معرض لفنان إيراني في «غرين آرت غاليري» بدبي

كامروز آرام.. زهور تجريدية مستمدة من السجاد

صورة

يقدم الفنان الإيراني كامروز آرام رؤية بصرية خاصة في التجريد، تجمع بين الأشكال والرموز المنطلقة من الفن التصويري المستمد من رسومات السجاد الإيرانية. لوحات مملوءة بالورود والألوان، وتنتشر عليها المساحات السوداء والبيضاء، في سياق لوني تجريدي الحركة. هذا المعرض الذي افتتح أخيراً في غرين آرت غاليري، تحت عنوان «لوحات غير مستقرة لتصميم داخلي قلق»، هو المعرض الفردي للأول للفنان الشاب، وبالتالي يبرز رؤية بصرية خاصة قابلة للتطوير لتأخذ شكلها النهائي في مراحل لاحقة من حياته الفنية.

تبعث لوحات آرام المتعددة الوسائط، التي تجمع بين الألوان الزيتية والباستيل، على الفرح، وكأنها عودة إلى الطبيعة واكتشاف حالاتها المتنوعة، حيث يشوبها السواد أحياناً، بينما تبدو رمادية طوراً، ثم لا تلبث أن تصبح ناصعة البياض والنقاء في أحيان أخرى. هذا التأرجح في المشاهد التي يقدمها وقوامه اللون، هو تبدل في الحالات البشرية والحياتية، هو التبدل في المحيط الاجتماعي، وربما السياسي، فالطبيعة ليست الا الممر الذي يعبر من خلاله الفنان عن القضايا التي تشغله، والتي تحيط به.

ينثر آرام الطبيعة على الكانفاس في معرضه الذي يستمر حتى الثالث من مايو، فتحتل الزهور المساحات المشعة، ثم يتوسع في زخرفة اللوحة، كي يقدمها في إطار معاصر وجديد. يجمع بين التركيب الهندسي والتجريد والتصوير، فنجد المثلثات، والمساحات البيضاء أو السوداء، وكذلك الورود المنمقة وكأنها خرجت من لوحة كلاسيكية. تأخذنا بعض المثلثات وكذلك الورود إلى الأنماط والأشكال الفنية التي وجدت في الفنون المستمدة من الزخارف الإسلامية، الأمر الذي يجرد اللوحة من الزمن، فهي معاصرة وتاريخية في آن.

تحمل الكثير من اللوحات سمة الكشط أو التقشير، وهذه العملية تعد أساسية لإعادة البناء والتأسيس، ويستخدمها الفنان الإيراني في إطار ممنهج ليقوم بعملية إعادة بناء اللوحة، ووفق خطة بنّاءة في الهدم والتركيب من جديد. نشعر في بعض اللوحات كأن هناك حالة من الفوضى أو الخراب، بينما تبدو أخرى أكثر هدوءاً، ويشكل الصور الواقعية بأسلوب يمنحها أبعاداً جمالية وخيالية. أما التقنية الخاصة به في البناء والهدم، فتقوم على البدء بالعمل على اللوحة كقطعة سجاد، فيشكل الورود عليها، ويرسمها بألوان زاهية بعيدة عن الألوان المستخدمة في السجاد، ثم يبدأ بوضع الطبقات اللونية التي يكشطها، يزيل بعضها، يترك جزءاً منها أكثر كثافة من الآخر في محاولة لإبراز العملية التكوينية للعمل الفني، وكذلك طرح العلاقة بين اللوحة والزمن. يبدو اللون كأنه يحاور الزمن، فاللوحة موضوعة أمام اختبار الوقت، عرضة للتبدل والتغير، وهكذا تبرز مسألة عدم الاستقرار التي يطرحها الفنان في عنوانه. هذا الفن الممنهج الخطوات في الهدم والبناء لا ينسلخ عن التاريخ، حيث يعتمد آرام على الأشكال والرسومات التي تستخدم على السجاد، فنجده يضعها بالألوان الزيتية، بأشكال سائدة في حرفة حياكة السجاد في ايران. أما ألوانه فهي زاهية في أغلبها، تدعو إلى الفرح، يبعدها عن الغضب والحزن، وإن قطعها السواد في أعمال أخرى، إذ يتجلى الامل من الخيط الأبيض الفاصل بين الألوان والسواد.

