عرس إماراتي ورقصات شعبية وعروض فلكلورية

«قلب الشارقة» ينبض بالتراث

الفعاليات تقدم صورة مصغرة عن التراث الإماراتي الأصيل. تصوير: تشاندرا بالان

بفريق خيالة وزفة إماراتية ورقصات شعبية وأخرى فلكلورية تنتمي للبيئات المحلية، انطلقت فعاليات أيام الشارقة التراثية في دورتها العاشرة، أول من أمس، بمجموعة من الفعاليات والنشاطات التراثية والثقافية والفكرية، إضافة إلى الترفيهية، لتغطي سبع مناطق ضمن إمارة الشارقة.

بدأ حفل انطلاقة الأيام الذي شهده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في منطقة الشارقة القديمة «قلب الشارقة»، بمجموعة متنوعة من العروض، أعادت المتفرجين إلى الزمن القديم وحال الإمارات قبل اكتشاف النفط، وسلطت الضوء على الحياة التي يعيشها سكان البلاد بمختلف البيئات التي ينتمون إليها، منها البيئة الجبلية التي عرضت فنونها فرقة الشحوح وهم ينتمون إلى المناطق الشمالية، إذ قدموا رقصات شعبية بالسيوف والطبول وأهازيج تراثية وصيحات باتت تعرف بها قبيلة الشحوح وتميزهم عن غيرهم من القبائل، تلك الفنون الجبلية توثق العلاقات بين الأرض والبيئة وسكانها.

كرنفال ثقافي

تعزيزاً لهوية الشارقة الثقافية والتراثية التي تفتح أفقاً يسهم بشكل حيوي في إثراء المكتسب الإبداعي لفضاء المعرفة والذاكرة والتراث، ولتفعيل ذائقة الملتقى بالمنجز الجمالي والتاريخي للقلاع التراثية، انطلقت الندوة الدولية حول القلاع في الجزيرة العربية، في مكتبة الشارقة العامة، اليوم، ضمن البرنامج الفكري لأيام الشارقة التراثية في دورتها العاشرة بمشاركة نخبة من الباحثين والمهتمين، وبالتعاون مع المركز الدولي للحفاظ على المواقع التراثية.

ويقدم البرنامج الفكري ندوات تضمن أفضل الممارسات في إدارة التراث الثقافي وجمع وتدوين التاريخ الشفوي، إضافة إلى تأصيل التراث الشعبي لدى الطفل، ومهرجانات الفنون الشعبية تجارب وتطوير، أما القسم الثاني من البرنامج الفكري فيتضمن المقاهي الثقافية، منها مقهى الحصن والبارجيل.

ولأن الفن جزء من الهوية التراثية للمنطقة، قدمت فنون بحرية تواكب سير العمل على السفينة أو المحمل وخارجه، يؤديها البحارة ومن يعمل بالمهنة القديمة التي تعد من أقدم المهن التي مارسها الأجداد قديماً، ويخضع أداء الفن لقواعد محددة، إذ يقوم النهام بأداء أشعار الزهيري والمواويل والترانيم وابتهالات وأدعية دينية، يرددها من خلفه البحارة على المحمل المسافر بين البحار، سواء للتجارة أو الغوص على اللؤلؤ.

عرس بدوي

قدمت فرق محلية عرساً إماراتياً ينتمي إلى البيئة البدوية والصحراوية، إذ دخل موكب العرس بواسطة خيول وجمال زفت بها العروس البدوية، فيما حملت النساء وتحديداً كبيرات القبيلة «زهبة» العروس المكونة من ذهب وملابس وبخور ومستلزمات العرس في «بقش» وصناديق المندوس القديمة، بينما تقدم موكب العرس وجاهات القبيلة ومن رجال وشبان يحملون البنادق والخناجر ويرافقون العريس لمنزل الزوجية.

وقد اعتاد البدو أن يحددوا ليلة العرس في 14 أو 15 من الشهر القمري، وذلك لأن القمر يكون مكتملاً بدراً مضيئاً، ومن العادات التي ترافق العرس البدوي، مبادرة أهل العريس بنحر الذبائح والجزور في صبيحة يوم الزفاف، على أن يتولى شباب القبيلة مهمة توزيع الطعام على سكان المنطقة.

فنون وافدة

«الهبان» هي أحد الفنون الوافدة لدى الدولة، التي تعتمد على آلة نفخ معروفة بالهبان أو القربة، وتصنع الهبان «من جلد الماعز أو الغنم، ويثبت في طرف من أطرافها «مبسم» خشبي ينفخ فيه العازف ليملأ «قربة» جلد الماعز بالهواء في الوقت الذي يقوم بالضغط على «القربة» للتحكم في إخراج الهواء من خلال أنبوبتين تعطي إحداهما نغمة واحدة مستمرة، وتعطي الأخرى نغمات متنوعة.

