اتفاقية توأمة بين «الأيام التراثية» و«موسم طانطان» المغربي

الشارقة القديمة في طـريقها إلى «تراث اليونسكو»

«الشارقة القديمة» تضم العديد من المعالم التراثية. أرشيفية

وافقت منظمة اليونسكو للتربية والعلوم والثقافة، على استكمال إنجاز ملف طلب تسجيل الشارقة القديمة محمية للتراث غير المادي وضمها إلى لائحة مواقع التراث الإنساني لديها، وإدراجها على القائمة التمهيدية حتى يحين موعد تقديم الملف كاملاً للحصول على الموافقة في مارس ،2012 والذي سيصادف الدورة العاشرة لأيام الشارقة التراثية. هذا ما أكده مدير إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة والمنسق العام لأيام الشارقة التراثية عبدالعزيز المسلم لـ«الإمارات اليوم»، في أعقاب توقيع اتفاقية توأمة بين «أيام الشارقة التراثية» و«موسم طانطان المغربي»، مساء أول من أمس في فعاليات أيام الشارقة التراثية.

وقال المسلم إن فعاليات أيام الشارقة التراثية التي تستمر حتى 18 من الشهر الجاري «تلعب دوراً كبيراً في إثراء ملف الشارقة القديمة لتسجيلها محمية للتراث غير المادي في اليونسكو، وضمها إلى مواقع التراث الإنساني لديها، فقد شهد ختامها توقيع اتفاقية توأمة بين أيام الشارقة التراثية وموسم طانطان المغربي الذي صنفته منظمة اليونسكو في ،2005 ضمن روائع التراث الشفهي غير المادي»، وأضاف «هذا إلى جانب استعراضها ملفات مدينة حلب ومراكش اللتين تم تصنيفهما كذلك في فضاءات التراث اللامادي في اليونسكو، وتقديم نواة ملف الشارقة بوصفها فضاءً للتراث غير المادي، وذلك من خلال استعراض إمكاناتها في هذا المجال، ضمن فعاليات الندوة العلمية الثانية تحت عنوان (فضاءات التراث غير المادي.. تجارب وشهادات)، التي نظمتها الأيام أخيراً».

الندوة الثانية

توصيات

أقرت إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة توصيات المشاركين في الندوة العلمية «فضاءات التراث غير المادي ـ شهادات وتجارب» التي شارك فيها باحثون ونقاد ومختصون بأوراق عمل، تجارب وشهادات حول التراث غير المادي.

وخلصت التوصيات التي صاغتها اللجنة العلمية بإدارة التراث إلى استثمار برامج إدارة التراث الرئيسة والفعاليات والأنشطة المختلفة لتسهم في تفعيل فضاءات الساحة، منها «ملتقى الحرف التراثية، أيام الشارقة التراثية، بشارة القيظ، احتفال النص، المجالس الرمضانية، يوم الراوي، ملتقى التراث، احتفالات اليوم الوطني، معرض حصاد التراث، دورات الحرف والمهن، المعارض المتخصصة، الندوات والمحاضرات».

ومن التوصيات «تفعيل منظمات المجتمع المدني والمثقفين في إعداد وتسيير الفعاليات في الساحة والتحضير لملف الشارقة كما توصي به منظمة اليونسكو جنبا إلى جنب مع دائرة الثقافة والإعلام / إدارة التراث والشؤون الثقافية، وعقد اتفاقات التوأمة والتعاون بين إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وفضاءات تم تسجيلها لدى منظمة اليونسكو للاستفادة من تجربتها، والاعتماد على أعمال الجمع الميداني السابقة، خصوصاً مشروع إحياء قرية المريجة الذي نفذه مركز التراث الشعبي لدول مجلس التعاون منذ 20 عاماً، والاستفادة من بنوده في ملف الشارقة، والمبادرة إلى البدء بحملة حصرية شاملة عاجلة لتدوين التراث الشعبي وحفظه في مركز وطني وبأسلوب علمي رصين.

كما أوصى المشاركون بحثّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على توفير بعثات دراسية في مجالات التراث كافة، وإعداد قاعدة بيانات المساندين من الباحثين والمتخصصين في مجال التراث ومن مختلف الدول، ودعوة بعض المساندين لزيارة الشارقة والتعرف إلى مساهماتها في مجال التراث غير المادي وتأسيس جمعية عربية تعنى بالتراث الشعبي، وعقد ندوات متخصصة هدفها التركيز على البيئات المختلفة في الإمارات ودورها في تشكيل تراث كل بيئة، وإدخال مادة التراث الشعبي في مناهج المدارس بجميع مراحلها، وتنظيم أيام تراثية بمشاركة مجموعة من البلدان والمجتمعات، والعمل على توأمة بين المدن التي تهيئ ملفات في الاتجاه نفسه والمدن التي وضعت على قائمة اليونسكو، وتبادل الخبرات وعقد اجتماعات في سبيل تحضير ملف متكامل يقدم إلى اليونسكو، إضافة إلى مجموعة أخرى من التوصيات.

