مخرجة كورية ــ برازيلية تواصل تصوير فيلم وثائقي عن الثورة السورية

إيارا لي: سقوط الأسد حتمي

صورة

تواصل المخرجة البرازيلية من أصل كوري، إيارا لي، رحلاتها بين الحدود السورية التركية من جهة، والقاهرة من جهة أخرى، إذ تصور فيلمها الوثائقي الجديد عن الثورة الشعبية السورية، بعنوان «معاناة الأعشاب»، الذي تنقل فيه قصص المعاناة التي يعيشها الناس البسطاء، خصوصاً النساء اللواتي عبرن عن شجاعة لا توصف، علاوة على تحملهن قسوة التشريد وفقدان عدد من ابنائهن وأزواجهن.

وتصور المخرجة والناشطة السياسية، التي تؤكد أهمية النضال السلمي، مشاهد من فيلمها في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا، وكذلك في مصر، وتصور انعكاسات التهجير على حياتهم. ومن المتوقع أن تنجز فيلمها في خريف العام الجاري.

وأكدت مخرجة الفيلم الوثائقي «ثقافات المقاومة» الذي كان فيلم الافتتاح في مهرجان «قاوم» في مدينة رام الله، العام الماضي، أن الثورة السورية ستنتصر، على الرغم من محاولات الرئيس بشار الأسد التشبث بالسلطة، مضيفة أن «سقوط النظام السوري حتمي، على الرغم من جنون القتل والبطش ومحاولات تمزيق النسيج الاجتماعي عبر التفريق بين مكونات المجتمع وفئاته».

وكشفت إيارا لي لـ«الإمارات اليوم» أن اللاجئين السوريين على الحدود السورية التركية يشعرون بالإحباط من الصحافيين الذين يزورونهم ويلتقطون الصور، من دون حدوث تغيير لمعاناتهم. لكنها تجاوزت هذه النظرة السلبية، من خلال معايشة اللاجئين ومشاركتهم تفاصيلهم اليومية، إذ إنها أطالت الإقامة بينهم. وقالت «من دون دعوة أو موافقة رسمية، خططت لنقل معاناة اللاجئين السوريين من داخل مخيمات ريحانلي وكيليس وهاتاي وبوخشين، الموجودة جميعها على الحدود التركية السورية، وقضيت في تلك المخيمات شهراً، حيث كنت اقوم بتصوير مشاهد من الفيلم، كما مكثت مدة في اسطنبول خلال شهر أبريل الماضي».

وعن الصعوبات التي واجهتها اثناء تصوير الفيلم في مخيمات اللاجئين في تركيا، قالت المخرجة السينمائية إيارا لي، التي شاركت في أسطول الحرية على متن سفينة «مرمرة» لفك الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة «لم أواجه أي أخطار، وكان الناس في تلك المخيمات لا يفضلون التعامل مع الصحافيين والمصورين الذين يأتون بكاميراتهم يصورون ويكتبون التقارير الصحافية، إذ إن اللاجئين يعتقدون ان هؤلاء الإعلاميين يستغلونهم، ويأتون لالتقاط الصور وتسجيل الأحاديث، ثم يرحلون من دون إحداث أي تغيير حقيقي لأوضاعهم، أو تخفيف لمعاناتهم الحياتية».

وأضافت أنها رأت ضرورة الإقامة بين المهجرين ومعايشتهم «لتخفيف غضب الناس تجاه الإعلاميين، رأيت أن من الأهمية أن أبقى معهم على الحدود تلك المدة، وأن أساعدهم بما أستطيع، وقد نجحت في إيجاد نوع من الثقة معهم».

وأوضحت أنها زودت لاجئين بآلات تصوير بعدسات بعيدة المدى للإسهام في تصوير وقائع الثورة وحياة الناس وما يتعرضون له من قتل يومي وقمع واعتقال وتعذيب على أيدي النظام داخل سورية. كما ارسلت لهم كمية من الأدوية، لأنهم في حاجة ماسة إلى الأدوية، داعية المؤسسات والأشخاص من كل العالم إلى مد يد العون إلى الشعب السوري، ومساعدتهم بالتبرع لهم بمختلف المستلزمات للتخفيف من معاناتهم اليومية. وكانت الثورة السورية انطلقت في 15 مارس من العام الماضي، وامتدت من مدينة درعا إلى كل المدن والأرياف السورية، منادية بإسقاظ النظام.

وذكرت إحصاءات من مصادر عدة أنه منذ اندلاع الثورة حتى 20 من شهر مايو الجاري، بلغ عدد الشهداء نحو 15 ألف شهيد، من بينهم 1063 طفلاً و1004 شهيدات، علاوة على عدد المعتقلين والجرحى واللاجئين الذي يتزايد يومياً، وفق تقارير صحافية وحقوقية.

