تتحدى دراما الأبواب المغلقة بتصوير أكثر مشاهدها في الشارع

«يمعة أهل».. دراما كويتية عن «زمن الغـــزو»

«يمعة أهل».. يوميات درامية تسابق للحاق بالموسم الرمضاني المقبل. أرشيفية

فاجأ الكاتب الكويتي فايز العامر الجميع، وغرد خارج سرب ما يشغل الكثير من الكتاب حالياً من تطورات المشهد الاجتماعي، بقصة درامية تستعيد اليوميات الأليمة من ذاكرة الغزو العراقي للكويت، عبر عمل درامي جديد بعنوان «يمعة أهل»، تنتجه مجموعة السلام الدولية ويخرجه أحمد دعيبس، من أجل اللحاق بالموسم الرمضاني المقبل.

ويستعين العمل الجديد، الذي يشرف عليه فنياً الفنان والمنتج عبدالعزيز المسلم، باختصاصية طب نفسي، في ظاهرة باتت جديدة على الدراما الخليجية، لتلافي التناقضات بين الواقع النفسي والآخر الدرامي اللذين تفرضهما الأدوار، إذ تم إسناد مهمة الإشراف النفسي للدكتورة فوزية الدريع، جنباً إلى جنب مع الإشراف الدرامي للدكتور راجح المطيري.

وعلى الرغم من أن هذه المرحلة تحديداً قد سبق التطرق إليها كثيراً في أعمال درامية خليجية، خصوصاً الكويتية، فإن دعيبس أكد لـ«الإمارات اليوم» أن «يمعة أهل» ليس عملاً استعادياً يؤرخ أو يوثق لتلك الحقبة، بقدر ما يتخذها مدخلاً للعديد من القضايا الاجتماعية والإنسانية، وفي مقدمتها فكرة سيطرة المال على النزاعات بين البشر، وتشويه هذه السيطرة للكثير من العلاقات الحميمة، بما فيها علاقة الأخوة.

وأضاف دعيبس «رغم أن بعض الأفكار مثل فكرة إسهام الفرد في بناء وطنه، قد تبدو لدى البعض نظرية، وربما لا تصلح لعمل درامي ذي قوالب فنية محكمة، إلا أن أحد المغازي الرئيسة في (يمعة أهل) هو تلك الفكرة التي تؤول إليها الأحداث دون الاضطرار إلى اللجوء لمقولات بعيدة عن المكون الدرامي الجاذب، والهادف في الوقت ذاته».

وكشف دعيبس أن المسلسل المرشح لأن يكون ضمن الدورة البرامجية الرمضانية للعديد من القنوات الفضائية، يضم نخبة من نجوم الدراما الخليجية، منهم أحمد الصالح، باسمة حمادة، عبدالإمام عبدالله، لطيفة المجرن، مشاري البلام، منى حسين، عبدالله الباروني، عباس الموسوي، غدير صف، بدور عبدالله، وأكد دعيبس أنه عمد في هذا العمل تحديداً إلى استثمار ميزة التصوير الخارجي، مضيفاً «لجأت إلى تصوير معظم المشاهد بالشارع، وبمواقع مختلفة ومتنوعة فحتى الآن تم تصوير ‬400 مشهد في أكثر من مكان إذ إن العمل سيخرج هذه المرة من بين الجدران ليحاكي الشارع الكويتي بكل مفرداته، وربما يكون المسلسل تعميقاُ لسياسة تمرد فنية على القصور والأبواب المغلقة، وهو أسلوب المدرسة الواقعية التي تستعين بأحدث الكاميرات من حيث المعايير الفنية، لكن دون الكثير من التدخل الذي يأتي على حساب التلقائية والبساطة غالباً».

 

تحديات فنية

مستقبل واعد

قال الفنان عبدالعزيز المسلم إن الدراما الخليجية بات ينتظرها مستقبل واعد، في ظل وعي حكومات وجهات رسمية متعددة، بالدور المهم الذي يلعبه الفن عموماً، والدراما خصوصا في واقع المجتمع والتعبير عن قضاياه الحقيقية، وآماله وطموحاته ذات الأولوية.

وأشاد المسلم خصوصا بالإمكانات التي تقدمها الإمارات في هذا الإطار، مضيفاً «لدي مشروع خاص بإنتاج مدينة متكاملة للتصوير الدرامي، الذي يهتم بالأعمال التاريخية والإسلامية في إمارة الشارقة، وهو مشروع يحظى بدعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الذي بلغ من متابعة سموه الحثيثة لأن يرحب به في مداخلة جمعتني ببرنامج «البث المباشر» الإذاعي، في خطوة تدل على دعم سموه الدائم للفن الهادف».

