90 مليار درهم قيمة المساعدات التنموية والإنسانية من الإمارات
زايد الخير.. بصمات على درب العطــاء العالمي
أعلنت وزارة التنمية والتعاون الدولي أن قيمة المساعدات التنموية والإنسانية التي تم توجيهها من الإمارات خلال الفترة من العام 1971 حتى عام 2004 بلغت نحو 5.90 مليارات درهم، فيما تخطى عدد الدول التي استفادت من المساعدات والمعونات الإنمائية والإنسانية والخيرية التي قدمتها الإمارات حاجز الــ117 دولة تنتمي لأقاليم العالم وقاراته. وذكرت الوزارة في تقرير اصدرته أمس، لمناسبة يوم العمل الإنساني وذكرى رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي يصادف اليوم، إن الأرقام تشير بجلاء لمواقف الشيخ زايد الساطعة وتوجيهاته السامية وحسه الإنساني.
وأضافت الوزارة في تقديمها للتقرير أن يوم 19 من شهر رمضان المبارك يصادف ذكرى رحيل المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة وربان سفينة العطاء، رحمه الله وطيب ثراه، إذ كان يوم وفاته دافعاً لاعتباره يوم العطاء الإنساني الإماراتي بموجب قرار مجلس الوزراء، فقد كان العطاء رسالته ودربه وسار على هديه خير خلف لخير سلف، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أصحاب السمو حكام الإمارات وكل المواطنين والمقيمين على ارض دولة مكنها الله بقيادتها وفكر مؤسسها من أن تحتل مكانة متقدمة ومرتبة السبق على درب أكثر دول العالم عطاء.
ويضيف التقرير أن التاريخ شاهد على مواقف الشيخ زايد الذي وجه بتأسيس «صندوق أبوظبي للتنمية» عام 1971، وهي الفترة ذاتها التي كانت تتزاحم مع أعباء وفكر مثقل بتأسيس اتحاد الإمارات المبارك فأولوية العطاء كانت السباقة في فكره والمتأصلة في ذاته كأولوية راسخة، وكأنه أراد أن يعلنها صريحة كرسالة للعالم اجمع بأن اتحاد الإمارات أسس على العطاء الإنساني وان ذلك الاتحاد الذي جمع سبع إمارات تحت مظلة واحدة عنوانه التعاون والاندماج لما فيه مصلحة شعوب ودول العالم ودويلاته بعدت أو قربت شرقت أو غربت.
ويشير التقرير الى أنه أعقب تأسيس صندوق أبوظبي للتنمية مبادرات عديدة وجه بها الشيخ هدفت لمأسسة قطاع المساعدات الخارجية للارتقاء بالجدوى وتعزيز المسؤولية وتصويب مسيرة العطاء لتنطلق من الإمارات اليوم أكثر من 40 جهة مانحة ومؤسسة إنسانية وخيرية لتغطي مساعدتها دول العالم كافة والشعوب المحتاجة والمتأثرة.
وأكدت الوزارة في تقريرها أن حصول الإمارات على المرتبة 16 كأكثر الدول عطاءً على مستوى العالم خلال عام 2012 رغم حداثة تأسيس الدولة واتحادها المبارك، هو اعتراف من العالم بأسره بصدق مسيرة العطاء وترسخ قيم البذل في ذاته ونفسه الطيبة ونجدة المحتاجين وتطوير قدرات الدول والشعوب، رحمه الله وغفر له.
وتناول التقرير محاور اساسية تلقي الضوء على النهج الذي اتبعه المغفور له الشيخ زايد في مجال العمل الانساني، إذ تميزت حقبة الثمانينات بتأسيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في عام 1983 لتكون ذراع الدولة لتقديم المساعدات الإغاثية فقد عملت الهيئة على تقديم المساعدات في عدد كبير من الدول المتضررة من حالات طوارئ حسب توجيهاته طيب الله ثراه، كما قامت بتلبية النداءات الدولية التي تصدر عن المنظمات الدولية.
