وافد جديد على «الفضائيات» يظهر العربي مـــزواجـاً عنيفاً

«لارا».. جاء دور الـــدراما الكرواتية

المسلسل اجتذب شريحة من المشاهدين العرب. أرشيفية

يبدو أن الدراما التي تعرضها الشاشات العربية باتت تخضع للموضة وتقلباتها، مثل عالم الأزياء؛ فلا يكاد يظهر نوع من الدراما حتى ينتشر بين مختلف الفضائيات العربية التي تتسابق وتتنافس على عرضه، وما ان يمر وقت قصير حتى نجد الاهتمام بهذه الدراما يخفت في الوقت الذي يظهر فيه نوع جديد من الدراما تتنافس على عرضه الفضائيات، وهكذا تدور الحلقة، ويدور معها المشاهد في دائرة مفرغة لا نهاية لها.

فبعد ان انتشرت موضة الدراما التركية، تلتها الدراما الكورية التي استطاعت ان تجذب شريحة كبيرة من المشاهدين، خصوصاً من المراهقين والشباب، نظرا لموضوعاتها التي تركز على الحياة الجامعية والعلاقات بين الطلبة، وغير ذلك من الموضوعات التي تلقى قبولا لدى هذه الفئات، جاء دور الدراما الكراوتية، بمسلسل «لارا» الذي يبرز العرب بصورة نمطية لدى الغربيين، لاسيما في ما يتعلق بصورة الرجل المزواج العنيف الذي تبحث شريكته عن وسيلة ما للهروب من جحيمه.

في الفترة الأخيرة فاجأت قناة «سي بي سي» جمهورها بعرض مسلسل جديد بعنوان «لارا»، وهو مسلسل مترجم باللهجة السورية، ويتشابه في اجوائه مع الدراما التركية التي تعرضها القنوات العربية، ما دفع المشاهدين لاعتباره تركياً، خصوصاً ان القناة لم تشر إلى جنسيته، ولكن بعد فترة قصيرة من عرضه كشفت وسائل الإعلام ان «لارا» قادم من كرواتيا، ربما ليمثل باكورة هجوم الدراما الكرواتية على الفضائيات العربية، بعد ان وجدت فيها القناة وسيلة للتغلب على ارتفاع أسعار شراء المسلسلات التركية، تحديداً التي تحمل أسماء نجوم حققوا شهرة في العالم العربي.

رومانسية

استطاع مسلسل «لارا»، الكرواتي الإنتاج والأبطال، ويحمل عنوانه الأصلي Larin izbor، ان يحقق انتشارا واضحا بين الجمهور المصري والعربي، وتنقسم حلقاته إلى موسمين، فتصل عدد حلقات الموسم الأول الى ‬182 حلقة، بينما حلقات الموسم الثاني تصل إلى‬87 حلقة، ومدة الحلقة الواحدة ‬45 دقيقة، وتقوم بغناء المقدمة الفنانة اللبنانية يارا. وتدور أحداث المسلسل في إطار رومانسي حين يجمع الحب بين قلبين، على الرغم من كل العواقب التي تواجههما إلا إنهما يتحديان كثيرا منها، لاسيما الفروق الطبقية بالمجتمع، وعبر حلقات المسلسل تمر بطلته (لارا) وزوجها (يعقوب) بالعديد من المواقف والمفارقات والمعاناة.

الغريب ان المسلسل يظهر العرب بصورة تندرج تحت ما يعرف بـ«الصورة النمطية» السائدة لدى الغرب عنهم، فمن خلال الأحداث يبحر بطل العمل (يعقوب) وهو قبطان، بسفينته حتى يصل إلى شاطئ اليمن، وهناك يرسو لفترة حتى يعالج من اصابته، ويقوم بعلاجه شخص يبدو مثل الكاهن او العراف يتولى ترديد تعاويذ وكلمات مبهمة، ويسقيه أدوية عشبية حتى يشفى، كأنه لا يوجد اطباء او مستشفيات وعيادات طبية لاستقبال المصاب وعلاجه بالعلاجـات الحــديثة.