وتابع المسلم، الذي حل ضيفاً على مهرجان دبي السينمائي بدورته الأخيرة، ومهرجان أيام الشارقة المسرحي أيضا، «الدعم الملحوظ للدراما الخليجية، سواء عبر إقامة المهرجانات المختلفة التي تستوعب المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أننا بصدد مرحلة لمستقبل واعد منألق الدراما الخليجية، التي تستفيد من نهضة أكثر شمولا، ومؤسسات تعي دورها، لإنتاج أعمال تساير الإمكانات المتاحة سواء مادياً بالنسبة للبنية التحتية المتميزة، أو بشرياً متكئة على جيل رائع من الفنانين، الذين يحملون هموم مجتمعهم وتطلعاته في آن واحد عبر نتاجهم».

من جانبه، قال الفنان عبدالعزيز المسلم الذي نشط إنتاجياً بشكل ملحوظ في المرحلة الأخيرة، إن العمل الجديد لا ينفصل من حيث الإطار العام عن ما سبقه من أعمال تم إنتاجها أخيرا، مضيفا «لدينا تحديات فنية، وواقع اجتماعي متطابق على المستوى الخليجي، كما أننا في مرحلة شديدة الخصوصية، سواء كمجتمع له نسق قيمي وحضاري واحد، أو كأسرة فنية تسعى لأن يكون لنتاجها موقع لائق على خارطة الدراما العربية عموماً، وهو ما تستحقه بالفعل الدراما الخليجية التي باتت أكثر تطوراً في السنوات الأخيرة».

وحول ميزانية «يمعة أهل»، أكد المسلم أن مخرج العمل أتيحت له ميزانية من دون سقف محدد، مضيفا «بشكل قاطع إن أية جهة انتاج تتحاشى الخسارة المادية، وتأمل مردوداً يتيح لها القيام بمزيد من الأعمال الناجحة، لكننا في هذا العمل الذي نراهن عليه بشكل كبير، كان المعيار الفني هو سيد الموقف، ولم نتعرض لأي تغيير في الخيارات الفنية بناء على سياسة الجدوى المادية، وهو ما يتيح للرؤية الفنية أن تؤتي ثمارها في العمل».

وتابع «على الصعيد الفني لم تكن ثمة عجلة في إنضاج المشروع الذي استغرق وقتاً طويلاً بالفعل لتحضيره وإعداده لكي يخرج فريق إعداده بقصة تلبي الحاجة للإطلالة في شهر رمضان المقبل بمشروع درامي ضخم وثري بالأحداث يحترم عقلية المشاهد الخليجي، سواء من حيث الشكل أو المضمون».

وأضاف المسلم «يحمل العمل الجديد هماً مجتمعياً ووطنياً خالصاً، فهو بمثابة دعوة صريحة لأبناء الوطن الواحد للتكاتف في بناء وطنهم، في الوقت الذي يمثل فيه المحتوى الدرامي أيضاً جرس إنذار للمجتمعات بألا تسمح بأن يكون النزاع على المال هو جوهر العلاقة بين أبناء الوطن وذلك عبر جرعة مكثفة من الدراما التي تحلل مجموعة من القضايا الاجتماعية المستقاة بالفعل من الواقع اليومي، الذي نقدمه بمتعة بصرية فائقة سواء عبر استخدام أحدث التقنيات في عمليات التصوير والمونتاج وغيرهما، أو الأداء التمثيلي نفسه». ولم ير المسلم حرجاً في كشف مزيد من المحتوى الدرامي لـ«يمعة أهل»، مضيفاً أن الفكرة الرئيسة تدور حول أخوين توفي والدهما أثناء الغزو، وسرقت شركتهما ومصانعهما ومخازنهما بالكامل، وبدآ من جديد معا بعد الغزو ومع إعادة الأعمار، حيث اتسعت تجارتهما بشكل كبير حتى دخل الخلاف في ما بينهم فشتت الأسرة والأخوان «وهنا اسقط الكاتب ما يحدث في واقعنا الحالي من شتات وفرقة، لكننا سنتبنى الجانب الإيجابي، وهو تأكيد أهمية تلاحم الأسرة والمجتمع والوحدة الوطنية والقيم الايجابية الأخرى، في إطار اجتماعي تشويقي ممتع، أزعم أنه يقدم لأول مرة في الخليج على شاشات التلفزيونات».

وحول الأدوار وطبيعتها، قال المسلم إن الفنان أحمد الصالح يجسد شخصية جديدة عليه، فهو «أبوماجد»، الرجل الطيب الذي يواجه دائما الصراع مع أخيه حول الميراث، حيث سيسهم ابنه «مساعد» في تفاقم هذا الصراع طيلة الأحداث، فيما يقوم الفنان عبدالإمام عبدالله بدور الأب الذي يحب أسرته ويواجه صراعا دائما مع أخيه على الشركات والأمـوال، من قبل الغزو ثم تتعرض شركاتهما للنهب، ولكن بعد التحرير يطرح الأخ الكبير فكرة إعادة بناء الشركة، لكنه يرفض، وبمرور الوقت يستطيع الأخ الكبير الصالح أن يشيد إمبراطورية اقتصادية ضخمة، فيعود الشقيق الأصغر ليطلب حقه وهنا ينشب صراع بينهما على المال، ولكن نهاية العمل تحمل مفاجأة ضخمة.

تويتر