‬61 دولة.. و‬23 مشروعاً.. وحضور مميز لذوي الإعاقة في «بينالي الشارقة الدولي لفنون الأطـفال»

أطفال «الربيـع العربي» يرسـمون «من أول السطر»

عالم الطفل فطري ينأى عن التكلف والتصنع بأنامل تصنع مستقبلنا. الإمارات اليوم

بأهداف إنسانية ورسالة قائمة على تحقيق السلام والتفاهم مع الآخرين، وحوار مثقف لا يخلو من اللغة الإنسانية المبنية على احترام الثقافات، تنطلق الدورة الثالثة لبينالي الشارقة الدولي لفنون الأطفال، التي تحمل شعار «من أول السطر»، الأحد المقبل بمشاركة ‬61 دولة، بينها ‬25 دولة تشارك للمرة الأولى.

واعتبر القيم الفني للبينالي، الفنان الدكتور محمد أبوالنجا، أن «بينالي الطفل في دورته الثالثة، دعوة عالمية تضيء مؤشراً مهماً لرصد إبداعات أطفالنا من مختلف أنحاء العالم، كما أنها صرخة لدعم طفل القرن الـ‬21 من خلال الفن، إذ اعتمدت الدورة الحالية على مشاركة الطفل التفاعلية وليس تلقيه ومشاهدته الفن فقط، وذلك تأسيساً لمستقبل أفضل يفتح آفاقاً جديدة للأجيال المقبلة».

وقال أبوالنجا لـ«الإمارات اليوم» إن «(الربيع العربي) كان حاضراً بقوة في أعمال الأطفال المشاركين في الدورة الحالية، الأمر الذي يلمسه الزائر للمعرض، لاسيما الأطفال من دول الثورات، وتحديداً سورية ومصر واليمن، الذين تأثرت أعمالهم التي شاركوا بها في دورة الرسم الغرافيكي (الرسم على الجدران) بمشاهد المظاهرات والاحتجاجات وميادين التحرير وما شهدته من أحداث وتفاصيل دقيقة للضحايا الثورات ومناظر الدبابات وسيارات الإسعاف التي نقلت المصابين».

لافتاً إلى أن «البينالي في دورته الحالية ركز على ابداعات الطفل المستقاة من تطور أشكال التعبير البصري المنبثق من التطورات والمتغيرات الحادثة في عالمنا اليوم على مختلف الأصعدة، التي أثرت مجرياتها كثيراً في سلوك الطفل، بالتالي يمكن اعتبار التأثير التكنولوجي بمثابة الظاهرة الأكبر في عصرنا الحالي، ومن هذا المنطلق كانت نقطة البداية التي شرعنا بها (من أول السطر)».

طرح الإبداع

ذوو الإعاقة

خصصت لهذا الحدث المهم مساحة لمشاركات أطفال من ذوي الإعاقة، إذ بلغ عدد

المشاركات نحو ‬127 عملاً تنتمي لدول مختلفة، ويولي البينالي أهمية مستجدة لذوي الإعاقة، وما يمكن أن يضيفه أصحاب هذه الفئة لإثراء الفن من خلال نوازع محددة. وتكمن أهمية فنون الأطفال من ذوي الإعاقة في طرق تعبيرهم المختلفة، التي تجسد واقعهم النفسي والبيئي، ومن هنا يعد الفن بمثابة نافذة مهمة لتلك الفئات التي تمتلك معاناة خاصة، كما يعد مدخلاً علاجياً مهماً لتحقيق التوازن مع العالم الخارجي.