في الوقت ذاته؛ يذهب أحد البحارة إلى شخص ليشتري منه مخدرات، ومن خلاله تعرف زوجه التاجر بوجود السفينة فتهرب من المنزل وتتسلل إليها. وبعد إبحار السفينة يكتشف طاقمها وجود «ليلى» التي تخبر القبطان انها لجأت للهرب معهم، حتى تتخلص من ضرب زوجها المستمر لها، وانها الزوجة الخامسة له وهي أصغر زوجاته، وهنا تظهر مغالطة كبيرة، فمن المعروف ان اليمن بلد عربي اسلامي، وان الإسلام أجاز الزواج بأربع فقط.

أسئلة

بالإضافة إلى ما يعكسه المسلسل من صورة للعربي باعتباره شخصاً غير متحضر لا يتعامل مع المرأة إلا بالعنف والضرب، ولا هم له سوى النساء والمخدرات، وهي صورة غير واقعية عفا عليها الزمن، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل قام مسؤولو القناة التي تعرض «لارا» بمشاهدة حلقات المسلسل كاملة قبل عرضه؟ وهل وافقوا على شراء العمل وعرضه وهو يتضمن هذه الأفكار والصورة عن العرب، دون حتى حذف هذه الاجزاء المسيئة؟

الطريف ان القبطان يقرر ان تظل ليلى على السفينة، والا تعود إلى تعذيب زوجها لها، لكنه يقرر ان يزوجها لأحد طاقم البحارة في السفينة من باب «مراعاة التقاليد العربية الأصيلة» التي تقضي بعدم وجود امرأة مع رجال في مكان واحد من دون زوج، وبالفعل تتزوج من احد البحارة رغم انها متزوجة من اليمني الذي هربت منه، وهنا مغالطة أخرى واضحة، وخلط بين الدين والعادات والتقاليد، وهو ما قد يغفر لصناع العمل بسبب جهلهم بالحياة في المجتمعات العربية، ولكن من الصعب ان يغفر لمن يعرضون العمل وهم مسلمون وعرب.

قصة مستهلكة

رغم ان مسلسل لارا استطاع ان يجتذب الكثير من المشاهدين، سواء عبر شاشة التلفزيون او على موقع الـ«يوتيوب»، حيث تعرض مختلف حلقاته بعضها مترجم، والآخر غير مترجم، إلا انه في المجمل يعتمد على قصة قديمة ومستهلكة تم تناولها في العديد من الأفلام والمسلسلات العربية والعالمية، وتعتمد على المصادفة التي تجمع بين البطلة، وهي فتاة فقيرة تعمل في احد المطاعم، والبطل وهو شاب ثري تقيم عائلته حفلاً كبيراً، وتتولى لارا اعداد الطعام في الحفل، وتلتقي يعقوب هناك فيجمع بينهما الحب.

بعد معارضة شديدة من عائلته يتزوج يعقوب بلارا. ولكن بعد فترة سعادة قصيرة يسافر الزوج في رحلة، وخلالها يتعرض لكثير من المخاطر والمشكلات، وينقطع الاتصال بينه وبين عائلته وزوجته، في الوقت الذي تسيء زوجة والده معاملة لارا، ثم يسوء الوضع، بعد ان تخبرها المنجمة بأن يعقوب تعرف إلى امرأة اخرى، في إشارة إلى ليلى.

ربما يكون الجديد في المسلسل هو التصوير والأماكن المختلفة والاجواء المغايرة لما هو معتاد في الأعمال الدرامية العربية، إلى جانب أداء الممثلين الجيد، ولكن تظل هناك تحفّظات بالجملة على «لارا» وقصته التي لم تكتمل بعد.

تويتر