مغنية أردنية ترى أن الناس يحتاجون إلى 10 سنوات لتغيير ثقافتهم وأذواقهم

مكــادي نحـاس: كنـت أشـمّ رائحــــــة «الربيع العـربـي» كل يوم

مكادي نحاس: الغناء وجد ليسمو بالروح وليس ليسبب الضجيج والتوتر. تصوير: مصطفى قاسمي

منذ عام1997 وهي ثابتة على تقديم هويتها الفنية التي أرادت، وأن تكون ضمن المغنين القلائل الذين يغنون الطرب الجاد والأصيل، مكادي نحاس الفنانة الأردنية التي غنت للإنسان والكرامة لم تتأثر في مشوارها بذلك الكم الكبير الذي تضخه شركات الإنتاج للمطربين والمطربات ونشرهم عبر شاشات التلفاز لسبب واحد، حيث تقول «كنت أشم رائحة الربيع العربي»، هذا ما قالته نحاس في حوار لـ«الإمارات اليوم» على هامش مشاركتها والشاعر زاهي وهبي في أمسية تم تخصيصها لمركز راشد لرعاية الطفولة في دبي، وأضافت نحاس «عندما اخترت هذا اللون من الغناء كنت أسهم في خيار الشعب الذي بدأ يجني ثماره حالياً»، موضحة «اليوم هو لكل من تم تهميشه بسبب سيطرة الرؤوس الحاكمة أفي السياسة والفن والاقتصاد والاجتماع، اليوم هو يومي»، نحاس لا تريد أن تعيد الجمهور إلى الزمن الجميل فحسب، بل تريد أن تنكش تلك الذائقة الفطرية، حسب تعبيرها، لتنطلق «في ميدان التحرير غنى الأحرار الشيخ إمام ودرويش ومكاوي وأم كلثوم وعبدالحليم، لأن تلك الأصوات وتلك الكلمات المغناة هي القادرة فقط على أن تعبر عنهم»، نحاس تشتهر بغنائها أالتراث العربي المشرقي والأردني بشكل عصري، حيث استطاعت أن تشكل عبر تجربتها الغنائية حالة نوعية من خلال ما قدمته من أعمال كلاسيكية وتراثية.

بيت سياسي

توظيف المسرح غنائياً

درست مكادي الموسيقى، ونالت شهادة الغناء الشرقي من الكونسرفاتوار اللبناني، وتقول عن دراستها المسرح: «استفدت من دراستي المسرح في السيطرة على انفعالاتي وأنا واقفة على خشبة المسرح، ومواجهة الجمهور بشكل مباشر، ويعزز ذلك أيضاً التعامل بشكل جماعي مع الممثلين الآخرين، وكذلك مع الفرقة الموسيقية في حال تقديم الحفلات الغنائية». وتشير مكادي إلى انها شاركت في عدد من الأعمال المسرحية في لبنان، ممثلة ومغنية في الوقت نفسه، ومنها مسرحية المكفوف نص لجبران خليل جبران وإخراج وليد فخر الدين، حيث أدت في هذه المسرحية دور الراوي والمغني، وأيضاً مسرحية «الأيادي القذرة» عن نص للفيلسوف جان بول سارتر وإخراج وليد فخر الدين، إضافة إلى مشاركتها بأعمال مسرحية للأطفال، وعلى الرغم من دراستها المسرح وحبها لهذا النوع من الفنون، إلا أن مكادي تعتبر المسرح وسيلة لمساعدتها على تقديم أغانيها بطريقة العرض، حيث تؤكد أنها لن تترك الفن وتتوجه إلى المسرح، فطموحها استعمال الفنون المسرحية لتقوية ظهورها أمام الجمهور والسيطرة على نفسها أكثر.

في أجواء منزل سياسي ترعرعت نحاس وهي ابنة السياسي الأردني الشيوعي الراحل سالم نحاس «منذ الصغر وأنا أعرف ماذا يعني الإنسان وقيمته وكيفية الاقتراب اليه، والدي المرحوم كان له الأثر البالغ في تنشئتي على التقرب من إنسانيتي، ومن العدالة، لذا فلسطين حاضرة ليست لأنها الأقرب جغرافيا من الأردن ومن القلب بل لأنها القضية العادلة التي يجب ان توحد العالم كله»، مؤكدة «ما نعيشه حالياً كان حلماً بالنسبة لوالدي وكان ينادي به، ما نعيشه من ربيع عربي على الرغم من زخات المطر وطرق الشتاء الأبواب هو تماماً ما كنت أشتم عبقه عندما حاول كثيرون أن يغيروا من طريقة غنائي كي أستطيع بيع الألبومات»، وقالت «بسبب تلك الرائحة الربيعية التي كنت اشتمها تماماً لم أغير في خطي الغنائي»، مشيرة إلى أن «عبارة (الجمهور يريد هكذا) كناية عن الأغاني الهابطة، لم تعد مفيدة، فالجمهور الذي عاش ظروفاً صعبة كان يفرض عليه كل شيء حتى الموسيقى والأغنية، واثبت الآن انه لا يريد هكذا بل يريد التحرر من كل شيء»، وتضيف «على الرغم من أنني أحظى بحب كبير من الأردنيين تحديداً، إلا أن لون الغناء الذي أغنيه سيكون له المحل الأوسع في ربيع التغيير».