يضعنا أسلوب آرام أمام طرح جديد للطبيعة الخارجية، فيجعل المتلقي يطرح على نفسه أسئلة عديدة تنطلق في البداية من المشهد وحقيقته، وفيما إذا كان مشهداً طبيعياً أم أنه قطعة من القماش المطرز؟ ثم ينقلنا بعد ذلك إلى مسألة الخربشات على الجدران، فهذه الألوان السوداء أو البيضاء وحتى الرمادية التي تأتي فوق الزهور، تشبه الطلاء الذي يوضع فوق الكتابات على الجدران لمحوها، لذا يقودنا إلى التفكير في اللوحة على أنها تحمل دلالات التستر أو الاخفاء، فتصبح أكثر محاكاة للمظاهر الاجتماعية من جهة، وكذلك للوحات الجاهزة التي تقدم ضمن فئة التصاميم الجاهزة من جهة أخرى.

إن آرام شديد الحرص على إبراز انخراط التجريد في اللغة المعاصرة عبر مفردات بصرية خاصة به، تأتي من التاريخ، فهو شديد الاهتمام بهذه الزاوية، وبدا ذلك في عمله الذي فاز من خلاله بجائزة أبراج للفنون خلال هذا العام، الذي اعتمد على الاثريات والفخار، كما أنه يسعى الى تأكيد مدى الربط بين عملية إنتاج اللوحة والدلالة أو المعنى الذي تؤديه، فالخطوات التي تنتج من خلالها اللوحة مهمة بالنسبة إليه، ويجعلها أساسية في ايصال القصد والمعنى، لذا نجده حريصاً على جعل خطوات إنجاز اللوحة بارزة للمتلقي، بينما في الأخير تبقى حدوده التجريدية في اللوحة محسوبة، قائمة على البناء الذي يجعلها وثيقة الصلة بعمره والمرحلة الفنية التي يعاصرها.

جائزة أبراج

فاز آرام بجائزة أبراج للفنون التي يعلن عنها في آرت دبي خلال هذا العام. وحمل عمله عنوان «الماضي يعني الحاضر: مجموعة من الأغراض غير المؤكدة، الجزء الأول». استحضر آرام المشاهد التي نراها في المتاحف من خلال العمل. وحاول الفنان أن يلعب على وتر الجذور والأصل، حيث انه غالباً ما يتم ربط هذه المشاهد الأثرية بأفكار الجذور والماضي، وبأنه زمن القيم الجميلة.

سيرة ذاتية

ولد الفنان كامروز آرام عام 1978 في شيراز في إيران، وقد انهى دراسته العليا في الفنون عام 2003، وهو يعيش ويعمل حالياً في نيويورك. قدم مجموعة من المعارض الجماعية في شيكاغو، ونيويورك، كما أنه شارك في مجموعة من المعارض الكبرى والبيناليات، ومن بينها بوسان بينالي، وبينالي براغ، إلى جانب جائزة أبراج للفنون، حصل آرام على جائزة من المؤسسة الفنية في نيويورك عام 2004.

كتاب

يقدم الغاليري كتاباً للفنان كامروز برام عن مسيرته الفنية، وهو كتاب مؤلف من 80 صفحة، ويقدم مجموعة من الرسومات الفنية. وقد تم نشر الكتاب بالتعاون بين غرين آرت غاليري ومجموعة أنوميا للنشر في لندن، بالتعاون مع إيفا دياز، وميديا فارزان ومورتزا فالي.

تويتر