أكثر من ‬70 عملاً لـ ‬13 فناناً في «برو آرت» غاليري

«جمال الخط العربي».. حــروف حرّة من الزخرفة

صورة

حروف ملونة تملأ فضاء اللوحة من دون أن تلتزم الاشكال والتراكيب الكلاسيكية هو ابرز ما ميز معرض الخط العربي الذي افتتح أخيراً في «برو آرت» غاليري في دبي. ولم تعتمد مجموعة اللوحات التي عرضت في المعرض الذي حمل عنوان «جمال الخط العربي» على الزخرفة التي تحيط الحرف، فتمتع الاخير بزخرفة ذاتية، متأتية تارة من الانحناءات والالتواءات، وتارة من الامتدادات التي ترفعه الى أعلى زاويا اللوحة، حتى بدا متحرراً من قيود المدارس التي تفرض على الفنان أشكالاً محددة الاتجاه اثناء الكتابة. إلى جانب ذلك، تحررت بعض الاعمال من الادوات التقليدية لهذا الفن، إذ استغنى بعض الفنانين المشاركين عن القصب، واعتمدوا الريشة للرسم بالاكريليك على الكانفاس، بدلا من الحبر على الورق المقهر.

المعرض الذي يستمر حتى ‬19 ديسمبر، ضم ما يزيد على ‬70 لوحة لـ‬13 فنانا يجمعهم حب الخط، ومن خلال لوحة تتماوج فيها الحروف بشكل متداخل وباللون الازرق والاخضر، اختصر الايراني علي شيرازي تجربته في عالم الخط، ليقدم في عمله الوحيد حبه للتركيب والجمع بشكل منظم ومتكرر. وأثبت الفنان من خلال هذا العمل أن الالتزام بالمدارس الكلاسيكية لا يبعد الفنان عن الابتكار، لانه استطاع ان يوجد عبر كلاسيكية الحروف تميزاً من خلال اللون والمادة المستخدمة. وليست مشاركة شيرازي المشاركة الايرانية الوحيدة في المعرض، إذ تبقى إيران من الدول المحافظة على كلاسيكية طرح الخط، وقد تميز الايرانيون في المعرض بتبديل أدواتهم، فاستخدموا الاكريليك والالوان، وابرزوا الابتكار في خلق فضاءات متنوعة ضمن العمل الواحد، مع اعتماد التظليل في الحروف واستخدام اللون الابيض بشكل اساسي في الكتابة، واعتماد الخلفيات الملونة. وضمت المشاركات الايرانية في المعرض أعمال لكل من مهرداد شوقي، ساسان ناصرينيا، علي عجالي، أحمد محمد بور، باباك راشفند.

أما التونسي عبدالله عكر فاعتمد على قصائد محمود درويش وأبي القاسم الشابي ونزار قباني في لوحاته، مقدماً نصوصها بشكل متساوٍ الاطراف، يجعلها تبدو كأنها قصاصات من صحف يومية، لشدة ازدحامها وصغر أحجامها. وقد أوجد عكر موازنة في توزيع اللون والحرف على الكانفاس، فوضع النصوص على المساحات اللونية الفاتحة او البيضاء، تاركاً المساحة لامتزاج الألوان لإبراز المشاعر التي تتأجج بين الثورة والغضب والحب والسلام.

فسيفساء

تحديثات الخط

يعد فن الخط العربي من الفنون الجاذبة لمتذوقي الفن من مختلف الجنسيات، سواء العربية أو حتى الغربية. وقد خضع الخط للكثير من التحديثات التي يحاول من خلالها الفنانون إبعاده عن الكلاسيكية، فبعضهم ابتكر الخط الخاص به، وبعضهم أدخل الألوان على الخط، أما الموجة السائدة حديثاً، فتكمن في ابتكار برامج خاصة بالكمبيوتر يستطيع من خلالها المرء الحصول على كتابة النص الذي يريد، وبالخط الذي يشاء بدءاً من الكوفي ووصولا إلى النسخ، الى جانب التحكم في التركيب الخاص بالجملة وذلك في وقت قد لا يتعدى ‬10 دقائق.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/03-121212.jpg