ذكر المسلم أن الندوة العلمية الثانية «جاءت امتداداً للملتقى العلمي الأول الذي نظمته أيام الشارقة التراثية في دورتها الثامنة العام الماضي حول الشارقة القديمة، وإمكاناتها كمحمية للتراث غير المادي، وصياغة بيان عام موجه إلى الهيئات والشخصيات الثقافية ذات الصلة، لحشد التأييد لملف طلب التسجيل لدى الدوائر الثقافية والدولية، وذلك من خلال أعمال الملتقى التي أفضت إلى تحديد طريقة العمل المثلى، على ضوء تجربة بعض المشاركين فيه وخبرتهم ومساهمتهم في حالات مشابهة»، وتابع «يأتي هذا إلى جانب خبرة مشاركين من نخبة الباحثين المختصين محلياً ودولياً في مجال التراث بصفة عامة، وغير المادي منه بصفة خاصة، بالإضافة إلى مجموعة من الجلسات التي تناولت معايير تصنيف المحميات الثقافية غير المادية وشروط اعتمادها من طرف اليونسكو، ومركزية التراث في صياغة البعدين التاريخي والحضاري لمدينة الشارقة، وإبراز البعد التاريخي للشارقة مع بيان دور القواسم فيها، والقيمة التاريخية للتراث العمراني للشارقة، وتقارير المسح البريطاني، والبعدين الثقافي والتراثي وتأثيرهما في السياحة».

الشارقة القديمة

نوه المسلم بأن ساحة الشارقة القديمة «تعد بما تضمه من معالم تراثية قديمة تتوزع ما بين أسواق ومتاحف وجمعيات وغيرها، وما تنظمه من فعاليات ثقافية تراثية واسعة تتقدمها أيام الشارقة منذ ثماني سنوات، أحد أبرز معالم هذا التراث غير المادي»، وبين أن اليونسكو قامت بتعريف هذا التراث على أنه، «الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحياناً الأفراد جزءاً من تراثها الثقافي»، وهذا التراث غير المادي المتوارث من جيل إلى جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة، بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الاحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية، وتعد أيام الشارقة التراثية منذ انطلاقها في العام ،2003 مثالاً لهذه الإبداعات، وفقاً لمسلم.

التراث غير المادي

قال المسلم إن منظمة اليونسكو «تحرص للموافقة على التصنيف ضمن التراث غير المادي، على ضرورة توفير ضمانات غير حكومية تكون نابعة من أفراد المجتمع والجمعيات غير الرسمية ذات النفع العام»، مؤكداً أن «مفهوم التراث الثقافي غير المادي لا يقتصر على النُصُب والأغراض المادية التي تملكها الدولة فحسب، بل يشمل أشكال التعبير الحية والتقاليد التي ورثتها أعداد لا تُحصى من المجموعات والمجتمعات حول العالم من أسلافها ونقلتها الى أبنائها بأسلوب شفهي في أغلب الأحيان»، وأضاف «الأمر الذي تؤكده اتفاقية بشأن صون التراث الثقافي غير المادي، التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في دورته الثانية والثلاثين في عام ،2003 لاعتبارات عدة تتمحور حول الدور القيم للغاية للتراث غير المادي في التقارب والتبادل والتفاهم بين البشر، وضرورة تعزيز الوعي خصوصاً بين الأجيال الناشئة، بأهمية التراث الثقافي غير المادي وبأهمية حمايته»، ولأن الاتفاقات والتوصيات والقرارات الدولية القائمة بشأن التراثين الثقافي والطبيعي ينبغي إثراؤها واستكمالها على نحوٍ فعال، بأحكام جديدة تتعلق بالتراث الثقافي غير المادي، حسب المسلم.

وأوضح المسلم أن هذه الاتفاقية «تعد بمثابة المرشد والدليل الذي يتضمن الشروط والمعايير الواجب توافرها في ملف طلب تسجيل الشارقة القديمة محمية للتراث غير المادي وضمها إلى لائحة مواقع التراث الإنساني لديها، والتي يقوم بمعظمها إدارة التراث في الشارقة، والمتجسدة بشكلٍ واضح في الشارقة القديمة بكل مرافقها».

ومن هذه الشروط كما ذكر المسلم «العمل من أجل ضمان الاعتراف بالتراث الثقافي غير المادي واحترامه والنهوض به في المجتمع، خصوصاً عن طريق برامج تثقيفية للتوعية ونشر معلومات موجهة للجمهور، خصوصاً الشباب، وبرامج تعليمية وتدريبية محددة في إطار الجماعات والمجموعات المعنية، وأنشطة لتعزيز القدرات في مجال صون التراث غير المادي، لاسيما في مجال الإدارة والبحث العلمي، واستخدام وسائل غير نظامية لنقل المعارف»، وأوضح «العمل على إعلام الجمهور باستمرار بالأخطار التي تتهدد هذا التراث، وبالأنشطة التي تنفذ تطبيقاً لهذه الاتفاقية، وتعزيز أنشطة التثقيف من أجل حماية الأماكن الطبيعية وأماكن الذاكرة، التي يعتبر وجودها ضرورياً للتعبير عن التراث غير المادي».

وتهدف الاتفاقية التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في دورته الثانية والثلاثين عام ،2003 بشأن صون التراث الثقافي غير المادي، إلى صون التراث الثقافي غير المادي، واحترام التراث الثقافي غير المادي للجماعات والمجموعات المعنية وللأفراد المعنيين كذلك، والتوعية على الصُعد المحلي والوطني والدولي بأهمية التراث الثقافي غير المادي وأهمية التقدير المتبادل لهذا التراث، والتعاون الدولي والمساعدة الدولية في هذا الشأن.

تويتر