وأخذ المشهد الإنساني والتنموي يتطور وذلك بتأسيس عدد كبير من الجهات المانحة والمؤسسات الخيرية الإماراتية ومنها مؤسسة رائدة كـ«مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية» وغيرها من المؤسسات الأخرى حتى بلغ عدد تلك المؤسسات أكثر من 40 مؤسسة مانحة تعمل على تقديم المساعدات الخارجية، بالإضافة للمؤسسات الخيرية العاملة داخل الدولة والتي تقدم المساعدات لأبناء الجاليات.
وساهمت هذه الجهات المانحة والمؤسسات الإنسانية والخيرية بتقديم مساعدات إنسانية وتنموية وخيرية لمختلف دول العالم وبدأت المؤسسات تنتقل إلى مرحلة من التخصص في عملها، سارت جميع هذه المؤسسات على الأسس التي وضعها مؤسس الدولة لتكون اليوم دولة الإمارات إحدى أهم الجهات المانحة على الساحة الدولية.
وتشير الأرقام إلى أن إجمالي إسهامات المؤسسات المانحة بالدولة خلال الفترة الممتدة من عام 1971 حتى عام 2004 تخطت حاجز 90.4 مليار درهم لتشكل المساعدات الحكومية النسبة الأكبر بما يربو فوق الـ73 مليار درهم إماراتي، تليها إسهامات صندوق أبوظبي للتنمية وهو الصندوق المعني بتقديم القروض للدول النامية بالإضافة لإدارة المنح بالإنابة عن الحكومة لتصل إلى 15.3 مليار درهم ثم مساهمات الهلال الأحمر الإماراتي بنحو 1.3 مليار درهم خلال الفترة المذكورة ثم تأتي مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية بأكثر من 450 مليون درهم ثم «هيئة آل مكتوم الخيرية» بنحو 295.3 مليون درهم ليليها في الترتيب مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية ثم مؤسسات خيرية اخرى.
وتشير الأرقام لتصدر المساعدات التنموية المقدمة من الإمارات من الفترة 1971 - 2004 قائمة فئات المساعدات الإماراتية، إذ بلغت المساعدات التنموية أكثر من 89 مليار درهم إماراتي تليها المساعدات الإنسانية بنحو 1.1 مليار درهم ثم المساعدات الخيرية بنحو 267 مليون درهم.
وقد انصبت اغلب المساعدات التنموية على تطوير مشروعات البنية التحتية في الدول المستهدفة بتلك المساعدات كإنشاء المدن السكنية وإقامة السدود وتطوير القطاع الصحي وإنشاء المدارس ودعم القطاع الزراعي وتطوير القدرات القطاعية التنموية الأخرى، ما كان بالغ الأثر في دعم الخطط والاستراتيجيات التنموية لتلك الدول ووفر الحياة الكريمة لشعوبها.
ويؤكد التقرير انه كان للمشروعات التي تم تمويلها وفقاً لتوجيهات الشيخ زايد رحمه الله، بالغ الأثر في تحسين مستويات المعيشة في الدول المستهدفة من خلال مشروعات إنمائية منتقاة فضلاً على فتح وتدشين جسور من العون والإغاثة لتقديم العون والمساعدة العاجلة للمتأثرين من الأزمات الإنسانية كالكوارث والزلازل والبراكين والمجاعات، لافتا الى بعض المشروعات على سبيل المثال لا الحصر والتي منها قناة الشيخ زايد في مصر، حيث اكتملت الأعمال الإنشائية في مشروع قناة الشيخ زايد لنقل مياه النيل إلى الأراضي الصحراوية في منطقة توشكي والساحل الشمالي في الإسكندرية بجمهورية مصر العربية الشقيقة لتحويلها إلى أراضٍ زراعية ومشروعات للإنتاج الحيواني لتضيف بذلك 540 ألف فدان للرقعة الزراعية في مصر.
ويتضمن المشروع إنشاء ترعة الفرع رقم 3 وذلك لري نحو 100 ألف فدان كجزء من منظومة الري المتكاملة لتنمية جنوب الوادي التي ينتظر أن تروى نحو نصف مليون فدان ويبلغ طول ترعة الفرع رقم «3» 24 كيلومتراً وبعرض ستة إلى ثمانية أمتار وتحتوي على أربعة بوابات وسبعة جسور لتصريف نحو 50 متراً مكعباً/الثانية، وتم تبطين الترعة بالكامل بالخرسانة المسلحة لمنع تسرب المياه وضمان استمرارية عملها لمدة طويلة بكفاءة عالية كما تضمن المشروع طريق خدمة ترابياً بطول الترعة.