المخرجة الكورية البرازيلية إيارا لي ترصد من خلال فيلمها الوثائقي «أعشاب المعاناة» انعكاسات التهجير والفقدان والشتات الجديد والألم على نماذج من الشعب السوري.

وقالت عن فيلمها إنه «يصور تفاصيل من معاناة نماذج من السوريين العاديين في حياتهم اليومية، وانعكاساتها على صعيد الجغرافيا السياسية»، خصوصاً أن عشرات الآلاف منهم أصبحوا لاجئين في تركيا والأردن ولبنان ومصر وكردستان العراق، إضافة إلى اللاجئين داخل سورية.

وأضافت مخرجة الفيلم الذي من المتوقع انجازه خلال الأشهر الأربعة المقبلة، إن الثورة السورية ستنتصر، على الرغم من بطش النظام، مشيرة إلى أن «كاميرا الهاتف المتحرك» أصبحت أكثر قوة من قذائف الدبابات، وأن الحقيقة لم يعد بالإمكان إخفاؤها، خصوصاً في وجود الصور التي تعد وثائق فورية تنقل عبر الإنترنت. وأكدت الناشطة التي تتخذ من الأفلام الوثائقية لغة مقاومة، وتمثل تلك الأفلام «صوت المقهورين والمضطهدين والمهمشين»، أن «عائلة الأسد استمرت في الحكم مدة طويلة، تصل إلى أكثر من 40 عاماً، وما يمكن أن أقوله عن بشار الأسد، أنه مثل أي ديكتاتور في العالم، إذ إنه يحكم البلاد بالبطش والقوة وبث الخوف بين صفوف الشعب، كما أنه يستخدم فكرة التفريق بين فئات المجتمع وتمزيق النسيج الاجتماعي وإثارة النعرات الطائفية، ليبقى في الحكم». المخرجة إيار لي التي تناصر قضايا العدل والحرية، والتي عرضت فيلمها «ثقافات المقاومة» في دبي في نوفمبر من العام الماضي، وتصف نفسها بأنها «كورية بقلب فلسطيني»، قالت حول مستقبل الثورة السورية، إن «الثورة ستنتصر، والأسد سيسقط، ولكن من الصعب القول متى يحدث ذلك على وجه التحديد، بينما المؤكد انه سيحدث»، مضيفة أن «هذا مرتبط باستمرار كفاح الشعب السوري وبلوغ صرخته إلى العالم». وأفادت بأن «الأسد يحاول التمسك بالسلطة، كما أن مؤيديه مستمرون في بطشهم باعتباره الخيار الوحيد للبقاء، لكني على يقين أن السوريين سيستمرون في النضال حتى سقوط الأسد، فهم يعملون بروح عالية ورغبة حقيقية في التحرر».

وقالت المخرجة والناشطة التي ترى أن الأفلام الوثائقية صوت من لا صوت لهم، إذ إنها تروي حكايات مسكوتاً عنها، خلال سعيها إلى الحقيقة، «لا احب ان ارى سورية مدمرة، لذلك انصح بالعمل على نهج مبدأ سلمية الثورة، بحيث تستمر دونما عنف». وأضافت «على جميع السوريين، من الثوار ومن مناصري الأسد، أن يعلموا انهم أشقاء وشقيقات وسيبقون كذلك، لذا فإن من مصلحة البلاد وقف القتل. أعلم ان هناك من فقد كثيراً من أحبائه وأشقائه، لكن من الخطر ان تعطي السلاح للغاضبين»، معبرة عن أملها في أن «تنتهي المحنة من دون عنف أو تدخل عسكري»، وأن يتمثل الجميع بمقولة غاندي الداعية للسلام «مبدأ العين بالعين سيحوّل الجميع إلى.يعميان».

وكانت إيارا لي أكدت في حوار سابق لـ«الإمارات اليوم» العام الماضي، إن «عدم استخدام العنف، لا يعني الركود والاستسلام، إذ إن المقاومة غير المسلحة توجد أزمة تحول دون استمرار العنف والهيمنة»، متمنية ان ترى السلام والعدالة والحرية تتحقق في العالم.

وقالت «لكن هذا لا يعني ببساطة غياب العنف، فعندما لا يستطيع الناس الحصول على ما يكفيهم من الطعام كل يوم، أو يقبعون تحت بؤس الاحتلال والهيمنة، فهذا وضع فيه عنف، لذا يتعين علينا تغيير هذه الأوضاع من أجل إيجاد سلام حقيقي وعدالة حقيقية بعيداً عن القهر».

تويتر