أكد أبوالنجا أن «البينالي اعتمد على خطة محكمة لطرح إبداعات طفل القرن ‬21، فقد اتسعت رقعة التعبير في الفنون البصرية عموماً وفن الطفل خصوصاً عما سبق، لذا كان علينا طرح تلك الإبداعات الفنية بشكل يواكب العصر، وليس فقط الالتزام بشكلها المعتاد من تصوير ورسم يمتاز بتلقائية وعفوية الطفل، إذ في الدورة الحالية يمكن التعرف إلى إبداعات هؤلاء الصغار وآليات تعبيرهم المستحدثة، من خلال طرقنا إلى أبواب جديدة للتعبير الفني، كان أبرزها استجلاب ‬11 فيلماً للأطفال من دول مختلفة قدمهم مهرجان VAFI الدولي المنظم من قبل مؤسسة (فانيما) الكرواتية المعنية بأفلام الأطفال، إضافة إلى مجال الكمبيوتر غرافيك، والفوتوغرافيا الرقمية والأعمال التركيبية في شكل مشروعات جماعية».

وتميز هذه الدورة لن يقتصر فقط على تنوع مجالات التعبير البصري، إنما ستكون طريقة العرض التي تتناسب مع الفكرة العامة للحدث واحدة من مستجداته، وهو ما اعتمد لإيجاد حالة فنية بين أعمال ومجالات مختلفة، إذ امتزجت المجالات الفنية معاً في تكوينات متشابكة جمعت بين أعمال الرسم والتصوير والفوتوغرافيا والمجسمات والرسم الغرافيكي وفنون التحريك.

ويعد هذا التزاوج الفني بين الإبداعات الطفولية المختلفة الحادث في قاعات العرض، بمثابة طاقة جديدة تعبر عن رؤية حقيقية لعالم الطفل، على اعتبار أن أطفال العالم لا يعنيهم إطلاقاً التصنيف الجغرافي أو اللوني أو الطبقي، بل هو تكامل إنساني وفني، خصوصاً انهم يتعاملون بمشاعرهم الصادقة مع ما يدور حولهم، وهذا ما ظهر في «سينوغرافيا» عرض البينالي.

أعمال مستبعدة

أوضح الفنان أبوالنجا لـ«الإمارات اليوم» أن «هناك أعمالاً استبعدت فعلياً ليس لعدم جودتها أو تناسبها مع ثيمة المعرض، إنما لتحقيق التوازن في مشاركات الدول، فعلى سبيل المثال دول مثل الصين تقدمت للمشاركة بأعداد كبيرة من الأعمال الجيدة، إلا أن العدد يفوق المساحة المخصصة، لذلك تم استبعاد جزء من تلك المشاركات».

لافتاً إلى أنه من خلال فرز المشاركات تم استبعاد أعمال أظهرت أسلوب المدرب الخاص وليس الطفل، إذ تجد، على سبيل الذكر وليس الحصر، ‬20 عملاً الروح والهوية والأسلوب، وهذه الأعمال لا تمثل الطفل إنما القائم على تدريبه، لذلك يفترض ألا نركز على التعليم الخاطئ لهؤلاء الأطفال، إنما تحفيز مخيلة الطفل ليتمكن من الإبداع».

وأشار أبوالنجا إلى أن «مجالات التعبير الفني للطفل تعددت وتنوعت في طرق عرضها، إذ ستتقاطع الثقافات الآتية من مختلف دول العالم في هذا البينالي، إذ يتم التركيز على الطفل المغترب الواقع بين الحضارات المتباينة المتجسدة في ثقافة بلده الأم وثقافة البلد التي نشأ وكبر فيها، وتلك هي رسالتنا المصاغة فنياً بمد جسور التواصل بين مختلف الأقطار، فما أردنا أن نرصده في هذه الدورة نفسية جيل الأطفال الجدد الناشئين بين الحضارات، وكيفية تأثر نفسية الطفل بين ثقافة تربى فيها وأخرى تلقاها من أهله، وانعكاس هذا الأمر على فنه الذي هو مرآة لذاته».

