فتى وفتاة فلسطينيان بأطراف اصطناعية وصلا إلى قمة «كلمنغارو»

إبراهيم نصرالله: صعدنا إلى الأمل

صورة

تكللت رحلة «الصعود من أجل الأمل» بالنجاح، وتمكن المشاركون من الوصول إلى قمة جبل كلمنغارو في تنزانيا. ووصل فتى وفتاة فلسطينيان يسيران بأطراف اصطناعية إلى قمة الجبل، وهما معتصم أبوكرش، الذي فقد ساقه وجزءاً من يده بسبب قنبلة القتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على بيت أهله، وياسمين النجار التي فقدت ساقها إثر اعتداء للاحتلال. كما حققت الرحلة هدفها المتمثل في جمع تبرعات لأطفال عرب مصابين خلال المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي أو أثناء الحروب والثورات. ورفع المشاركون علم فلسطين في أعلى قمة الجبل التي يبلغ ارتفاعها 6000 متر، وتعد رابع أعلى قمة في العالم.

وقال الشاعر والروائي الفلسطيني إبراهيم نصرالله الذي قاد الرحلة في منتصف شهر يناير الماضي، لـ«الإمارات اليوم» عن تجربة الصعود الى أعلى قمة في إفريقيا «صعدنا إلى الأمل، لدعم جمعية إغاثة أطفال فلسطين في رحلة كبيرة وشاقة، حقق فيها الفتى معتصم أبوكرش من غزة، الذي فقد ساقه وجزءاً من يده بسبب قنبلة إسرائيلية، وياسمين النجار من نابلس، التي فقدت ساقها أيضاً، معجزة حقيقية بوصولهما القمة».

سيرة بـ 3 خطوط

يشارك الشاعر والروائي إبراهيم نصرالله الذي قاد رحلة «الصعود من أجل الأمل» في الدورة السادسة لمهرجان طيران الإمارات للآداب، في دبي، في الفترة من الرابع حتى الثامن من مارس المقبل. ويرى أن على المبدع أن يشتبك مع الحياة، ومع أحداثها القاسية، إذ لا يؤمن بانفصال الكتابة عن «اللحظات الساخنة».

إبراهيم نصرالله، شاعر وروائي وفنان، يعد من أبرز الأدباء العرب، تم تهجير أهله من قرية البريج في فلسطين عام 1948.

سيرته بثلاثة خطوط، الشعر والرواية والفن، إذ صدر له أكثر من 17 مجموعة شعرية، من بينها «الخيول على مشارف المدينة» عام 1980، «أناشيد الصباح» 1984، «الفتى والنهر والجنرال» 1987، و«على خيط نور.. هنا بين ليلين» 2012. ونشرت قصائد له في لغات عدة، من بينها الإنجليزية، الإسبانية، الفرنسية، الإيطالية، الروسية، البولندية، التركية، السويدية، والألمانية. وفي الرواية أصدر 18 عملاً، ترجم عدد منها إلى لغات عدة. وفي الفن أقام أربعة معارض فوتوغرافية، وشارك في معرض مشترك بعنوان «كتّاب يرسمون». وحاز إبراهيم نصرالله جوائز، أبرزها جائزة القدس للثقافة والإبداع، وجائزة سلطان العويس للشعر العربي، وجائزة تيسير سبول للرواية، وجائزة عرار للشعر، وجائزة رابطة الكتاب الأردنيين.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/02/90888.jpg

إبراهيم نصرالله. أرشيفية


«شيطان البرد»

جبل كالامنغارو في تنزانيا، يعد أعلى قمة في قارة إفريقيا، والرابعة في العالم. ويتكون اسم الجبل من مقطعين في اللغة السواحيلية، ومعناه «شيطان البرد». وتشكل الجبل من مخاريط بركانية، هي كيبو (أعلى القمم) وماوينسي وشيرا. تبلغ أعلى قمة 5895 متراً عن سطح البحر. ويعد جبل كالامنغارو أقرب نقطة تغطيها الثلوج بالقرب من خط الاستواء. ويحتوي الجبل على محميات وحدائق، من بينها متنزه كالامنغارو المسجل في قائمة مواقع التراث العالمي في اليونيسكو.

دبي ــ الإمارات اليوم

وكشف عن مشروعين جديدين مرتبطين بالرحلة، يتمثلان في رواية عن التجربة وفيلم يوثق الرحلة. ووصف الرحلة بأنها حافلة بالمعاني الإنسانية والوطنية والمعرفية واختبار الإرادة والحياة، مبيناً أن «صعود الأمل» تضمن رسالة واضحة حول إرادة الشعب الفلسطيني وقوته في ابتكار الحياة وتحديه لكل صنوف الموت.