ثنائية الشعر والصوت

مكادي التي درست أالموسيقى، ونالت شهادة الغناء الشرقي من الكونسرفاتوار اللبناني، قدمت تجربة الثنائية بين الشعر والغناء مع الشاعر زاهي وهبي أكثر من مرة، وعن الفرق بين الغناء بشكل منفرد ومرافقة الشاعر، قالتأ «الفرق في هذا تحديداً يكمن في أنني عندما أغني بشكل منفرد أكون أنا المخرجة»، موضحة «تكون لدي الحرية في اختيار الأغاني أو تغييرها وإعادتها بناء على رغبة الجمهور مثلاً، وتقديم واحدة عن اخرى، باختصار أكون صاحبة قرار»، منتقلة لوصف الحالة عندما تكون مرافقة لشاعر «ابني الأغنية بناء على وقفته هو وإشارته هو، ولا أستطيع التحكم في تقديم وتأخير ما أريد غناءه»، مؤكدة «لكن لكل شيء خصوصيته، فالكيمياء التي جمعتني مع وهبي هي التي أنجحت التجربة وأصبحت مطلوبة، فوهبي ليس شاعراً بالنسبة لي، بل هو صديقي أيضاً، لذا فهناك لغة مشتركة بيني وبينه على الصعيد الإنساني، وبين الأغاني التي أغنيها وشعره الذي يوجهه دوماً الى الإنسان ومشاعره».

سنرتقي بذائقتنا

يحتاج الناس حسب مكادي إلى 10 سنوات على أبعد حد كي يسهموا في تغيير ثقافتهم وأذواقهم «بدءاً من قرار منح الصوت في الانتخابات، وصولا إلى تهذيب الذائقة الفنية»، مؤكدة «ما عشناه منذ 10 سنوات فائتة كان كارثة بحق الفن العربي الأصيل، وما نسمعه اليوم لا يمت بصلة للموسيقى العربية، حيث غابت الكلمة والتخت الشرقي والعود، باستثناء وجوده في الأغاني الخليجية فقط»، مؤكدة «الغناء وجد ليعلو بالنفس ويسمو بالروح لا ليسبب لها الضجيج والتوتر».

نحاس التي تأثرت بالمدرسة الرحبانية منذ الصغر وصوت أفيروز وغنت لها كثيراً، وصفت الأغنية الملتزمة بأنها «التي يتوافر فيها عنصرا اللحن والكلمة الجيدان، بحيث ترتقي هذه الأغنية بذائقة المستمع فكرياً ونفسياً لتستفيد منها الروح قبل الأذن، إضافة إلى عدم استخفافها بالمستمع»، مشيرة إلى أن الأردن وهو البلد الذي لا ينتج كثيرا من فناني الغناء يؤكد على هذه الوجهة «فالأردنيون لا يقبلون أنصاف الوجوه، بمعنى لا يمكن تقبل (مطرب نصف نصف)، لانه سيتعرض لهجوم حاد، ناهيك عن أن معايير المطرب في الأردن لم تتماش مع معايير ما تقدمه شركات الإنتاج التي تهتم بأزياء المطرب وماكياجه قبل صوته»، مؤكدة «لذا يوجد مطربون وفرق موسيقية بمعايير عربية أصيلة كثيرة في الأردن، وتجارب واعدة تنبئ بولادة جيل فني سيدهش الناس طربياً».

أما العاصمة الأردنية عمان بالنسبة لنحاس التي تصف نفسها بالعربية، فهي ليست مجرد مكان تحمل هويته، «عمان هي أمي التي مهما ابتعدت عنها أحب ان أعود وارتمي في حضنها»، مؤكدة أن الإعلام أسهم في تهميش الأردن من الناحية الاجتماعية والثقافية، فالأردنيون ليسوا كما يروج البعض متجهمو الوجوه، بل هم طيبون، ولديهم روح النكتة».

تويتر