام الخمسة، إذ قام كل مصمم ببحث دقيق عن إحدى هذه الممارسات وأعاد تفسير خياره عبر مفهوم تصميم شامل قام العامل المعروض بإبرازه، وبعيداً عن أي مسمى ديني، تناقش هذه الأعمال في هذا القسم الحوار بين التصميم والإسلام، من وجهة نظر المصمم، بغض النظر عن الجنس والعرق والثقافة والمعتقدات الدينية.

وقدم المصممون أعمالاً متنوعة منها «ربع الحزب» للمصمم بنجامين تيستا من فرنسا، هذا العمل التركيبي يتمحور حول مربع قابل للدوران 45 درجة، إذ يمثل هذا العمل الطاقة في الصلاة، وكيف أن الملايين من المسلمين في مختلف أقطار العالم يتوجهون في صلاتهم نحو الكعبة في لحظة واحدة، بينما في اللحظة نفسها هناك الآلاف الذين يصلون حول الكعبة وبهذا فالحركة المزدوجة تصبح واحدة، وهذا العمل يتبع النمط الإسلامي «ربع الحزب».

استلهمت المصممة جمال طيارة، تصميم «حياكة من الجنة» وهو عبارة عن سجادة معلقة من الآيات القرآنية لوصف الحديقة كرمز للجنة، إذ نسجت المصممة خيوطها في صور من النباتات والحيوانات، وهي تحاكي على وجه الخصوص السجادة الفارسية الشهيرة المصنوعة في القرن الـ17 «فاجنر»، وتمثل احتفال الصفوي الفارسي لمفهوم الحديقة الغنية التي تحتوي على الزخارف وفي وسطها أشجار وزهور وحيوانات، إذ اعتمدت المصممة على الكمبيوتر لبعض أنماط التصميم الغرافيكي وتطريز سوزاني من وسط آسيا لخلق لغة النمط الجديد الذي يحتضن تاريخ الفن الإسلامي والفن والتصميم من خلال المفردات الثقافية البصرية المعاصرة.

أما محور البناء، فيشير إلى العمارة الإسلامية التي انتشرت في أنحاء العالم من خلال العديد من الحضارات وتركت تأثيرها البارز عبر القارات الست، ما جعل العمارة مجال دراسة لاستكشاف المزيد في هذا المعرض تحت عنوان أشمل «البناء».

ففي هذا القسم، استوحى المصممون إلهامهم من الروائع والتحف المعمارية الإسلامية ومواد البناء الأصلية ودرسوا الأشكال والأنماط التي طالما ارتبطت بالأساليب والتصاميم الإسلامية لتطوير أعمالهم، ويعرض كل تصميم في هذا القسم عنصراً من العمارة أو البناء من وجهة نظر مصممه، ويتم عرض مرجعيات عدة للأنماط الهندسية الإسلامية في أسلوب جديد من خلال التصاميم.

ويستعرض الفنان الإماراتي عمار العطار في عمله الفوتوغرافي «غرفة الصلاة» الموجودة في المنطقة وبغض النظر عن اختلاف مواقعها وما تقدمه هذه الغرف للمصلين لتأدية الصلوات الخمس، وتعكس هذه الصور الغرف كما هي من دون رتوش أو إضاءة، وهي إحدى سمات أعمال العطار التي اشتهرت بالصدق والموضوعية.

وتغلب على هذه الأماكن سمة التواضع والبساطة تماشياً مع تعاليم الإسلام التي من شأنها رفع درجات الصفاء والسكون الروحاني في غرف الصلاة، وتعكس هذه المساجد أيضاً النقيض من البذخ المعماري في بعض المناطق، إذ إن الأماكن تعبر عن الصلة بين العلاقة الخاصة بالخالق وعمومية المكان والتجربة.

أما المصمم عبدالعزيز الحربي، فقد استلهم تصميم هذا التركيب الضوئي من طواف الحجاج حول الكعبة في مكة المكرمة، فرمزية الحركة تمثل المساواة بين كل الأعراق في الحركة وهذه هي رسالة الإسلام الواضحة فالكل متحدٍ لعبادة إله واحد، ويتكون التركيب من سبع دوائر ضوء نيون أبيض مع خط ضوء واحد نيون اخضر يشع من أصغر دائرة إلى أكبرها ليمثل عملية الوصول إلى هدف واحد في الحج، وهو الإخلاص في عبادة الله عز وجل.

فيما المحور الثالث يتعلق بالآداب، إذ بنيت الأديان على معتقدات صلبة، وتعتبر مصدراً لتعليم الأخلاق والسلوكيات.

فقد قام مصممون بدراسة نظم وبيانات مختلفة من الإسلام، وعرضوا من خلال تصاميمهم النتائج التي توصلوا إليها، واستدرج المصممون خلال دراساتهم حقائق تعدت منظور الأخلاق، واستلهموا تصاميمهم من اسس كل من هذه الأنظمة والبيانات، إذ تفتح الأعمال المعروضة التي يتميز بعضها بالدراماتيكية من جانب والبعض الآخر بالجاذبية الجمالية.

واستوحى المصمم زارا حسين عمله «الخضوع» وهو عرض رقمي من الأشكال الهندسية الإسلامية التي تظهر في أعمال البلاط في المباني الإسلامية التقليدية، خصوصاً في المساجد التي تزدان بروحانية خالصة نابعة من التصاميم التجريدية، التي تسمح للمصلين بالانغماس في حديث عميق مع الخالق أثناء الصلاة بدون تشتيت الانتباه، التصاميم تلعب دور الوضوء البصري للمتعبد، إذ يطرح هذا العرض الرقمي محاولات لاستكشاف هذه العلاقة بين الروحانية وأماكن العبادة عن طريق نقطة تمركز واحدة.

تويتر