وجاءت الرحلة التي استمرت ثمانية أيام، مبادرة لجمع تبرعات لجمعية إغاثة أطفال فلسطين، عن طريق التبرع الإلكتروني، دعماً للأطفال العرب من المصابين والمرضى، لتعالجهم الجمعية، التي أسهمت في علاج آلاف من أطفال فلسطين وسورية والعراق. وشارك في «صعود الأمل» متطوعون من العالم، تحت اشراف صاحبة المبادرة البطلة الفلسطينية سوزان الهوبي، أول امرأة عربية تصل إلى قمة إيفرست.

وكتب نصرالله مقالاً بعد عودته إلى العاصمة الأردنية عمان، تناول فيه دلالات النصر الذي حققه المشاركون، خصوصاً الفتي والفتاة الفلسطينيين المصابين، إذ كان التحدي كبيراً، لكن الإرادة كانت أكبر وأقوى. وقال في مقاله: «رحلتي، التي قمت بها نهايات الشهر الماضي، إلى قمة كلمنغارو، كانت واحدة من رحلات العمر الكبرى، على صعيد المسافة التي قطعناها مع رفاق ورفيقات الرحلة، صعوداً وهبوطاً، وعلى الصعيد الإنساني والكثافة التي لمستها بالقلب والعقل على مدى ثمانية أيام، خمسة للصعود وثلاثة للهبوط». وأضاف في المقال الذي نشرته مجلة «روز» في دبي: «أعترف بأنني توقعت، بناءً على أحاديث متفرقة مع من نظموا الرحلة، أن الطرق ستكون أسهل، لكنني فوجئت هناك بجبال لها شكل حائط، وصخور وممرات ضيقة وجداول مياه، وداهمنا ثلج في الطريق ومطر ورياح، وأن الخيام الصغيرة التي ننام فيها فوق التلال يعصف بها صقيع حاد طوال الليل، يترك الأرض حولها بيضاء».

ووصف صاحب رواية «شرفة الهاوية» التي جاءت ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، في دورتها الجديدة، رحلة «الصعود من أجل الأمل» بأنها «استثنائية»، مضيفاً «أجمل ما فيها أنني رأيت، بأم عيني، معجزة فلسطينية رائعة تتحقق»، مشيراً إلى صعوبة الرحلة من جهة، وقوة الإرادة في تحقيق الهدف من جهة ثانية، «اكتشفت كيف يمكن للمرء أن يعيش أربعة فصول في يوم واحد، وطبيعة جغرافية تبدأ بغابة خضراء وطيور وتنتهي بمرتفعات وسهول من الحجارة السوداء والصمت، وكيف يمتزج المرء بالمكان ناسياً كل شيء خلفه».

وحول الكتابة والمشاركة في مغامرة صعود «كلمنغارو» ، قال صاحب «حطب أخضر» حول تفاعل المبدع: «أعتقد أن هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الكاتب أخلاقياً واجتماعياً وسياسياً وفكرياً، وإذا قام بفك هذا الارتباط بين كلماته واللحظة الساخنة التي يعيشها مجتمعه، فإنه يفقد الكثير من معنى وجوده ككاتب، إذ تتحول الكتابة بهذا إلى حرفة»، مضيفاً في حوار نشره موقع «الجزيرة» الإلكتروني أن «الهدف النبيل للرحلة هو المساعدة من جمع التبرعات لجمعية إغاثة أطفال فلسطين التي أسسها الصحافي ستيف سوسبي أيام الانتفاضة الأولى، وقد كان أحد المشاركين في الرحلة». وتابع «لقد عانينا في طريقنا سقوط الثلوج والأمطار وحرارة الشمس أيضا، كذلك عانينا بعض المواقع التي كانت درجة انحدارها 90 درجة أحيانا، وكذلك من الصخور في الوديان والمرتفعات، وفي اليوم الأخير سرنا ما يقرب من 17 ساعة من الرابعة صباحاً حتى التاسعة مساءً صعوداً إلى القمة ونزولاً».

تكريم فلسطيني

كرّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المشاركين الفلسطينيين في حملة «الصعود من أجل الأمل» التي نظمتها جمعية إغاثة اطفال فلسطين. واستقبل بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، معتصم أبوكرش (16 عاماً)، وياسمين النجار (17 عاماً)، من المشاركين في الرحلة، الذين رفعوا علم فلسطين فوق قمة جبل كلمنغارو في تنزانيا.

وقالت ياسمين لوكالة «وفا» الفلسطينية إن الحملة كانت لمساعدة اطفال فلسطين وعرب وتحقيق آمالهم، «تهدف أيضاً إلى جمع التبرعات لمساعدة الاطفال الذين بحاجة للعلاج، بغض النظر عن الجنس او الدين أو اللون».

وقال معتصم، إن هذه الحملة كانت بإدارة جمعية إغاثة أطفال فلسطين التي يترأسها ستيف سوسبي، بالتعاون مع مؤسسة رحالة، وبمشاركة المتسلقة الفلسطينية العالمية سوزان الهوبي. وأضاف «هذه أول مرة يصل أطفال عرب وفلسطينيون إلى قمة جبل كلمنغارو، خصوصاً أننا نعاني بتراً في القدم ونسير على أطراف اصطناعية».

تويتر