استغرب الضجة والتضخيم الإعلامي لكويكب «أبوفيس»

عودة: علاقة الفلك بالطالــع «خزعبلات».. و‬2013 ليس شؤماً

الكويكب تم اكتشافه في عام ‬2004 ويراوح قطره بين ‬210 و‬330 متراً. أرشيفية

أبدى مدير مركز الفلك الدولي، المهندس محمد شوكت عودة، دهشته من الضجة الكبيرة التي صاحبت مرور الكويكب المعروف باسم «أبوفيس» بكوكب الأرض خلال الأيام الماضية، والاهتمام الكبير الذي أولته وسائل الاعلام لهذا الحدث، موضحاً ان الكويكب لم يكن يمثل خطراً حقيقياً على الأرض، كما ان هناك العديد من الكويكبات تمر بالأرض وتكون أقرب من «أبوفيس»، ولا تثار حولها مثل هذه الضجة.

وكانت الايام الماضية شهدت جدلاً واسعاً حول الكويكب الذي يحمل اسماً فرعونياً هو «أبوفيس»، الذي كان يطلق على أفعى اعتبرها الفراعنة رمز الشر والظلام والعدو الأكبر لـ«رع». وهناك اسطورة تقول، إن أبوفيس كانت تهاجم «مركب الشمس» كل صباح لتمنعها من الابحار نحو الافق، لكن حراس «رع» كانوا ينتصرون عليها في كل مرة ويقطعون رأسها، لتعود في الصباح التالي وتكرر محاولاتها. وعندما كانت الأفعى «أبوفيس» تنتصر، وفقاً للأسطورة، كانت تبتلع قرص الشمس، ما يؤدي الى حدوث الكسوف، فيهرع الكهنة الى المعابد لتقديم القرابين واداء الصلوات، حتى يتمكن الحراس من الانتصار عليها مرة اخرى، فتعود الشمس للظهور من جديد.

وأوضح عودة لـ«الإمارات اليوم»، أن الكويكب تم اكتشافه في عام ‬2004، ويراوح قطره بين ‬210 الى ‬330 متراً تقريباً، ورغم ان المسافة التي تفصله عن الارض تتجاوز الـ‬12 مليون كيلومتر إلا انه يعتبر من الأجرام الخطرة، وهي تشمل كل الأجرام التي تقترب من الارض ما يقرب من ‬60 مليون كيلومتر، والخطورة هنا لا تعني بالضرورة الاصطدام بالأرض، لكنها تعني ضرورة متابعة هذه الاجرام ورصدها ودراسة كل ما يتعلق بها من مستجدات، للتأكد من مدى خطورتها على الارض.

وأشار عودة الى انه مع بداية اكتشاف الكويكب اشارت الابحاث الى ان هناك قلقاً من اصطدامه بالأرض خلال دورته المقبلة في ‬13 أبريل ‬2029 بنسبة ‬2.7٪، حيث يكون على مسافة ‬29 الف كيلومتر، بينما يعتبر أي شيء يقترب على مسافة ‬400 الف كيلومتر من الارض خطراً يهدد الكوكب. اما في دورته التالية التي ستكون في ‬13 ابريل ‬2036 ستكون النسبة أقل من ‬1 إلى ‬45 ألف، وهو احتمال ضعيف جداً.

ولكن يرفض علماء الفلك الجزم بمدى الخطورة التي يمكن ان يسببها الكويكب للأرض، مؤكدين ضرورة متابعة الحالة، ومراقبة مدار الكويكب للحصول على معلومات اكثر دقة وحداثة بكل ما يحدث من تطورات.

من جانب آخر، أوضح عودة ان اصطدام الأجرام او المذنبات بالأرض يظل احتمالاً قائماً، وقد تنتج عنه كوارث، ولعل النظرية الأكثر تصديقاً ومنطقية حول انقراض الديناصورات ترجح ان مذنباً قطره يراوح بين ‬15 و‬25 كيلومتراً، اصطدم بالأرض قبل ‬65 مليون سنة، ما أدى إلى تدمير الحياة على الارض وانقراض ‬80٪ من المخلوقات الحية التي كانت موجودة في ذلك الوقت، وليست الديناصورات فقط، مضيفاً أنه كان لاصطدام المذنب شوميكر ليزي بالمشتري عام ‬1994 اضرار بالغة، وتمكن الفلكيون من رؤية الدخان يتصاعد على المشتري من الارض، رغم انه انقسم قبل الاصطدام إلى ‬24 قطعة.

خزعبلات المنجّمين

من ناحية أخرى، أكد مدير مركز الفلك الدولي أن كل ما يذكره المنجمون من تنبؤات وتوقعات ما هي إلا خزعبلات لا تستند لأي علم، وليس لعلم الفلك او للكواكب والاجرام السماوية أي علاقة بها، لافتا إلى ان اقتران كوكب الزهرة مع المشتري الذي سيحدث في مايو ‬2013، ليس له اي تأثير في طالع الناس او ما يحدث في حياتهم، وهو أمر لا يمت بصلة لاي علم. ولكن قد يكون لحركة الكواكب تأثير في الأرض، فالمشتري له أثر جاذب على الارض، وكذلك الكواكب الكبيرة، كما يؤثر القمر في حركة المد والجزر، ولكن ليس لأي منها اي علاقة بالإنسان او حالاته النفسية أو الحظ والطالع.

كما اعتبر ان الاقاويل بأن هذه العام يحمل طالعاً سيئاً نظراً لارتباطه برقم ‬13، تندرج كذلك ضمن الخزعبلات والاعتقادات الخاطئة التي لا صحة لها، لافتاً إلى ان الفلك والأجرام هو علم من أقدم العلوم التي عرفها العالم، وهو يعتمد على أسس وقواعد وحسابات محددة ومعروفة، وله اسهامات مهمة في الحياة، فقديماً لم يكن أحد ليسافر من دون الرجوع لحسابات النجوم لمعرفة الطريق والاتجاهات، وحتى في تحديد اتجاهات الصلاة والقبلة، وغير ذلك من الامور المهمة، بينما التنجيم لا يعتمد على علم او اسس وقواعد، وكثيراً ما يلجأ المنجمون إلى اطلاق اسماء علماء فلك أو فلكيين على انفسهم لكسب ثقة الناس.

وأضاف «في السنوات الخمس الماضية واجهنا الكثير من الشائعات، بعضها اعتمد على تضخيم احداث معينة، والبعض الآخر اختلق احداثاً ليس لها وجود، وهذه الشائعات تبدو مدبرة وليست عشوائية، ولا يهمني من يقوم بإعدادها واطلاقها بقدر ما يهمني توضيح الحقائق. وهناك شائعات استمرت لمدة سنوات، مثل شائعة اقتراب المريخ من الارض حتى يظهر وكأن هناك قمرين في السماء، ولاقت هذه الشائعة انتشاراً كبيراً، لدرجة أن احدى الصحف الرسمية في دولة عربية قامت بنشرها في صفحتها الأولى، رغم انه لا اساس لها من الصحة. كذلك شائعة أن المريخ سيدور عكس اتجاهه، وهو أمر غير صحيح ايضاً، ولكنه انتشر في مواقع ووسائل إعلام عدة». ويزيد من المشكلة، حسب عودة، أن هناك مواقع ليست متخصصة في مجال الفلك، تقوم بنشر هذه الشائعات، وعن طريقها تنتقل إلى المواقع الاخبارية ووسائل الإعلام.

تويتر