وتتكون فرقة «الهبان» وتعني بالفارسية «القربة» من ثلاث مجموعات: الأولى من النساء ويراوح عددهن من ست إلى ثماني نساء، والثانية من الرجال وعددهم مماثل لعدد النساء، أما المجموعة الثالثة فتضم العازفين وتتكون من تسعة إلى 10 رجال أهمهم عازف القربة «الهبان» الذي ينتقل بين صفي الرجال والنساء بحركات إيقاعية راقصة بالميل بجسمه أو بالارتكاز بجسمه كله على قدميه لأسفل، أو بالارتكاز على قدم واحدة.

من الرقصات الوافدة رقصة فن البلوش، وهو الفن الذي يصحبه غناء باللهجة البلوشية على إيقاع ثلاثي مركب يؤديه أعضاء الفرقة بالطبول والمزمار الذي غالباً يقود الفرقة، إضافة إلى الغناء الذي يردده بقية الأعضاء المشاركين، والذين ينتظمون على محيط الدائرة وهم يؤدون حركة راقصة من ثلاثة عناصر: الأول انحناءة بالجذع والركبتين، والثاني حركة جانبية (التفافية) من الذراعين والجذع وقد يكون الراقص ممسكاً بعصا، والعنصر الثالث حركة جماعية يؤديها كل المشاركين وهي عبارة عن هزة للكتفين.

كما قدمت رقصة الزامل التي تشتهر بها سلطنة عمان، وتؤدى بشكل جماعي لفريق مكون من رجال ونساء، وتقدم الرقصة في المناسبات والاحتفالات الرسمية، وتقوم الرقصة أساساً على المزمار والطبل والقربة، إضافة إلى حركات يؤديها المشاركون في الرقصة بهز السيوف وحمل البنادق.

وفي «الهبوت» يحمل المشاركون سلاحهم من سيوف وبنادق وخناجر يتقدمهم عدد من الشباب حاملين السيوف والخناجر، حيث يقفزون في الهواء قفزات خاصة وهم يداعبون سيوفهم وخناجرهم، وللهبوت شعراء يتبارون في تجويد أشعارهم بما يتلاءم والمناسبة التي يقام فيها الهبوت خصوصاً مناسبة الاحتفال باليوم الوطني، ويتكون من مسيرة هبوت «الزامل»، فالغناء يكون فيه بطيئا إلى حد ما.

قرية مصغرة

الزائر لمهرجان أيام الشارقة التراثية يشعر بأنه جزء من قرية مصغرة تمثل جانباً من الحياة القديمة، من ناحية تصميم البيوت والمجسمات القريبة إلى حد كبير من تلك التي كان يقطنها السكان قديماً، فتجد بيوت الشعر وسعف النخيل هي المكون الأساسي لمعظم القرية التراثية ومع الحفاظ على طابع الأروقة العربية التي تستضيفها الأيام لأول مرة، منها الرواق الكويتي والمغربي واليمني والسواحلي، إذ يقدم كل رواق ما يميزه من تراث قديم وفلكلور شعبي أصيل، إضافة إلى تقديم ورشة عمل ودورات تدريبية لصناعات تقليدية تنتمي لأصالة تلك الدول، منها صناعة الشاي المغربي والقفطان، إضافة إلى الفضة والجلود.

واستعدت إدارة أيام الشارقة التراثية منذ نوفمبر الماضي لتخطيط مكان إقامة فعاليات الأيام على الورق، والذي بات على أرض الواقع قبل يوم واحد من الافتتاح وإن جهزت بعض المحال والأسواق الشعبية قبيل ساعات قليلة من افتتاح الأيام.

وخصصت الأيام لهذا العام 100 محل لتنظيم ثلاث أسواق تراثية هي السوق الشعبي بمعدل 40 محلاً مخصصة لبيع منتجات ومقتنيات تراثية إماراتية، وسوق الرواد بواقع 20 محلاً ويهدف إلى تشجيع وتطوير الأعمال المتعلقة بالمشروعات الصغيرة للمواطنين، أما سوق أول فال فقد خصص له 40 محلاً وذلك لدعم ابتكارات الشباب المواطنين، من خلال توفير منافذ تسويقية مجانية لهم، وأكشاك بيع مؤقتة، إذ يقوم المواطن بعرض منتجاته الخاصة للبيع.

فيما يعد ركن درب الطيبات الذي شهد اقبالاً كثيفاً في اليوم الأول للأيام، مطبخاً شعبياً يضم 15 محلاً، تعكف فيه مجموعة من الطباخات المواطنات على إعداد أشهر الأطباق الشعبية في عرض حي أمام أعين الزوار، وتحضير أنواع الخبز التقليدي والأكلات التقليدية المعروفة في الإمارات إضافة إلى المشروبات الساخنة وتحديداً القهوة العربية.

تويتر