تُغني عن النص المكتوب وتعزّز الحس البصري

رسوم قصص الأطفال خيال ممــتع

صورة

الرسوم الملونة بفرح هي أساس كتاب الطفل، فهي تروي تفاصيل القصة وتواكب أحداث الحكاية، إذ يمكن لكتاب قصص الأطفال أن يستغنوا عن النص المكتوب إلا أنهم لا يستطيعون التنازل عن الرسوم المصاحبة لذلك النص كما قد يكتفي كتاب بالرسوم والألوان لرواية القصة كاملة التفاصيل دون استخدام كلمة واحدة.

ولأن الطفل أول ما يجذبه في الكتاب أو القصة هو الغلاف الذي غالباً ما يحمل رسوما متنوعة وألوان براقة، لذلك يهتم كثير من الكتاب بالرسوم وتوظيفها بما يخدم النص القصصي المصاحب للقصة، إذ إن الصورة والرسم في قصص الأطفال، تسهم بشكل كبير في تعزيز الحس البصري للطفل وتوسيع خياله ومداركه، لاسيما في المرحلة التي تسبق تعلمه القراءة.

واعتبر الرسام والكاتب القصصي المصري وليد طاهر، أن «الرسم لغة مهمة تساعد الطفل على فهم النصوص القصصية، لذلك ومن منطلق عشقي للرسم اهتممت بكتب الأطفال واعتنقت الكتابة القصصية التي تعتمد على الرسوم والصور التفصيلية لرواية القصة». وأكد أن «مؤلف كتب الأطفال يجب أن يراعي أن يحتوي الكتاب على صور تفصيلية ورسوم كافية، لتحقق الهدف المطلوب من القصة، كما يجب أن يعتمد على الرسم القصصي، وهذا ما استخدمته في قصة (النقطة السوداء)، و(السمكة الملونة هربت)، والتي تناولت فيها الرسوم التفصيلية سواء للأشخاص أو الأحداث، على اعتبار أن الصورة أحيانا تحل محل النص، وتوصل المعنى من خلال توسيع خيال الطفل ومداركه».

المعرض كتاب مرسوم ببراعة

يعد معرض الشارقة لرسوم كتب الأطفال، بمثابة كتاب عالمي مرسوم ببراعة، يجعلنا نسافر ضمن الرسوم ونحلم مع أبطال الحكايات، فنتصور أنفسنا فرساناً وأمراء ومخترعين ومغامرين، ونرتحل من فكرة إلى فكرة، ومن مدينة واقعية إلى أخرى خيالية، ومن مختبر علمي إلى أثر تاريخي أو مركبة فضائية، كما يمكننا المعرض من أن نجوب العالم متنقلين مع الضوء إلى أعماق بحرية وقمم جبال شاهقة إلى الأرض وكل ما يدور في أركانها من حكايات وأحداث تحمل من التشويق ما يجعلها قادرة على تحفيز قريحة الحكائين وكتاب قصص الأطفال للاستلهام والإفادة مما تحمله في ثناياها من مضامين ومعلومات.

فالمعرض يتنوع من حيث الأنماط الفنية والتقنية المستخدمة في تنفيذ تلك الرسوم، منها طرق الرسم اليدوي والرقمي والتي تعتمد على برامج الغرافيك والتصميم الفني، ما تتيحه من حلول تركيبية وتلوينية باهرة تمنح الإبداع المرسوم طبيعة مغايرة لتلك الطبيعة التي يتبدى بها الرسم اليدوي وما يمتاز به من أصالة وإخلاص لطرق التمرس الفني الأولى ومن بينها الرسم والحفر الطباعي والكولاج.

خيال واسع

تسهم الرسوم في قصص الأطفال، وفق طاهر، في إعمال خيال الأطفال ورفع مستوى التفكير والاستنتاج والتخمين لديهم، كما أن تلك الرسوم غالباً ما تنقلهم إلى عوالم جديدة سمعوا عنها ولم يعوها منها قصص السندباد البحري التي تصور لهم الأساطير والخوارق، وتعمل الرسوم في قصص الأطفال على زيادة ثقافة الطفل وتسرع من عملية تعلمهة للأشياء ومسمياتها وتلقنهم دروسا في الحياة، لاسيما إذا صاحب الصورة أو الرسمة نص بسيط قد يسهم في تعزيز حب القراءة لديه ويكسبه مهارات لغوية.

وتغرس الصور والقصص حب القراءة في نفوس الأطفال منذ الصغر حتى قبل تعلم القراءة، فالكتاب خير صديق يمكن أن يهدى للطفل حتى يعرف قيمته منذ صغره ولا يستطيع الاستغناء عنه عندما يكبر، كما تعزز القصص الكثير من العادات والقيم فهي إحدى اسهل الطرق التي تعلم الأطفال قيماً ومبادئ أخلاقية قيمة، وذلك من خلال الدروس المستفادة من هذه القصص.