وتعتبر مدينة الشيخ زايد المصرية مدينة جديدة من مدن الجيل الثاني حيث تم إنشاؤها عام 1995 بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية - منحة الشيخ زايد - وهي إحدى مدن محافظة الجيزة، كما تعتبر ضاحية من ضواحي القاهرة الكبرى وامتداداً طبيعياً لها، وهي مدينة كاملة من جميع الخدمات والمرافق ففيها مستشفيات ومدارس لجميع المراحل وبها كهرباء ومياه نقية ومساحات خضراء كبيرة تبلغ مساحتها 40% من مساحاتها فتجعل للمدينة رونقاً خاصاً يجذب كل من يلقي بالا عليها.
وفي المملكة المغربية قام في 18 فبراير 2003 الملك محمد السادس بوضع حجر الأساس لمشروع «ميناء طنجة» بحضور سمو الشيخ سعيد بن زايد آل نهيان، ممثل حاكم أبوظبي وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية والشخصيات الدبلوماسية. وساهم صندوق أبوظبى للتنمية في تمويل المشروع بمبلغ 300 مليون دولار ويتكون المشروع من بناء ميناء بالمياه العميقة على بعد 35 كيلومترا شرق مدينة طنجة ويحتوي على ممر دخول بعرض 300 متر وعمق 16 متراً، بالإضافة لبناء حاجز رئيس وآخر ثانوي ورصيف بطول 1100 متر وعمق 15 مترا للحاويات ورصيف للحبوب بطول 500 متر وعمق 15 مترا، ورصيف للبضائع المختلفة بطول 450 مترا وعمق 12 مترا، ومحطتين للمسافرين بطول 200 متر وعمق 12 مترا بالإضافة لمحطة خاصة لحاملات النفط وحوض خاص للسفن الخاصة بالخدمات والصيد البحري مع توفير جميع التجهيزات اللازمة لإدارة الميناء.
كما اقيم في المغرب مستشفى الشيخ زايد، الذي يضم 300 سرير ويعمل 24 ساعة دون انقطاع، ويعتمد في الأساس على تقنياته العالية في سرعة انجاز العمليات الجراحية والمعالجة حيث يستقبل اكبر عدد من المرضى.. ويقود فريق من 18 أستاذاً مختصاً نحو 217 طبيباً وممرضاً ورغم انه لا يعمل حاليا بطاقته الكاملة، فقد استطاع ان يجري أكثر من 48 عملية جراحة في اليوم حيث تتوافر فيه 12 غرفة عمليات مجهزة بأحدث المعدات الجراحية ومركز خاص للإنعاش )العناية المركزة)، ويضم 25 سريراً.
وفي باكستان اقيم سد تربيلا الذي يقع في المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية وشيد السد على احد أهم الأنهار وهو نهر السند على بعد 103 كيلومترات من روالبندي واكتمل بناء السد عام 1976 بتكلفة 18.5 مليار روبية باكستانية ويعد في ذات الوقت اكبر محطة توليد الكهرباء في باكستان. وفي عام 1981 قدمت الإمارات ما يقارب 66 مليون درهم إماراتي لإصلاح وإعادة تأهيل سد تربيلا كما يشمل الإعمال الجوفية والخدمات الهندسية والإشراف.
وفي اليمن خصصت في ابريل 1982 دولة الإمارات العربية المتحدة ثلاثة ملايين دولار أميركي بشكل عاجل لمساعدة المنكوبين الذين تضرروا من الفيضانات في اليمن، بيد أن الشيخ زايد رحمه الله، أدرك أن المساعدة على المدى القصير لا تحل المشكلة فتبرع شخصياً في وقت لاحق من شهر ابريل نفسه بالأموال اللازمة لإعادة بناء سد مأرب، وبذلك وضع حلاً نهائياً للمشكلة الأساسية.