مظهر حضاري

قالت رئيسة بينالي الشارقة الدولي لفنون الأطفال، عائشة حمد مغاور، في مؤتمر صحافي عقد، أمس، للإعلان عن انطلاق البينالي، إن «البينالي يعد عرساً ثقافياً جديداً يعنى بالطفل برعاية من سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، ولقد اشتغلنا على هذا الحدث الدولي الذي يستضيفه متحف الشارقة للفنون، ويعد بمثابة وجهة عالمية وحوار دولي تطرح فيه رؤى جديدة ترصد ابداعات طفل القرن ‬21»، لافتة إلى أن«الاهتمام بالفن يعد مظهراً من مظاهر الحضارة، وبالتركيز على اكتشاف مناطق بعيدة وعميقة في قدرات الطفل المعرفية، وابراز مواهبه وإبداعاته، يأتي هدف بينالي الشارقة، لاسيما، أننا نعمل تحت مظلة واحدة من المؤسسات الكبرى المعنية بالارتقاء بالطفل، إذ كانت لنا استراتيجيتنا في وضع خطط ومشروعات لتنمية مواهب الصغار وإبداعهم الطفولي، لقياس نتاجهم الفني، ما فتح لنا آفاقاً نحو التطوير».

وذكرت أن«بينالي الشارقة الدولي شكل لنا إحدى المنافذ المهة لتطبيق رؤانا والسير قدماً في مسيرة الإبداع، ومن خلاله وظفنا طرقاً تعبيرية حديثة لفنون تواكب العصر وتفتح بدورها مجالات أكبر لطفل اليوم ليعبر عن نفسه، وتسمح لنا بالتقرب من لغته وخياله تطبيقياً لا نظرياً، إذ في البينالي نعمل مع أطفال من جميع أقطار العالم، نقلوا لنا واقع حياتهم من خلال إبداعات جاءتنا من مختلف أنحاء الأرض، إضافة إلى إبداعات محلية من أطفال مواطنين ومقيمين، وفي هذا الإطار سعينا إلى اكتشاف التشابك الثقافي الحاصل نتيجة التطور التكنولوجي ومدى تأثيره على حياة الطفل المعاصر من خلال تناوله الفني للموضوع بما فيه من مزج ثقافي لحالات التشابك والاغتراب».

‬3197 عملاً

قالت المنسق العام للبينالي، وفاء محمد، إن «عالم الطفل فطري ينأى عن التكلف والتصنع، رسمت فيه ملامح البراءة والطفولة بأنامل صغيرة، تلك الأنامل نفسها ستصيغ مستقبلنا بإبداع كما صاغته فناً ورسماً ولوناً، تلك هي رؤية بينالي الشارقة الدولي للفنون الأطفال في دورته الثالثة، القائم تحت شعار (من أول السطر) هي رسالة سلام ومحبة للطفولة، وهذا ما جعله قبلة توجه إليها ‬61 دولة من مختلف أقطاب الأرض، ليصبح البينالي واحداً من أهم بيناليات الطفل في العالم».

ولفتت محمد إلى أن «ما يميز بينالي الشارقة لهذا العام اكتساب مساحات جديدة لاكتشاف إبداعات طفولية لم يعرفها البينالي في دوراته السابقة، فقد وصل عدد المشاركات الجديد في هذه الدورة إلى ‬25 دولة لم تشترك من قبل، ومن خلال الفرز الأولي اتضح لنا وجود مشاركات أوروبية وغربية قوية للمرة الأولى، بعد أن كانت المشاركات في الدورة الأولى معظمها من الدول العربية، ليصبح مجمل مشاركات الدول الأجنبية في هذه الدورة ‬47 دولة، إضافة إلى ‬14 دولة عربية، بجانب مشاركة بعض المشروعات الفنية الجماعية من قبل بعض المؤسسات العالمية المهمة، التي بلغ عددها نحو ‬23 مشروعاً، بإجمالي ‬889 عملاً، ليتجاوز مجمل عدد مشاركات الأطفال في هذه الدورة ‬3197 عملاً، بعد أن تم فرزها من أصل ‬5338 عملاً».

تويتر