صورة ونص

قالت استاذة الفنون الجميلة السورية لجين الأصيل، إن «الطفل عند تناوله القصة فهو يقرأ الصورة قبل الكلام، وتخدم الصورة النص لاسيما إذا كان النص ركيكا، فالصورة أو الرسوم تدعم النص وترفع من قيمته لدى الطفل، كما أن هناك بعض القصص يغلب عليها الطابع الصوري من خلال الرسوم الطاغية على النص والذي غالباً ما يكون مفقودا أو غائبا، إلا ان ذلك الغياب لا يُحدث تأثيراً كبيراً في القصة وإيصال فكرتها الأساسية إلى الطفل». ولفتت إلى أن «كل فنان يمكنه أن يصور الصورة بطريقته وأسلوبه، إذ يختلف تناول القصة نفسها بحسب الرسوم المختلفة التي تتباين من رسام إلى آخر وطابع أو مدرسة يعتمدها الرسام، فمثلاً قصة (ليلى والذئب)، فإننا نرى صورا ورسوما عدة مختلفة التعابير، تناولتها كتب عدة تنتمي لدول مختلفة، فمنهم من جسد ليلى على أنها فتاة إفريقية، وآخرون على أنها أوروبية أو آسيوية من ناحية الملامح المرسومة، فيما رسم كتاب قصة ليلى والذئب على أن ليلى فتاة بريئة وبعضهم اعتبرها ضحية، وآخرون رسموها على أنها شريرة».

وأكدت الأصيل أن «ذلك الاختلاف في الرسوم لتفاصيل القصة الواحدة نفسها، يعتمد على الخلفيات الثقافية والفكرية لكل رسام، ومعتقداته وانتماءاته، كما يتدخل أسلوب الرسام وتأثره بالمدارس الفنية في رسم تفاصيل القصة، إذ تتطور وسائل الرسم منها التقليدية أو الرقمية أو الكلاسيكية، التي تختلف من رسام إلى آخر، بالتالي ينعكس على النص والقصة المرسومة».

رسوم الطفل

بهدف التعريف بفنون كتاب الطفل ومبدعيها المتميزين، وترسيخ كذلك أهمية وقيمة الإبداع الموجه للطفل في إطار الكتب المرسومة من قبل فنانين ينتمون للشرق أو الغرب، وما يمتازون به من معالجات تقنية وحلول بصرية قادرة جميعها على جذب القارئ الصغير إلى عالمها المرتكز على الواقع والخيال، نظم مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الرابعة والتي اختتمت فعالياتها أول من أمس، معرض الشارقة لرسوم كتب الأطفال، والذي تضمن مجموعة كبيرة من اللوحات الرسومية الفنية لعدد من الفنانين.

وتسهم تلك الرسوم والأعمال المعروضة في تنمية الذائقة الفنية لدى المتلقي سواء من الأطفال أو الكبار، وتعبر وبشكل ابداعي عن تفاصيل القصص المكتوبة لتوسع خيال ومدارك المشاهد، ويتيح المعرض الفني عرض رسوم احترافية لقصص الأطفال من مختلف بقاع العالم، لضمان إيجاد بيئة تفاعلية بين الفنانين من الشرق والغرب ولدعم الاهتمام بالفن الاحترافي لرسوم الأطفال وتشجيعه من خلال تخصيص جوائز قيمة للفائزين في رسوم كتب الأطفال. وتكمن القيمة الفنية لهذا المعرض في التقاء الثقافات الإنسانية داخل بوتقة بصرية وجمالية واحدة، من شأنها أن توجز الزمان والمكان في تلك الرسوم الخبيرة المحاكية للحلم والمغامرة والارتحال والتعلم، إضافة إلى فرادتها في نقل مشاهد تحفل بالمفردات والتفاصيل والمؤلفات العامة للمكان أو الفضاء الحاوي، بما يشتمل عليه من معالم معمارية قد تنتمي لطرازٍ حضاري أو حديث.

ولم تخل تلك الرسوم من المناظر الطبيعية وما تتضمنه من زوايا يتخيرها الرسام بعناية، لتتوافق مع ما يطرحه من مضامين تتعلق بموضوع رسومه الحافلة بالشخوص الواقعية والتخيلية من بشر وحيوانات وطيور، قد تتجاور أو تتقاطع مع شخصيات وأمكنة أسطورية تمتاز بملامحها وبنائها الساحر المدهش، وفق ما يطرحه الرسام من علاقات تبرز تفهمه لنص الحكاية المكتوبة، التي يمكن له أن يرسمها بأسلوب فني معبر عن محتواها وسير أحداثها.

تويتر