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/0312121.jpg

أسلوب الفنان الإماراتي خالد الجلاف، بات معروفاً، فهو يعتمد تصوير الحروف على أشكال العمارة، فيمدها الى اقصى امكانية، ليمنحها قوة التدليل على المعنى. واستخدم الجلاف النصوص الدينية، وأبرز من خلالها المعاني الروحية عبر تركيب الحروف على شكل أيادٍ مرتفعة ومتضرعة الى الخالق. واندرجت الأعمال تحت مضمون الفسيفساء، بتركيبها وبألوانها، فهي فسيفساء الجنسيات والمعتقد والأشكال، فالحياة كلها تركيبة غير متناسقة من الامور التي تتضمنها. واعتبر الجلاف أن الخط العربي أضاف جماليات على فن العمارة والمجوهرات والخشب، ولذلك يظهر الجلاف هذه العلاقة من خلال اللوحة. ويعتمد الخطاط الإماراتي على ألوان شبه محددة، موضحاً أن اختيار اللون يتبع الحرف والشكل، فالعمارات المحلية يطغى عليها اللون البني، بينما الاندلسية تبرز في الالوان الزرقاء. وركز الجلاف على الخط الكوفي، بينما قدم في المعرض ما هو ملتزم بالمدارس الكلاسيكية التي تبرز جماليات الخط العربي بمدارسه الكلاسيكية.

والى جانب أعمال الجلاف، شاركت الإماراتيتان انصاف العبدلله وفاطمة سعيد بلوحات اعتمدتا فيها على النصوص الدينية. وقد اعتمدت العبدلله على التركيب الذي يتلاءم مع النصوص الدينية، موزعة الكلام في اللوحة ضمن تقاسيم مربعة الشكل، في حين ارتأت سعيد الاعتماد على خط الثلث والديوان الجلي، والخط الكوفي، لتشكل فيها لوحاتها التي تحمل أبعاداً دينية. من جهته، اعتمد السعودي مجد اليوسف على الحروف الكبيرة التي يشبكها ليكتب فيها كلمة واحدة أو جملة من بضع كلمات، تبرز حبه للون والحرف بشكل متساوٍ.

محبة

على الرغم من دراسة العراقي وسام شوكت الهندسة، إلا أن حب الخط دفعه لتكريس وقته لهذا الفن، ولهذا يبرز من خلال اعماله المحبة والسلام، سواء بالألوان أو الطريقة التي تدلل على معاني الحب. يؤمن شوكت بأن المدارس الكلاسيكية هي البداية الاولى للخطاط، كي يستطيع ان ينطلق بعدها، وهي التي اوصلته الى ابتكار خطه الخاص، «فبعض الخطاطين ابتكروا خطوطهم الخاصة بهم، وجمهور الخط يتقبل رؤية الابتكارات الجديدة، فهي تبرز تطور الخط وقدرة كل فنان على الابتكار». أما الحفاظ على أدوات الخط فهو أساسي بالنسبة لشوكت، الذي يرى أنه لابد من الحفاظ على الخط كفن منفصل عن التشكيل، مشيراً الى أن العراق من الدول التي أسست فن الخط، وبعدها ظهرت المدرسة التركية، ثم الإيرانية، وبالتالي فهم الذين رسموا تطور تاريخ الخط، بينما الامارات تصنع تاريخها الحديث في الخط.

الفنان السوداني تاج السر حسن، له رحلة طويلة في عالم الخط، فهو يمزج في اللوحة المعنى باللون ليبرز الحب والسلام من خلال محاورة الحروف. وعلى الرغم من اعتماده على الاكريليك، إلا أن اللوحة التجريبية التي يقوم بها قبل إنجاز اللوحة تعتمد على مدارس الخط. ورأى ان الخطاط العربي أكثر حظاً من الفنان التشكيلي الذي يجهد نفسه في البحث عن موضوع، بينما الخطاط موضوعه في النص الذي يختاره. وشدد حسن على أن الخط يعتبر نوعاً خاصا من الرسم، لان الحروف تدخل في الصورة البصرية، لكن تبقى الكلمة من العوامل المؤثرة في المتلقي تساعد على كسر الحواجز بينه وبين اللوحة.

تويتر