المأكولات أهم مفرداته اللافتة

«ثافسوث».. احتفال جزائري بالربيع

صورة

تحافظ الجزائر على عادات وتقاليد خاصة بفصل الربيع، من بينها طقس توارثه الأمازيغ، ويُطلقون على هذا الموسم «ثافسوث»، وهي كلمة أمازيغية تعني «الإوراق»، وفِعلها هو «ثَفْسَ»، أي أورق، دلالة على إوراق النباتات وتفتّح الأزهار وزهور الأشجار المُثمرة في الربيع.

ورغم أن الجزائريين يختلفون في الأطباق التي يعدونها في فترة الربيع، إلا أن أكلة «البراج» أو «المبرجة»، تعد طبقاً رئيساً في الجزائر في فصل الربيع، وهي خبز بمعجون التمر، أو ما يسمى شعبياً «الغرس».

الربيع الأوراسي

تحتفل بلدية منعة في ولاية باتنة بعيد «الربيع الأوراسي»، أو كما يطلق عليه «ثافسوث»، وهو من الطقوس والعادات والتقاليد المميزة ابتهاجاً بقدوم فصل الربيع، خلال أشهر مارس وأبريل ومايو.

ويعد الطقس مناسبة للفرح والاستبشار بقدوم موسم زراعي مثمر. ورغب أهالي المنطقة التراثية في السنوات الماضية في إعادة الاهتمام بطقوس الربيع التي يُحتفل بها في عموم مناطق الجزائر. ويسعى الأهالي إلى تعزيز مكانة الاحتفالات لتسجل في قائمة التراث غير المادي في «اليونسكو». ويبرز في الطقوس الاحتفالية عدد من الأطعمة والحلويات التقليدية.

وسميت المبرجة بهذا الاسم، لأنها تُطبخ في شكل دائري، ثم «تُبرّج» إلى «أبراج» صغيرة (قطع صغيرة). وبصفة عامة، تحرص العائلات في عموم الجزائر على الخروج إلى الغابات والمروج للتمتع بخضرة الطبيعة وزهورها، وهناك يتناولون «البراج» باللبن، إضافة إلى ما يعدّونه من أطباق، كما تصطحب العائلات أطفالها ليلهوا ويلعبوا ويتعرّفوا إلى الطبيعة أكثر.

لكن احتفالات الربيع لدى سكان منطقة القبائل «الأمازيغ» والعاصمة، تتميز بطبق «تاقفلت»، وهو كسكسي (أكلة شعبية تشتهر بها دول المغرب العربي) بالخضر الطازجة، وأيضاً أكلة «تِكربابين» أو «العصبان» المصنوعة من الدقيق المعطر بالنعناع واللحم، وتطبخ في المرق على شكل كريات صغيرة.

وتعود الاحتفالات في منطقة القبائل الأمازيغية، والجزائر كلها، إلى أيام أجداد الأمازيغ، الذين كانوا يحتفلون بقدوم خيرات هذا الفصل الذي يلي فصل الغيث الكثير وهو فصل الشتاء، وقد أفرد الأمازيغ في الجزائر احتفالات أيضاً لهذا الفصل تُسمى «عيد الشتاء». أما في شرق البلاد فتحضر العائلات طبق «الرفيس»، وهو دقيق مُحلّى يُتناول مخلوطاً باللبن، و«الفطائر التونسية» التي عادة ما تؤكل بالشاي أو بالحليب. وتصنع الأمهات لأبنائهن كِسرة صغيرة من الخبز تُسمّى «القُرصة»، وهي قرص مدهون بصفار البيض ومعه بيض مسلوق. وتشتهر محافظة برج بوعريريج (300 كيلومتر شرق العاصمة) باحتفالات تسمى «شاو الربيع»، وهي أمازيغية تعني «مطلع الربيع»، تخرج فيه العائلات بكثافة شديدة إلى المروج المحيطة بالمدينة، وتتناول هناك «المبرّجة» وأطباقاً تقليدية يتقدّمها «الرّفيس» باللبن. وفي مدينة أم البواقي (500 كيلومتر شرق العاصمة) تحرص العائلات على حلق شعور أطفالها من الذكور. ويتداول سكان الشرق الجزائري أقوالاً شعبية ورثوها عن أجدادهم، تتيمّن بالفصل، وتدعو إلى الكدّ فيه ونبذ الكسل، حتى يكون الحصاد وفيراً في قابل الفصول، ومن بين أهم الأقوال الشعبية «إذا روات في مغرس (شهر مارس) هيئ الخيل على ماه تدرس»، بمعنى «إذا ارتوت الأرض في شهر مارس فهيئ الخيل لموسم العمل». وقول آخر «وإذا روات في أبرير (أبريل) هيئ المطامر فاه وهي تدير»، أي «إذا ارتوت الأرض في شهر أبريل، فافتح المطامر لتضع فيها الغلة المُنتظرة في الصيف»، وقول «وإذا روات في مايو هزّوا المناجل وهياوا»، بمعنى «إذا ارتوت الأرض في شهر مايو، فاحملوا المناجل وهيا إلى الحصاد، لأن فصل الصيف سيكون وفير الخير»، واقتصرت هذا الأمثلة على شهور الربيع الثلاث، وهي مارس وأبريل ومايو. وتحرص مناطق في الشرق الجزائري، مثل مدينة باتنة، على إقامة مهرجانات شعبية بالدفّ والناي والخيل، ويرقص الجميع احتفاء بهذا الفصل. وفي محافظة وهران وعموم الغرب الجزائري تطهو العائلات أكلة «المبرّجة» والكسكسي بالخضر الطازجة، وتشترك في هذا مع عموم الجزائريين. وقالت حبيبة براهيمي، وهي ربة منزل، من شرق الجزائر، إن «الاحتفال بالربيع عادة ورثتها عن أمها». وتابعت «لم أسأل يوما أمي عن أصول هذه العادة، فما يهمنا هو أن نفرح بفصل بهيج يلي فصل الأمطار، ونحضّر في هذا الفصل البراج لنا ولأطفالنا، ونصنع لهم القُرصة وندهنها بصفار البيض وننقشها بأشكال مختلفة ليستمتعوا بأكلها».

تويتر