وفي عام 1984 قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة أموالاً إضافية لمواصلة العمل في بناء السد، وفي الثاني أكتوبر من العام نفسه وضع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد حجر الأساس لمشروع ينهي الدمار الذي تسببه الفيضانات ويجدد خصوبة آلاف الهكتارات من الأرض الصالحة للزراعة مستقبلاً، وبعد عامين قام الشيخ زايد بافتتاح سد مأرب الذي انتهى العمل فيه قبل التوقيت المقرر له وهو السد الذي امتدت فوائده إلى جزء كبير من اليمن.
وفي السودان اقيم مصنع غزل القطن بمنطقة الحاج عبدالله في وسط السودان، بطاقة إنتاجية قدرها 7700 طن سنويا من الغزل السميك، بالإضافة إلى 2650 طناً سنوياً من الغزل الرفيع، ويشتمل المصنع على معدات الغزل الممشط والمعدات.
كما تم مد خطوط سكك حديدية مجموع أطوالها يصل إلى 500 كلم، بالإضافة إلى صيانة الخطوط السابقة وتوفير عدد من القاطرات والعربات والورش وأماكن التدريب والمساعدة الفنية وزيادة أجهزة الإنارة، اضافة الى إنشاء مدرج في مطار الخرطوم بطول 3700 متر وتوابعه وكذلك مباني العمليات (الركاب والبضائع والخدمات ولوازمها)، بالإضافة إلى عدد من الأجهزة ومعدات الصيانة والإطفاء والإنقاذ والإدارة وغيرها.. كما تم رصف طريق يربط بين الخرطوم وبورتسودان بطول 675 كيلومتراً وهو طريق حيوي للتصدير والاستيراد.
وتتصدر جمهورية مصر العربية الاهتمام الاكبر والقسط الأوفر من إجمالي المساعدات المقدمة بنحو 15.9 مليار درهم وذلك خلال الفترة من 1971 حتى 2004 بالنظر لتزايد اعدد السكان وتزايد أعباء التنمية حيث وجهت في مشروعات تنموية تخدم خطط التنمية في تلك الدولة الشقيقة.. كما تشير الإحصاءات لتزايد حجم المساعدات التي أمر بتوجيهها الشيخ زايد رحمه الله، إلى مصر في اعقاب حرب أكتوبر 1973، وذلك لمساندة الاقتصاد المصري في تلك الفترة العصيبة.
كما بلغت حجم المساعدات التنموية التي وجهت للجمهورية العربية السورية الشقيقة بما يوازي أكثر من 11 مليار درهم زهاء الفترة من 1971 حتى العام 2004 والمغرب بنحو 6.6 مليارات درهم والأردن بنحو 6.5 مليارات درهم.
ولم تكن القضية الفلسطينية كقضية قومية عربية في المقام الأول بعيدة عن اهتمام ودعم الشيخ زايد رحمه الله، إذ بلغت قيمة المساعدات المقدمة لفلسطين خلال تلك الفترة ما يقارب 3.7 مليار درهم وجههت في معظمها لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني الشقيق في محنته جراء الاحتلال الإسرائيلي، كتوفير الدعم للاجئين وتشييد المدن السكنية وانشاء البنية التحتية وغيرها من أوجه الدعم.
وأكدت الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي، أن الشيخ زايد، رحمه الله، كان في طليعة القادة التاريخيين الذين مدوا أشرعة الخير خارج حدود دولهم وشعوبهم لتمتد وتتواصل مع كل المحتاجين والمعوزين في جهات المعمورة الأربع.
وقالت في كلمة بمناسبة يوم العمل الإنساني الإماراتي والذكرى الطيبة لرحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إن الشيخ زايد من هؤلاء العظام الذي وقف أمامهم التاريخ إعجاباً وتقديراً لأفعاله الإنسانية الممتدة بامتداد دولة ترعرعت على قيم زايد العطاء ونهلت من معين فلسفته ليأتي من تولى دفة القيادة من بعده نموذجاً ونبعاً آخر في العطاء، هو صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مستمرين على ذلك النهج الأصيل فكان السائرون من خلفه خير خلف لخير سلف من بعده على هديه لا يحيدون قيد أنملة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news